تفسير العهد الجديد

2 بطرس

الأصحاح الأول ملكوت السماوات

 الأصحاح الثاني ظهور المعلمين الكذبة

الأصحاح الثالث مجيء المسيح الثاني

حمل هذا الكتاب

عودة للصفحة الرئيسية

الأصحاح الثالث

مجيء المسيح الثاني

1. الكتاب المقدس يركز حوله مجيئه 1-2.

2. المبتدعون ينكرون مجيئه 3-10.

3. واجباتنا تجاه مجيئه 11-14.

4. الختام 15-18.

1. الكتاب المقدس يركز حوله مجيئه

"هذه أكتبها الآن إليكم رسالة ثانية أيها الأحباء،

فيهما أنهض بالتذكرة ذهنكم النقي،

لتذكروا الأقوال التي قالها سابقًا الأنبياء القديسون

ووصيتنا نحن الرسل وصية الرب والمخلص" [2].

كما سبق وأكد الرسول في الأصحاح الأول عاد هنا ليخبرهم أن هذه الرسالة الثانية أيضًا لا تأتي بجديد، بل يحثهم بخصوص "مجيء الرب الثاني" الذي هو:

1. سبق الأنبياء فأنبأوا عن مجيئه.

2. أوصى الرب به (مت 24: 26-29؛ مر 13: 35-37؛ لو 12: 40).

3. أوصى به الرسل والتلاميذ (1 تس 5: 2-4).

هذه هي غاية كلمة الله في العهدين أن ننتظر مجيء الرب ونلتقي به ومعه إلى الأبد.

2. المبتدعون ينكرون مجيئه

"عالمين هذا أولاً أنه سيأتي في آخر الأيام قوم مستهزئون،

سالكين بحسب شهوات أنفسهم.

قائلين أين هو موعد مجيئه،

لأنه من حين رقد الآباء كل شيء باق هكذا من بدء الخليقة" [3-4].

لقد سبق فتأكدنا من قيام أناس مستهزئين تدفعهم شهواتهم الخاصة إلى إنكار الوحي الإلهي وإنكار القيامة والدينونة. وكما يقول القديس أغسطينوس أن وراء كل إلحاد شهوة، وذلك لكي يهدئ الإنسان ضميره ويستبيح لنفسه أن يفعل هواه.

وهنا يقدم الرسول الردود التالية مؤكدًا مجيئه الثاني:

1. الخلقة والطوفان

"لأن هذا يخفي عليهم بإرادتهم أن السماوات كانت منذ القديم،

والأرض قائمة من الماء وبالماء، اللواتي بهن العالم الكائن،

حينئذ فاض عليه الماء فهلك،

وأما السماوات والأرض الكائنة الآن

فهي مخزونة بتلك الكلمة عينها،

محفوظة للنار إلى يوم الدين وهلاك الناس الفجّار" [5-7].

وكما يقول القديس أغسطينوس بأن الرسول لم يذكر شيئًا في هذا الفصل (1-13) عن قيامة الأموات مركزًا إثبات الأدلة على دمار العالم.

فإذ يقولون أن كل شيء باق من بدء الخليقة نسوا أنه "بكلمة الرب صُنعت السماوات وبنسمة فيه كل جنودها". نسوا أن الخالق أيضًا سمح بالطوفان، فأهلك في القديم من هم على الأرض (تك 7: 11)، وهذه صورة مبسطة للهلاك المنتظر الذي يحل بالفجّار.

2. عدم خضوع الله للزمن

"ولكن لا يخفى عليكم هذا الشيء الواحد أيها الأحباء،

أن يومًا واحدًا عند الرب كألف سنة، وألف سنة كيومٍ واحٍد" [8].

يخضع الإنسان للزمن لهذا يتعجل الأمور، أما الله فلا يخضع للزمن بل فوق حدوده، إذ كل الأمور مكشوفة قدامه. فلا عجب أن حسب الخلقة من آدم حتى يوم مجيئه بيومٍ واحد (مت 20: 8). ويقول المرتل "لأن ألف سنة في عينيك مثل يوم أمس" (مز 90: 4).

وقد استخدم الأب لانكتانتيوس هذا النص في إثبات أن ستة أيام الخليقة لا نعني اليوم العادي أي 24 ساعة.

3. طول أناة الله

عدم مجيء الرب إلى يومنا هذا ليس تباطؤًا منه، لكن طول أناة علينا، لعلنا نرجع ونتوب، لأنه يريد خلاص الجميع. وكما يقول الرسول: "لا يتباطأ الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ، لكنه يتأنى علينا، وهو لا يشاء أن يهلك أناس، بل أن يقبل الجميع إلى التوبة. ولكنه سيأتي كلص في الليل يوم الرب الذي فيه تزول السماوات بضجيج، وتنحل العناصر محترقة، وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها" [9-10].

فيوم الرب بالنسبة للأشرار يكون كلصٍ يباغتهم في الليل، في وسط ظلمتهم، أما بالنسبة للأبرار فيكون يوم عرسٍ تزف فيه النفوس مع عريسها السماوي.

وقد وُجد هجوم عنيف ضد هذا القول كيف تنحل العناصر محترقة؟ ولكننا نشكر الرب لأننا في هذا العصر رأينا كيف تنحل الذرة وتحدث احتراقًا، بل وصار لدى بعض الدول إمكانية لإبادة الأرض محترقة بالقنابل الذرية.

ويوضح القديس أغسطينوس أن "السماوات" هنا تعني السماوات المادية أي الكواكب... وليس السماء بمعنى عرش الله الأبدي.

3. واجبات تجاه مجيئه

إن كان الكتاب كله يدور حول لقائنا مع الرب، ويوجه أنظارنا تجاه الأبدية فلا يكفي أننا نرفض أقوال المبتدعين بل كما يقول الرسول:

"فبما أن هذه كلها تنحل،

أي أناس يجب أن تكونوا أنتم،

في سيرة مقدسة وتقوى" [11].

إننا راحلون فلنتهيأ بالسيرة المقدسة التي تليق بالأبدية. فانحلال السماء والأرض ليس موضوع رعب لنا، بل موضوع رجاء.

"منتظرين وطالبين سرعة مجيء الرب،

الذي به تنحل السماوات ملتهبة والعناصر محترقة تذوب" [12].

لننتظر "الرجاء المبارك وظهور مجد الله العظيم ومخلصنا يسوع المسيح" (تي 2: 13). وهذا الرجاء يبعث في الكنيسة شوقًا لحياة القداسة، وشوقًا لمجيء الرب، طالبة كل يوم "ليأت ملكوتك" محبة لظهوره ( 2تي 4: 8)، مناجية إيّاه على الدوام "تعال أيها الرب يسوع" (رؤ 22: 20).

"ولكننا بحسب وعده،

ننتظر سماوات جديدة، وأرضًا جديدة، يسكن فيها البر" [13].

تنتظر العروس منزل الزيجة لتلتقي بعريسها في اتحاد عجيب! تنتظر سماوات جديدة، أي غير مادية بل أورشليم السماوية (رؤ 21: 2) التي هي موضوع رجاء الكل (عب 11: 10)، لهذا لا تكف عن الجهاد من أجلها!

"لذلك أيها الأحباء إذ أنتم منتظرون هذه،

اجتهدوا لتوجدوا عنده بلا دنس ولا عيب في سلام" [14].

هذا الرجاء، يدفع الكنيسة للمثابرة للتدرب على يدي الرب القدوس وبنعمته وبروحه يحضرها "لنفسه كنيسة مجيدة لا دنس فيها ولا غضن أو شيء من مثل ذلك، بل تكون مقدسة وبلا عيب" (أف 5: 27).

وكما قال الرائي: "لنفرح ونتهلل ونعطه المجد، لأن عرس الخروف قد جاء وامرأته هيّأت نفسها. وأُعطيَت أن تلبس بزًّا نقيًا بهيًا، لأن البر هو تبرّرات القديسين" (رؤ 19: 7-8). وكما قال: "رأيت المدينة المقدسة أورشليم الجديدة، نازلة من السماء من عند الله، مهيأة كعروس مزينة لرجلها" (رؤ 21: 2).

4. الختام

"وأحسبوا أناة ربنا خلاصنا كما كتب إليكم أخونا الحبيب بولس أيضًا،

بحسب الحكمة المعطاة له،

كما في الرسائل كلها أيضًا متكلمًا فيها عن هذه الأمور،

التي فيها أشياء عسرة الفهم يحرفها غير العلماء وغير الثابتين كباقي الكتب أيضًا لهلاك أنفسهم.

فأنتم أيها الأحباء، إذ قد سبقتم فعرفتم،

احترسوا أن تنقادوا بضلال الأردياء،

فتسقطوا من ثباتكم.

ولكن انموا في النعمة،

وفي معرفة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح،

له المجد الآن وإلى يوم الدهر. آمين" [15-18].

نهاية الأمر وغايته أن ننتتفع من طول أناة الله لأجل خلاصنا بنمونا في النعمة وفي معرفة ربنا، أي كلما طال الزمن لننمو أكثر فأكثر ولا نخمل.

هذه الأمور سجلها الرسول بولس وهو يدعوه أخاه الحبيب مع أن الرسول بولس اضطر أن يوبخه (غل 2: 2). لكن البعض حرّف أقوال الرسول بولس، إذ ظنّوا أن القيامة ستتم في أيامهم كأهل تسالونيكي، بل وفهم ذلك أهل كورنثوس من رسالته الأولى حتى أنهم كفّوا عن العمل منتظرين مجيئه، والبعض استهزءوا بقوله مناديًا ان ما قاله الرسول من جهة القيامة لم يتم، لذلك أرسل رسالته الثانية.

1 هذه اكتبها الان اليكم رسالة ثانية ايها الاحباء فيهما انهض بالتذكرة ذهنكم النقي
2 لتذكروا الاقوال التي قالها سابقا الانبياء القديسون و وصيتنا نحن الرسل وصية الرب و المخلص
3 عالمين هذا اولا انه سياتي في اخر الايام قوم مستهزئون سالكين بحسب شهوات انفسهم
4 و قائلين اين هو موعد مجيئه لانه من حين رقد الاباء كل شيء باق هكذا من بدء الخليقة
5 لان هذا يخفى عليهم بارادتهم ان السماوات كانت منذ القديم و الارض بكلمة الله قائمة من الماء و بالماء
6 اللواتي بهن العالم الكائن حينئذ فاض عليه الماء فهلك
7 و اما السماوات و الارض الكائنة الان فهي مخزونة بتلك الكلمة عينها محفوظة للنار الى يوم الدين و هلاك الناس الفجار
8 و لكن لا يخف عليكم هذا الشيء الواحد ايها الاحباء ان يوما واحدا عند الرب كالف سنة و الف سنة كيوم واحد
9 لا يتباطا الرب عن وعده كما يحسب قوم التباطؤ لكنه يتانى علينا و هو لا يشاء ان يهلك اناس بل ان يقبل الجميع الى التوبة
10 و لكن سياتي كلص في الليل يوم الرب الذي فيه تزول السماوات بضجيج و تنحل العناصر محترقة و تحترق الارض و المصنوعات التي فيها
11 فبما ان هذه كلها تنحل اي اناس يجب ان تكونوا انتم في سيرة مقدسة و تقوى
12 منتظرين و طالبين سرعة مجيء يوم الرب الذي به تنحل السماوات ملتهبة و العناصر محترقة تذوب
13 و لكننا بحسب وعده ننتظر سماوات جديدة و ارضا جديدة يسكن فيها البر
14 لذلك ايها الاحباء اذ انتم منتظرون هذه اجتهدوا لتوجدوا عنده بلا دنس و لا عيب في سلام
15 و احسبوا اناة ربنا خلاصا كما كتب اليكم اخونا الحبيب بولس ايضا بحسب الحكمة المعطاة له
16 كما في الرسائل كلها ايضا متكلما فيها عن هذه الامور التي فيها اشياء عسرة الفهم يحرفها غير العلماء و غير الثابتين كباقي الكتب ايضا لهلاك انفسهم
17 فانتم ايها الاحباء اذ قد سبقتم فعرفتم احترسوا من ان تنقادوا بضلال الاردياء فتسقطوا من ثباتكم
18 و لكن انموا في النعمة و في معرفة ربنا و مخلصنا يسوع المسيح له المجد الان و الى يوم الدهر امين