منتدى الفرح المسيحى

منتدى الفرح المسيحى (https://www.chjoy.com/vb/index.php)
-   قسم الموضوعات المسيحية المتكاملة (https://www.chjoy.com/vb/forumdisplay.php?f=58)
-   -   موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس (https://www.chjoy.com/vb/showthread.php?t=465937)

Mary Naeem 21 - 12 - 2016 04:43 PM

موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
القرعة تتباهى بشعر بنت أختها


قد نضحك من منطوق هذا المثل، لكنه يحوي الكثير مما نحتاج لأن نتعلّمه.
“القرعة” بالعامية المصرية هي المرأة التي بلا شعر (أو شعرها قليل، عكس المعتاد في النساء). ويُقال المثل عندما يتفاخر شخص بما يملكه غيره أو يميّزه، بصفة خاصة إذا كان واضحًا أن المفتخر لا يملك ما يتفاخر به.

ففي داخل الإنسان رغبة لا تقاوَم أن يفتخر، بشيء أو بشخص، سواء كان هذا الافتخار يستحق أو لا يستحق. ولعل هذا يفسر مثلاً ارتباط شخص بفريق رياضي يشجعه، فيتفاخر به وبلاعبيه وانتصاراته كما لو كانت تخصّه شخصيًا! أو لعله يتفاخر بأنه يعرف “فلان” أو يسكن بالقرب من “علان”.
والأمر أيضًا يحدث في المجال الروحي بكل أسف. ففي رسالة كورنثوس الأولى كان الرسول بولس يعالج افتخار أناس به وآخرون بأبولوس، فقال لهم «لاَ يَنْتَفِخَ أَحَدٌ لأَجْلِ الْوَاحِدِ عَلَى الآخَرِ (أي لا ينتفخ بالكبرياء، ويتحزب في صف واحد ضد الآخر)». ثم يصدمنا بأن يعمم الأمر قائلاً: «أَيُّ شَيْءٍ لَكَ لَمْ تَأْخُذْهُ؟ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ أَخَذْتَ، فَلِمَاذَا تَفْتَخِرُ كَأَنَّكَ لَمْ تَأْخُذْ؟ (أي أن كل ما عندك، أعطاه الله لك. وإن كان قد أعطى لك، فلماذا تفتخر كأنك صاحب الفضل فيه؟)» (١كورنثوس٤: ٥، ٦).

هذا يعلمنا درسًا أعمق؛ فحتى ذكائي، وعلمي، ومواهبي، ومستواي الاجتماعي، وشكلي، وقوتي، وإمكانياتي المادية، ومركزي؛ كل هذه الأشياء التي ترتبط بـ“ياء الملكية”، هي منحة وهبها لي إله كل نعمة، واستأمنني عليها كوكيل وليس كمالك. فمن أين لي أن أفتخر بأشياء لست أنا مصدرها؟َ وكلها ذاهبة إلى الفناء سريعًا!!

في المقابل، لنا مصادر للافتخار أصبحت - بفضل كمال عمل المسيح لأجلنا - ملكًا لنا ولا يمكن أن تُنزع منا أبدًا، فلنتمسك بها:
«هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: لاَ يَفْتَخِرَنَّ الْحَكِيمُ بِحِكْمَتِهِ، وَلاَ... الْجَبَّارُ بِجَبَرُوتِهِ، وَلاَ... الْغَنِيُّ بِغِنَاهُ. بَلْ بِهذَا لِيَفْتَخِرَنَّ الْمُفْتَخِرُ: بِأَنَّهُ يَفْهَمُ وَيَعْرِفُنِي أَنِّي أَنَا الرَّبُّ الصَّانِعُ رَحْمَةً وَقَضَاءً وَعَدْلاً فِي الأَرْضِ» (إرميا٩: ٢٣-٢٤).

«وَنَفْتَخِرُ عَلَى رَجَاءِ مَجْدِ اللهِ. وَلَيْسَ ذلِكَ فَقَطْ، بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضًا فِي الضِّيقَاتِ، عَالِمِينَ أَنَّ (الله عاملاً من خلال) الضِّيقَ (يشكل فيَّ، فـ) يُنْشِئُ صَبْرًا، وَالصَّبْرُ تَزْكِيَةً، وَالتَّزْكِيَةُ رَجَاءً، وَالرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي، لأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا... وَلَيْسَ ذلِكَ فَقَطْ، بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضًا بِاللهِ، بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي نِلْنَا بِهِ الآنَ الْمُصَالَحَةَ» (رومية٥: ٢-٤، ١١). وأمام الافتخار به يختفي كل افتخار عداه.

Mary Naeem 21 - 12 - 2016 04:43 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
من حفر حفرة لأخيه وقع فيها

مثل عربي شهير وله صورة عامية هي: “يا فاحت البير ومغطيه لا بد من وقوعك فيه”. والمقصود بالمثل أن أولئك الذين يدبِّرون المكائد للآخرين لا بد وأن يأتي اليوم، آجلاً أو عاجلاً، ويقعون في نفس الفخ الذي نصبوه لغيرهم.
تكرَّر هذا الأمر كثيرًا في قصص الكتاب المقدس، وهي قد كُتبت لتعليمنا وإنذارنا، فيجب علينا الالتفات إلى مضمونها ودروسها.
فهل ننسى قصة هامان الرديء (سفر أستير) الذي دبَّر مكيدته الشريرة لينتقم من مردخاي الرجل التقي، فدبَّر خطة مُحكَمة لصَلب مردخاي وإبادة شعبه بالكامل؟ ورغم دقة ترتيباته المذهلة، ورغم ختم قراراتها بختم المملكة الذي لا يمكن تغييره أو نقضه، إلا أن اليوم أتى سريعًا، لا ليتم قصده، بل ليُصلَب هامان نقسه على الخشبة العملاقة التي أعدَّها ليَصلِب عليها مردخاي.
كما ما زلنا نتذكر المكيدة التي أعدَّها الوزراء الحانقون على دانيآل للتخلص منه (دانيآل٦). فدبَّروا وخطَّطوا، وبحثوا نقاط الضعف والقوة، وخرجوا بخطتهم الشنعاء. ورغم أن المشهد بدا كما لو كانوا قد نجحوا، فأُلقي دانيآل في الجب، إلا أنه لم يُصَب بضررٍ، لأن الله حفظه لتقواه. وما إلا قليل حتى دارت الدائرة عليهم وأُلقي الكائدون في نفس الحفرة التي اقترحوها والتهمتهم الأسود على التوِّ فما عاد لهم أثرٌ.
يقول الحكيم عن الأشرار إنهم «يَأْكُلُونَ مِنْ ثَمَرِ طَرِيقِهِمْ، وَيَشْبَعُونَ مِنْ مُؤَامَرَاتِهِمْ» (أمثال١: ٣١)، فالقانون ثابت أن ما يزرعه الإنسان لا بد وأن يحصده أيضًا (غلاطية٦: ٧). كذلك يقول الحكيم «أَمَّا رَجُلُ الْمَكَايِدِ فَيَحْكُمُ عَلَيْهِ (من الرب). لاَ يُثَبَّتُ الإِنْسَانُ بِالشَّرِّ» (أمثال١٢: ٢-٣). فالرب الديان العادل لا بد من أن يوقع القضاء يومًا على رجل المكايد. اسمع ما قيل أيضًا «إِنْ رَأَيْتَ ظُلْمَ الْفَقِيرِ وَنَزْعَ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ فِي الْبِلاَدِ، فَلاَ تَرْتَعْ مِنَ الأَمْرِ، لأَنَّ فَوْقَ الْعَالِي عَالِيًا يُلاَحِظُ، وَالأَعْلَى فَوْقَهُمَا (أي الله)» (جامعة٥: ٨)، وهذا الأعلى هو صاحب القرار النهائي بعد كل عمل شر الإنسان.
لذا ليتنا نتعلم ألا نكون من هذه الفئة «ذُو الْمَكَايِدِ يُشْنَأُ (يكون مكروهًا)» (أمثال١٤: ١٧).
وإن كانت المكايد تُحاك حولنا، أو لنا، فليتنا نستمع القول: «انْتَظِرِ الرَّبَّ وَاصْبِرْ لَهُ، وَلاَ تَغَرْ مِنَ الَّذِي يَنْجَحُ فِي طَرِيقِهِ، مِنَ الرَّجُلِ الْمُجْرِي مَكَايِدَ» (مزمور٣٧: ٧). وقريبًا سيأتي ذاك الذي سيرسي العدل في الأرض.

Mary Naeem 21 - 12 - 2016 04:44 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
على رأي المثل

http://www2.0zz0.com/2010/05/05/16/833515754.jpg

قول إنجليزي شهير جدًا يعني أن ما يأتي بسهولة يضيع بسهولة. والغرض منه زرع فضيلة الاجتهاد في الإنسان وإقناعه أن الوصول لكل شيء بسهولة ما هو إلا حلم وخيال. وغالبًا كان يُقال لمرتادي صالات المقامرة الذين يبغون الثراء السريع، فربما أنهم يحصلون سريعًا وبسهولة على بعض الأموال ذات مرة، لكن بسهولة أيضًا يخسرونها في المرة الأخرى.

ورغم أنه من الممكن رصد استخدام هذا التعبير أدبيًا منذ أكثر من أربعة قرون، إلا أنه ما زال، بل وربما زادت أهميته، هذه الأيام. ففي أيامنا، التي سهلت فيها نسبيًا أشياء كالسفر والاتصالات والشراء وغيرها، إلا أنه يبقى أن كثير من الأشياء لا بد من الاجتهاد فيها كالنجاح والتفوق والفهم. والمشكلة أن كثير من الحالمين يعيشون وهم الحصول على كل الأشياء بسهولة. ومع توفر الميديا والتكنولوجيا، أصبح الوهم أكثر سهولة وانتشارًا. فترى واحد يعيش الوهم في ألعاب تحاكي الحياة العملية ليصل للبطولة والثراء وهو جالس أمام لوحة المفاتيح. وآخر ادعى الفهم لمجرد حصوله على بعض معلومات من محرك بحث على الإنترنت، ناسيًا أن هناك فرق كبير بين المعلومة والمعرفة والفهم. وغيره ينشد أمجادًا باطلة من بعض ضغطات الإعجاب (like) والكومنتات على مواقع التواصل الاجتماعي. وهناك من سمح لنفسه بتحقيق مكاسب غير مشروعة ليحقِّقها بسهولة. بينما يقول الكتاب «حَجَلَةٌ (أحد الطيور) تَحْضُنُ مَا لَمْ تَبِضْ (والنتيجة عندما يفقس البيض لن يكون لها شيء) مُحَصِّلُ الْغِنَى بِغَيْرِ حَقّ. فِي نِصْفِ أَيَّامِهِ يَتْرُكُهُ وَفِي آخِرَتِهِ يَكُونُ أَحْمَقَ!» (إرميا١٧: ١١).
ستبقى الأمور الهامة، وعلى رأسها النمو الروحي وخدمة الله، لا بديل عن الاجتهاد فيها. والكلمة “اجتهد” ومشتقاتها تتكرر في كلمة الله مرات يصعب حصرها، أكتفي بذكر التالي منها: «الرَّخَاوَةُ لاَ تَمْسِكُ صَيْدًا، أَمَّا ثَرْوَةُ الإِنْسَانِ الْكَرِيمَةُ فَهِيَ الاجْتِهَادُ... أَرَأَيْتَ رَجُلاً مُجْتَهِدًا فِي عَمَلِهِ؟ أَمَامَ الْمُلُوكِ يَقِفُ. لاَ يَقِفُ أَمَامَ الرَّعَاعِ!» (أمثال١٢: ٢٧؛ ٢٢: ٢٩).

Mary Naeem 21 - 12 - 2016 04:45 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
الغاية تبرر الوسيلة

هي عبارة شهيرة قالها الفيلسوف السياسي والكاتب الإيطالي الشهير “نيكولو ميكافيللي” حتى عُرفت باسمه، بل سُمّيَ المبدأ الذي وراءها بالمبدإ الميكافيللي. والعبارة منتشرة في شتى اللغات؛ فيًقال بالإنجليزية The end justifies the means، وفي العامية المصرية “اللي تكسب به إلعب به”. وهو مبدأ الغرض منه أن الغايات الحسنة تُبَرِّر الوسائل الشريرة، مبدأ ملأ الأدب العالمي ومن ورائه الفكر العام لدي الناس، فاشتهرت قصص مثل قصة “روبن هود” الفارس الذي كان يسرق الأغنياء ليُطعم الفقراء. ولأن الإنسان لا يقف عند حد في شرِّه؛ فقد تدهور استعمال هذا المبدأ حتى صار يُستخدم ليبرِّر أي وسيلة، مهما كانت مشبوهة، ما دامت تحقِّق الغرض المطلوب، بغض النظر عن ضررها أو لا أخلاقيتها.
أراد يومًا موسى أن يخلِّص شعبه من العبودية المؤلمة في مصر وقتها (خروج٢). فـ«خَرَجَ إِلَى إِخْوَتِهِ لِيَنْظُرَ فِي أَثْقَالِهِمْ». وإلى هنا والأمر حسن. لكن للأسف، الغاية النبيلة التي خرج لها لم تكتمل إذ اساء الوسيلة مستخدِمًا قوَّته الشخصية؛ فكانت النتيجة أن قتل مصريًا، وتدهورت القصة؛ فاضطر للهرب بعيدَا عن المشهد. لقد أراد الله أن يستخدمه مخلِّصًا لكن ليس بطريقة موسى، بل بطريقة الله. لذلك كان ينبغي أن يأخذه بعيدًا لأربعين سنة حتى يعلِّمه هذا الدرس، ويعيده من جديد ليستخدمه بطريقته. وإذ تعلم موسى أن يتبع طرق الله لتحقيق أغراض الله؛ كانت النتائج المجيدة والخلاص العظيم الذي استخدمه الله فيه.
قبله أيضًا حاول يعقوب أن يحصل على بركات كان الله يريد أن يعطيه أياها، لكنه قرَّر أن يحصل عليها بطريقته، فاستعمل الحيلة والمكر بل السرقة والخداع أيضًا. وما أفدح الثمن الذي دفعه حتى تعلَّم الدرس أن الغاية لا تبرر الوسيلة. وعندما تعلم أن يفعل الأمور بطريقة الله، كانت البركة.
وكم من كثيرين ساروا على نفس الدرب ودفعوا الثمن، بل وإن فتشنا في تاريخنا الشخصي لوجدنا في حياة كل منا هذا المبدأ كثيرًا، وكم دفعنا الثمن غاليًا.
على المؤمن الحقيقي أن يدرك أن الله رتب لحياتة خطة رائعة لخيره، وعلينا جميعًا أن ندرك جيدًا أن خطط الله لا يمكن أن تتم إلا بطرق تليق بالله وبالمبادئ التي تضمنها في كلمته، فحري بنا أن نستمع لنصيحة الحكيم «لاَ تَدَعِ الرَّحْمَةَ وَالْحَقَّ يَتْرُكَانِكَ... فَتَجِدَ نِعْمَةً وَفِطْنَةً صَالِحَةً فِي أَعْيُنِ اللهِ وَالنَّاسِ. تَوَكَّلْ عَلَى الرَّبِّ بِكُلِّ قَلْبِكَ، وَعَلَى فَهْمِكَ لاَ تَعْتَمِدْ. فِي كُلِّ طُرُقِكَ اعْرِفْهُ، وَهُوَ يُقَوِّمُ سُبُلَكَ. لاَ تَكُنْ حَكِيمًا فِي عَيْنَيْ نَفْسِكَ. اتَّقِ الرَّبَّ وَابْعُدْ عَنِ الشَّرِّ» (أمثال٣: ٢-٧).

Mary Naeem 21 - 12 - 2016 04:46 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
فات الكتير ومبقاش إلا القليل

مثل مصري يُقال للدلالة على قرب انتهاء شيء ما، غالبًا ما يكون مُتعِبًا، واقتراب نهايته المفرحة. فهو يُقال لمسافر أنهكه السفر وقارَب على وصول الوطن حيث يقابل الأهل والأحباء، أو لمتسابق يقترب من نقطة النهاية لينال الجائزة. وحسنٌ أن يُقال لطالب اجتهد في دراسة لسنة طويلة اقتربت نهايتها التي ينتظر فيها نجاحًا يُسر قلبه، لكنها بالطبع لا يحب أن يسمعه طالب أهمل السنة كلها ويرعبه يوم الامتحان.
والحقيقة التي نلمحها اليوم من كل ما يحدث حولنا أنه قد “فات القليل وما بقي إلا القليل”، الأمر الذي يذكره الرسول بولس «فَأَقُولُ هذَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ: الْوَقْتُ مُنْذُ الآنَ مُقَصَّرٌ (أي يقصر يومًا بعد يوم-أي ما بقى إلا القليل)، لِكَيْ يَكُون... وَالَّذِينَ يَشْتَرُونَ كَأَنَّهُمْ لاَ يَمْلِكُونَ، وَالَّذِينَ يَسْتَعْمِلُونَ هذَا الْعَالَمَ كَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَعْمِلُونَهُ. لأَنَّ هَيْئَةَ هذَا الْعَالَمِ تَزُولُ» (١كورنثوس٧: ٢٩-٣١). فالعالم مقتربٌ من نهايته، كل يوم يقرِّب هذه النهاية التي فيها يزول هذا العالم بكل صوره من مباهج ولمعان وفخامة ومبادئ، لذلك فهو ينصحنا أن نتعامل مع العالم كما لو كنا نستعمله مجرد استعمال عابر دون أن تتعلق قلوبنا به.
وفي سياق آخر يخاطب المؤمنين «هذَا وَإِنَّكُمْ عَارِفُونَ الْوَقْتَ... إِنَّ خَلاَصَنَا الآنَ أَقْرَبُ مِمَّا كَانَ حِينَ آمَنَّا. قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ». إنها حقيقة منطقية أن كل خطوة تقربنا من الوطن السماوي خطوة، وأن ظُلمة هذا العالم في طريقها للنهاية بمجيء الرب يسوع كوكب الصبح المنير؛ لذلك يحرضنا «أَنَّهَا الآنَ سَاعَةٌ لِنَسْتَيْقِظَ مِنَ النَّوْمِ... فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ. لِنَسْلُكْ بِلِيَاقَةٍ كَمَا فِي النَّهَارِ: لاَ بِالْبَطَرِ وَالسُّكْرِ، لاَ بِالْمَضَاجعِ وَالْعَهَرِ، لاَ بِالْخِصَامِ وَالْحَسَدِ. بَلِ الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ، وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيرًا لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ» (رومية١٣: ١١-١٤).
كذلك الرسول بطرس يحرِّضنا «وَإِنَّمَا نِهَايَةُ كُلِّ شَيْءٍ قَدِ اقْتَرَبَتْ، فَتَعَقَّلُوا وَاصْحُوا لِلصَّلَوَاتِ» (١بطرس٤: ٧)، فليتنا نفعل!
بقي تحذير لا بد منه لغير المستعدين. ففي مَثَل العشر عذارى إذ نقرأ «نَعَسْنَ جَمِيعُهُنَّ وَنِمْنَ. فَفِي نِصْفِ اللَّيْلِ صَارَ صُرَاخٌ: هُوَذَا الْعَرِيسُ مُقْبِلٌ، فَاخْرُجْنَ لِلِقَائِهِ!» ذات الصراخ الذي يكرِّره الروح القدس لنا اليوم. لكن غير المستعدات، إذ أتين متأخرات سمعن القول: «إِنِّي مَا أَعْرِفُكُنَّ»؛ لذلك يحذر الرب مثل هؤلاء قائلاً «فَاسْهَرُوا (أي كونوا مستعدين بقبول المسيح المخلِّص بالإيمان) إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْرِفُونَ الْيَوْمَ وَلاَ السَّاعَةَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا ابْنُ الإِنْسَانِ» (متى٢٥: ١-١٣).
ليتك قارئي تكون من المستعدين الذين إذ يسمعون قول الرب «نَعَمْ! أَنَا آتِي سَرِيعًا». يتجاوبون بالقول «آمِينَ. تَعَالَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ» (رؤيا٢٢: ٢٠).

Mary Naeem 21 - 12 - 2016 04:48 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
من يطارد عصفورين يفقدهما معًا

مثل متوفّر في لغات كثيرة؛ فيُقال بالإنجليزية “Chase two birds at the same time and you will lose both”، وبالفرنسية “Celui qui chasse deux oiseaux en même temps il les perd tous les deux”. ويقولونه أيضًا بالعامية المصرية “صاحب بالين كداب”. وهو يُقال للدلالة على ضرورة وجود أولويات في الحياة؛ فإنه لا يمكن أن يكون لك هدفان في الوقت ذاته، فمع أنه قد يحدث لوقتٍ أن يكونا معًا في اتجاه واحد، إلا أنهما لا بد يفترقا سريعًا؛ فتبدأ الحيرة ويأتي الارتباك، ولا تدري وراء أيهما تجري. ولأن الصيد يتطلب انتهاز الفرصة المواتية، وهي قصيرة للغاية، فالنتيجة أن العصفورين يطيران بعيدًا ويعود الصياد خالي الوفاض.

قديمًا علّمنا الرب درسًا لا بد أن نَعيه في أيامنا، حين قال: «لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ» (متى٦: ٢٤).

كان الرب يكلِّم أناسًا يعيشون بطريقة تركِّز على المال والتجارة والممتلكات، لدرجة جعلت قلوبهم تتعلق بها، فصارت تلك الأشياء تتحكم في طريقة تفكيرهم وقراراتهم وأولوياتهم، بل وكل تفاصيل حياتهم؛ وأصبحت لهم إلهًا يُعبَد ويُطاع. وقد يُستبدل المال بالنسبة للبعض بالعواطف أو الشهوات، أو الشهرة أو السلطة، أو... تعدَّدت الآلهة، ونازعت الله الحقيقي في قلوب البشر، ويبقى المبدأ واحدًا.

والحقيقة إن منطق الرب هنا واضح ومقنع؛ فبنفس منطق أنك لا يمكن أن تسير في طريقين في وقت واحد، وأنك لا يمكن أن تطارد عصفورين في وقت، لا يمكن أن يكون لك سيدين؛ فالسيد هو صاحب الأمر الوحيد ولا يمكن أن يكون له شريك، وإلا ما صار سيدا. يقولونها بالإنحليزية if He is not Lord in all, He is not Lord at all أي إن لم يكن الرب سيدًا في كل شيء فهو ليس سيدًا على الإطلاق.

وبعد توضيحٍ وافٍ للموضوع بكل أبعاده في متى٦، يعود الرب فيقول لنا «اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا (ما يسعى وراءه الآخرون) تُزَادُ لَكُمْ». فهل نفعل؟!

صلاة نحتاج أن نصليها مع من قالوا: «أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُنَا، قَدِ اسْتَوْلَى عَلَيْنَا سَادَةٌ سِوَاكَ. بِكَ وَحْدَكَ نَذْكُرُ اسْمَكَ» (إشعياء٢٦: ١٣).
إن فرصة الحياة قصيرة جدًا تحتاج لأن نًحسن استغلالها.

Mary Naeem 21 - 12 - 2016 04:49 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
غالي والطلب رخيص

يُقال في العامية المصرية، عندما يطلب شخص طلبًا من آخر، فإذا أراد الآخر أن يعبِّر عن قيمة الطالب عنده قاله له ليعلن له أن قيمته كشخص أغلى بكثير من أي تكلفة أو تعب في طلبه. البعض يقولها مجاملةً، أو قُل نفاقًا، بغية نوال شيء في المقابل أو في المستقبل. والبعض قد يقولونها ولا يعونها، كعادة اعتادها مجتمع. أما البعض الآخر فيقولها صادقًا واعيًا للمحبوب؛ قد تقولها أم لابنها، أو زوج لزوجته، أو صديق لصديقه المقرَّب.

ولستُ عن النوعين الأوَلين أتكلم، لكني أقصد النوع الأخير. وفي ذهني أكثر واحد يستحق أن تُقال له ويُعمل بها تجاهه. ذاك الذي منه الحياة، وبموته كانت لنا الحياة، الذي أعطى وما زال يعطي بلا حدود، والذي فاقت أفضاله عن أن تُعد عددًا وفاقت أي حصر إن قيست زمنًا. هل مثله يستحقها وقد أحبني وأسلم نفسه لأجلي؟ إن كل مؤمن حقيقي نال الخلاص به لا بد وأن يشاركني الرأي أن سيدي وإلهي المسيح هو أعظم من يستحقها. وأنَّ أمام حبه لنا، كل شيء يُقدَّم له يُعتبر رخيص؛ إذ شخصه هو الغالي.

قديمًا إبراهيم قدَّم اسحاق مع أنه محبوبه الغالي؛ لكن أمام حبه لإلهه كان كأنه يقول له “غالي والطلب رخيص”. قال المسيح يومًا «مَنْ أَحَبَّ أَبًا أَوْ أُمًّا أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي، وَمَنْ أَحَبَّ ابْنًا أَوِ ابْنَةً أَكْثَرَ مِنِّي فَلاَ يَسْتَحِقُّنِي» (متى١٠: ٣٧)، أما إبراهيم فأحب الرب أكثر من الكل.
وقالتها أرملة يومًا حين أعطت فلسين كانا كل ما تملك للرب؛ فقدَّرهما الرب أيَّما تقدير (متى١٢: ٤١-٤٤).
والأمثلة كثيرة بما لا تسمح المساحة، لكن لا يفوتني أن أذكر قصة ثلاثة أبطال كانوا حول داود (وهو صورة جميلة للرب يسوع) سمعوه يتمنى بصوت خفيض كأس ماء من مدينته بيت لحم؛ فلأنه غالٍ اعتبروا الطلب رخيص، رغم أنهم اضطروا للمغامرة بحياتهم ليحققوا هذه الأمنية.
فماذا سيكون ردك إذا طلب الرب منك اليوم شيئًا؟ ماذا إن طلب قلبك؟ وقتك؟ أو جهدك؟ أو أن تتخلى عن شيء ما؟ أو تذهب إلى مكان ما؟ أن تتألم من أجله؟ أن تحمل صليبك وتتبعه؟

هل هو الغالي الذي يرخص الكل أمامه؟
اسمع كيف عبَّر عنها بولس: «لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ تَحْصُرُنَا... وَهُوَ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ كَيْ يَعِيشَ الأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَامَ» (٢كورنثوس٥: ١٤-١٦).

Mary Naeem 21 - 12 - 2016 04:50 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
مسمار جحا

“جحا” شخصية شهيرة في الأدب العربي، ولها ما يشابهها في كثير من الآداب. لم يتفق الباحثون على من هو بالضبط، لكنهم اتفقوا على كونه شخصية كوميدية لها مواقفها الشهيرة، التي - مع طرافتها - لا تخلو من الحكمة والمثل وما نتعلمه.
أما مسماره فلا يَقِلّ شهرة عن جحا نفسه. وقصته أن جحا أراد يومًا أن يبيع داره، فاتفق مع المشتري على أنَّ الدار وكل ما فيه أصبح ملكه، ما عدا مسمارًا واحدًا مدقوقًا في حائط في وسط الدار ستبقى ملكيته لجحا نفسه! لم يُعِر الشاري الأمرَ اهتمامًا، على اعتبار أنه شيء زهيد. وأتم الصفقة وسكن الدار.

لم تمُرّ أيام كثيرة حتى وجد جحا يقرع الباب؛ فسأله :”ماذا تريد؟” فأجابه جحا: “جئت لأطمئن على مسماري”! فدعاه للدخول وقدَّم له واجب الضيافة. تكرَّر الأمر، وكان جحا يتعمَّد أن يأتي في أوقات الطعام فيُقاسم أصحاب البيت طعامهم! وفي مرة أطال المكوث، ثم خلع جُبَّته وفرشها على الأرض وتهيّأ للنوم، فاستشاط المشتري غضبًا، وصرخ فيه: “ماذا تنوي أن تفعل يا جحا؟!” فأجاب جحا بهدوء: “سأنام في ظل مسماري!!”
مع الأيام لم يستطع المشتري الاستمرار على هذا الوضع، وترك لجحا الدار بما فيها وهرب!!
وأصبح تعبير “مسمار جحا” يُطلق على من يستغل ثغرة صغيرة، أو عذرًا واهيًا، لتحقيق أغراض كبيرة، وكتحذير لكل من يستصغر أمور معينة وهو لا يدرك ما قد تنتجه في النهاية.

وأشهر من يستخدم هذا الأسلوب الخبيث هو الشيطان مع المؤمنين، حديثي الإيمان بصفة خاصة. فمع أنه لم يَبِع البيت (أي حياة المؤمن) بل انتُزع منه انتزاعًا بقوة نصرة المسيح بالموت والقيامة، لكن إبليس يظل يساوم أن يُبقي مسمارًا له في حياة المؤمن. قد يكون هذا المسمار عادة معينة تستهلك الوقت والطاقة ونقاء الذهن. قد يكون علاقة عاطفية في غير الوقت المناسب وفي غير مشيئة الله. قد يكون بعض التسليات التي قد تبدو بريئة لكن من شأنها إبعادي عن محضر الله وعن مبادئ كلمته. أو قد يكون صديق يملأ فكري ووقتي بما لا يمجِّد الله. قد يستعمل ابليس مسمارًا الأعصاب الحادة والغضب، أو مسمار مواقع التواصل الاجتماعية بشكل غير منضبط، أو المشاهدات غير المقدَّسة، أو مسمار محبة الامتلاك، أو الذات والكبرياء. تعدَّدَت المسامير، والاستراتيجية واحدة: مناورات إبليسية تنتهي بخسائر كثيرة.

لذا يحذرنا الكتاب بالقول «لاَ تُعْطُوا إِبْلِيسَ مَكَانًا (ولا مسمارًا)» (أفسس٤: ٢٧). ويعلمنا السبيل «فَاخْضَعُوا ِللهِ. قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ» (يعقوب٤: ٧). لذا لتكن طلبتنا باستمرار «خُذُوا لَنَا الثَّعَالِبَ، الثَّعَالِبَ الصِّغَارَ الْمُفْسِدَةَ الْكُرُومِ» (نشيد٢: ١٥).

Mary Naeem 21 - 12 - 2016 04:51 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
الكلام ليكي يا جارة

مثل مصري شهير وتعبير متداوَل على الألسنة ليصف استخدام الكلام غير المباشر، وعلى وجه التحديد أن يقول شخص لآخر كلام وهو يقصد أن يوصله لآخر، وأحيانًا بأن يردِّد واحد كلام كأنه كلام عام وهو يقصد به شخص محدَّد. أو هو ما يسمونه بالعامية المصرية أيضًا "حدف كلام".

والمعنى المباشر للمثل غير مقبول لدى كلمة الله التي تحكم تصرفات المسيحي الحقيقي. فقد علمنا الكتاب المقدس ألا يحمل كلامنا إلا معنى واحد: أن نقول ما نعني ونعني ما نقول، ونقوله لمن نقصد مباشرة بلا التواء. هذا متضمَّن في ما قصده يعقوب الرسول حين قال: «لِتَكُنْ نَعَمْكُمْ نَعَمْ، وَلاَكُمْ لاَ (أي كل كلمة لا تحمل إلا معناها)، لِئَلاَّ تَقَعُوا تَحْتَ دَيْنُونَةٍ» (يعقوب5: 12).

يريدنا الرب أن نكون «بُسَطَاءَ كَالْحَمَامِ» (متى10: 16)، كما قال «سِرَاجُ الْجَسَدِ هُوَ الْعَيْنُ، فَمَتَى كَانَتْ عَيْنُكَ بَسِيطَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ نَيِّرًا، وَمَتَى كَانَتْ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ يَكُونُ مُظْلِمًا» (لوقا11: 34). ومن مميزات عين الحمام أنها “بسيطة” أي عكس “مركبة”، وهي لا ترى إلا في اتجاه واحد، عكس كائنات كثيرة منها الإنسان ترى في أكثر من اتجاه في وقت واحد. وهذا هو معنى الكلمة اليونانية المستخدمة عن البساطة. تطبيقًا نقول إن البساطة لا تعني السذاجة بل هي عكس الالتواء أو “اللف والدوران”! وهكذا يريدنا السيد. ولاحظ أنه قال إن عكس “العين البسيطة” هو “العين الشريرة”، وهذا التقابل يوضح ما يقصده بقوة، فاختيارنا هو واحدة من اثنتين “البسيطة” أو “الشريرة”، فأي هي اختيارك؟!!

انتشر في الآونة الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن يقول أحدهم عبارة من العيار الثقيل يختمها “بهاشتاج” اشتهر استخدامه هو “#مقصودة”!! فهل نعيد النظر؟!!

دعني أذكِّرك بتحريضين من الرسول بولس لأحباء الرب وأحبائه: «اِفْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ بِلاَ دَمْدَمَةٍ وَلاَ مُجَادَلَةٍ، لِكَيْ تَكُونُوا بِلاَ لَوْمٍ، وَبُسَطَاءَ، أَوْلاَدًا ِللهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي وَسَطِ جِيل مُعَوَّجٍ وَمُلْتَوٍ، تُضِيئُونَ بَيْنَهُمْ كَأَنْوَارٍ فِي الْعَالَمِ» (فيلبي2: 14، 15). «وَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تُلاَحِظُوا الَّذِينَ يَصْنَعُونَ الشِّقَاقَاتِ وَالْعَثَرَاتِ... هؤُلاَءِ لاَ يَخْدِمُونَ رَبَّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحَ بَلْ بُطُونَهُمْ. وَبِالْكَلاَمِ الطَّيِّبِ وَالأَقْوَالِ الْحَسَنَةِ يَخْدَعُونَ قُلُوبَ السُّلَمَاءِ... وَأُرِيدُ أَنْ تَكُونُوا حُكَمَاءَ لِلْخَيْرِ وَبُسَطَاءَ لِلشَّرِّ» (رومية16: 17-19).

أخيرًا نقول إن الطريقة الإيجابية – ربما الوحيدة – للانتفاع بهذه المثل، أن نعتبر كل الأحداث التي تقع أمام عيوننا (وليس بالضرورة معنا) والأخبار التي تتنامى إلى آذاننا، والخدمات التي تصل إلى مسامعنا، كأنها رسالة موجَّهة لنا وفرصة للتعلم.


Mary Naeem 21 - 12 - 2016 05:00 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
الجواب ينقرى من عنوانه

“الجواب” يقصد به بالمصرية العامية “الخطاب”. وهذا التعبير المتداول، يعني أن الخطاب يُمكن التكهُّن بمحتواه من المظروف الخارجي والعناوين المكتوبة عليه، عنوان الراسل والمرسل إليه وطريقة كتابتهم. ويُقال هذا المثل للدلالة على أن المظهر الخارجي أو الانطباع الأول يوحي بالجوهر. ونحن نحتاج أن ننظر إلى هذا المثل من جانبين:فمن الجانب الأول، عندما ننظر لأمر ما، أو لشخص ما، فعلينا ألا نتعجل في إصدار الأحكام الفورية بناء على أول ما تراه عيوننا. فالرب سبق وحذَّر بالقول «لاَ تَحْكُمُوا حَسَبَ الظَّاهِرِ بَلِ احْكُمُوا حُكْمًا عَادِلاً» (يوحنا7: 24). فكثيرًا ما كان انطباعنا سلبيًا عن البعض بسبب “عدم استلطاف” أو كلمة أسأنا فهمها أو مظهر لك يلقَ قبولنا؛ ثم أثبتت لنا الأيام غير ذلك تماما. والعكس أيضًا صحيح، فكم من أشخاص انخدعنا في مظهرهم، فإذ بهم يتم فيهم قول الرب «تُشْبِهُونَ قُبُورًا مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً، وَهِيَ مِنْ دَاخِل مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ. هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَارًا، وَلكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِل مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْمًا» (متى23: 27-28). فلنتحذر إذًا من قراءة الخطاب من عنوانه فقط، بل دعونا نتفحص محتوياته قبل أن نكوِّن رأيًا في محضر الرب.
لكن من الجانب الآخر علينا أن نتذكر أننا «رِسَالَةُ الْمَسِيحِ»، «مَعْرُوفَةً وَمَقْرُوءَةً مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ» (2كورنثوس3: 2-3). فعلينا دائمًا أن نسأل أنفسنا: “ماذا يرى الناس فينا؟” بل لنكن مدققين بالأكثر ونسأل أنفسنا “ماذا يرى الناس في عنوان الجواب؟”. قال لنا السيد «أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ... فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ (عنوان الجواب)، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ» (متى5: 14-16). وقد شرح لنا الرسول بطرس الأمر بتفصيل قائلاً: «أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ كَغُرَبَاءَ وَنُزَلاَءَ، أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الشَّهَوَاتِ الْجَسَدِيَّةِ الَّتِي تُحَارِبُ النَّفْسَ، وَأَنْ تَكُونَ سِيرَتُكُمْ بَيْنَ الأُمَمِ حَسَنَةً، لِكَيْ يَكُونُوا، فِي مَا يَفْتَرُونَ عَلَيْكُمْ كَفَاعِلِي شَرّ، يُمَجِّدُونَ اللهَ فِي يَوْمِ الافْتِقَادِ، مِنْ أَجْلِ أَعْمَالِكُمُ الْحَسَنَةِ الَّتِي يُلاَحِظُونَهَا» (1بطرس2: 11-12). فجدير بنا أن نراعي ذلك، ولنسأل أنفسنا إزاء كل قول أو فعل أو مظهر:
“ماذا سيقرأ الناس فينا كعنوان لرسالة الله لهم؟”

Mary Naeem 21 - 12 - 2016 05:01 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
اللي فات مات

مثل عامي مصري شهير، يُقال غالبًا عند المصالحة بين متخاصمين، فبعد مراضاة الطرفين وإتمام المصالحة يُطلب منهما أن ينسيا كل ما حدث فيما قبل حتى لا يعود أي منهما للمطالبة بحق أو بتأنيب الآخر.والحقيقة أن هذا مبدأ هام جدًا ينبغي أن يوضع في الاعتبار؛ فالمصالحة تتم بالغفران، والغفران يعني أن ننسى ما حدث من إساءات. هذا ما فعله يوسف مع إخوته الذين باعوه، إذ سامحهم، مع كونه في الموقف الأقوى، ناسيًا لهم كل ما فعلوه فيه، كما يخبرنا سفر التكوين.
والأهم أن الكتاب المقدس يطلب منا «مُسَامِحِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا إِنْ كَانَ لأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ شَكْوَى. كَمَا غَفَرَ لَكُمُ الْمَسِيحُ هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا» (كولوسي3: 13)، «مُتَسَامِحِينَ كَمَا سَامَحَكُمُ اللهُ أَيْضًا فِي الْمَسِيحِ» (أفسس4: 32). ولاحظ عُظم القياس «كَمَا سَامَحَكُمُ اللهُ». وعن مسامحة الله يقول «قَدْ مَحَوْتُ كَغَيْمٍ ذُنُوبَكَ وَكَسَحَابَةٍ خَطَايَاكَ» (إشعياء44: 22)، وَلاَ أَذْكُرُ خَطَايَاهُمْ وَتَعَدِّيَاتِهِمْ فِي مَا بَعْدُ» (عبرانيين8: 12).
فهل تمتعت قارئي العزيز بهذا الغفران الشامل النهائي؟ إنه لك إذا أنت قبلت المسيح المخلِّص الآن وأتيت إليه بتوبة حقيقية طالبًا غفرانه، فيمكنك عندئذ أن تترنم له مع من قال «مَنْ هُوَ إِلهٌ مِثْلُكَ غَافِرٌ الإِثْمَ وَصَافِحٌ عَنِ الذَّنْبِ... فَإِنَّهُ يُسَرُّ بِالرَّأْفَةِ. يَعُودُ يَرْحَمُنَا، يَدُوسُ آثَامَنَا، وَتُطْرَحُ فِي أَعْمَاقِ الْبَحْرِ جَمِيعُ خَطَايَاهُمْ» (ميخا 7: 18، 19).
وإن كنت قد تمتعت بالغفران، فهيا لتغفر لمن أسأ إليك كما فعل الله معك، فهو ينتظر منك ذلك.
كما أن هناك الكثير مما “فات” يجب أن يُنسى كما لو كان “مات” مثلما قال بولس «أَنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ وَأَمْتَدُّ إِلَى مَا هُوَ قُدَّامُ، أَسْعَى نَحْوَ الْغَرَضِ لأَجْلِ جَعَالَةِ دَعْوَةِ اللهِ الْعُلْيَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (فيلبي3: 13، 14). فنحتاج أن ننسى الماضي بانتصاراته وإخفاقاته، لكي نعيش الحياة التي ينتظرها الله منا.
أخيرًا نقول إنه إن كان الكثير مما فات يُنسى، فهناك ما لا يجب أن ننساه ونحن نردد لأنفسنا «بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، وَلاَ تَنْسَيْ كُلَّ حَسَنَاتِهِ» (مزمور103: 2).

Mary Naeem 21 - 12 - 2016 05:02 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
الحلو ميكملش

مثل عامي مصري شهير، يقولونه عندما يكتشفون عيبًا في شيء جميل، فيكون بمثابة صدمة لهم أن هذا الجميل، أو "الحلو"، لم يكتمل في مزاياه كما كانوا يتوقعون. وفي الواقع هذه قاعدة علمية، وحقيقة اختبارية أيضًا.
فعلميًا، لا يوجد على وجه الأرض أي نظام طبيعي أو صناعي أو جهاز تصل كفاءته إلى 100%، فلا يمكن أن نتوقع إذًا ألاّ نجد له عيوبًا ونقائص وطاقة ضائعة وتوقعات خائبة.
أما اختباريًا، أو واقعيًا، فكم من مرة اشترينا سلعةً أو جهازًا كنا نتوقع منه الكثير، وربما أنفقنا عليه ما هو أكثر من طاقتنا؛ ثم لم تمر إلا فترة وجيزة حتى ابتدأت تتكشف لنا عيوبه، فأدركنا أن "الحلو ما يكملش". بل وكم مَرَّ في حياتنا من أحباء أو أصدقاء أو أشخاص كنا نعتبرهم أبطالاً وربما قدوة ومُثل عُليا، توقعنا منهم الكثير إلى حد الكمال، ثم كشفت لنا الأيام أن "الحلو ما يكملش". والأهم أننا كم صُدمنا في أنفسنا نحن، حين اكتشفنا عيوبنا الكثيرة وأن "الحلو ما يكملش".
لكن التاريخ شهد شخصية، واحدة وحيدة، حَوَت جميع أوصاف الكمال، قال عن نفسه «مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟» (يوحنا8: 46)، ولم يستطع أحدٌ أن يلومه على خطإ. بل قيل عنه ممن حاولوا أن يتصيدوا له هفوة «لَمْ يَتَكَلَّمْ قَطُّ إِنْسَانٌ هكَذَا مِثْلَ هذَا الإِنْسَانِ!» (يوحنا7: 46). وقال عنه آخر «لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ» (لوقا23: 41). وحين وُصف من أحبائه قيل عنه «حَلْقُهُ حَلاَوَةٌ وَكُلُّهُ مُشْتَهَيَاتٌ» (نشيد5: 16). إنه ربي ومخلّصي يسوع المسيح، والذي أصلي أن يكون لك أنت أيضًا كذلك.
والخبر الجميل أن كل من ارتبط بهذا العظيم الكامل يتمتع ببره «الْمَسِيحِ يَسُوعَ، الَّذِي صَارَ لَنَا حِكْمَةً مِنَ اللهِ وَبِرًّا وَقَدَاسَةً وَفِدَاءً» (1كورنثوس1: 30). فبالإيمان الحقيقي به يصير المؤمن "إنسانًا في المسيح" ويقول الكتاب «إِذًا لاَ شَيْءَ مِنَ الدَّيْنُونَةِ (أو الملامة) الآنَ عَلَى الَّذِينَ هُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (رومية8: 1)، فكما أن السائل في زجاجة نراه بلون الزجاجة، كذلك المؤمن في المسيح يراه الله «بِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ» (أفسس1: 4). وهكذا يمكننا أن نسعى، ونحن نعرف نظرة الله هذه، لنكون أفضل كل يوم، سائرين نحو حالة الكمال التي سنبلعها في السماء، ونحن نسبح «الْقَادِرُ أَنْ يَحْفَظَكُمْ غَيْرَ عَاثِرِينَ، وَيُوقِفَكُمْ أَمَامَ مَجْدِهِ بِلاَ عَيْبٍ فِي الابْتِهَاجِ، الإِلهُ الْحَكِيمُ الْوَحِيدُ مُخَلِّصُنَا، لَهُ الْمَجْدُ وَالْعَظَمَةُ وَالْقُدْرَةُ وَالسُّلْطَانُ، الآنَ وَإِلَى كُلِّ الدُّهُورِ. آمِينَ» (يهوذا24-25).

Mary Naeem 21 - 12 - 2016 05:03 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
العبد في التفكير والرب في التدبير

مثل عامي مصري شهير، يُقصد به أن العبد، أي الإنسان العابد لله أو الذي في علاقة معه، عليه أن يفكِّر ويخطِّط، ثم لا يقلق ويترك على الرب أن يدبِّر له الطريق والوسيلة لتنفيذ ما خطّط. والحقيقة أن كل من نصفي المثل جميل، لكن جمعهما معًا بهذه الطريقة لا يصح.
فالتفكير أمر جيد، والعقل نعمة امتاز بها الله بني البشر. ولقد أوصانا الكتاب بحسن استخدام الذهن، أي التفكير الواعي العاقل، في مواضع كثيرة (رومية12: 2؛ 1كورنثوس14: 20؛ أفسس4: 17؛ 1بطرس1: 13؛ 2بطرس3: 1). بل إن الرب نفسه فتح ذهن التلاميذ ليفهموا الكتب (لوقا24: 45). وبولس كرر كثيرًا كلمة “أحسب” و“احسبوا” (أي فكروا بطريقة معينة) (رومية6: 11؛ 8: 18؛....). كما يعلمنا الكتاب مبادئ عظيمة في التفكير مثل «وَمَنْ مِنْكُمْ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بُرْجًا لاَ يَجْلِسُ أَوَّلاً وَيَحْسِبُ النَّفَقَةَ، هَلْ عِنْدَهُ مَا يَلْزَمُ لِكَمَالِهِ؟ لِئَلاَّ يَضَعَ الأَسَاسَ وَلاَ يَقْدِرَ أَنْ يُكَمِّلَ، فَيَبْتَدِئَ جَمِيعُ النَّاظِرِينَ يَهْزَأُونَ بِهِ» (لوقا14: 28).
أما الشق الثاني، أي الاعتماد على الرب في تدبير الأمور، فكل ما بين ضفتي الكتاب يعلمنا ذلك، ولا تكفي الكتب الكثيرة لنتكلم عن القليل من تحريضات الكتاب وأمثلته على ذلك، أكتفي بواحدة «أَلْقِ عَلَى الرَّبِّ هَمَّكَ فَهُوَ يَعُولُكَ» (مزمور55: 22).
لكن الخطأ الفادح هو في تركيب وترتيب المثل بهذه الطريقة: فهو يعني أن يخطِّط الإنسان أولاً، بعقله وبالاستقلال عن الله، ووقتها، سيجد الرب يقوم بالتدبير، بغض النظر عن هذه الخطة وطبيعتها!! كما لو كان لدى الإنسان الحكمة الكافية ليُلم بكل الأمور فيضع هو الخطة ثم “يستخدم” الرب في تنفيذها!!
الحقيقة أننا كثيرًا خططنا وسبَّبنا لأنفسنا الأتعاب، وكثيرًا خططنا وعطَّل الله تخطيطنا بنعمته حتى لا نسبِّب لأنفسنا المزيد من الأوجاع والخسائر التي قد لا تعوَّض.
الواقع أن علينا أن نأخذ موقف المتعلِّم من الله الذي وعد «أُعَلِّمُكَ وَأُرْشِدُكَ الطَّرِيقَ الَّتِي تَسْلُكُهَا. أَنْصَحُكَ. عَيْنِي عَلَيْكَ» (مزمور32: 8)، ونتتلمذ في مدرسة كلمته التي تصيّر الجاهل حكيمًا (مزمور19: 7)، ونتعلم أن نفكر في محضره دون استقلال عنه، طالبين منه أن يقودنا للقول «تَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ» (رومية12: 2). يومها سنجد الله يفتح الأبواب ويرتب الأمور ويقودنا بطرقه الإلهية الرائعة.

Mary Naeem 21 - 12 - 2016 05:12 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك أستعجبك

مثل عامي مصري شهير، يُقال فيمن يردد أقوالاً عظيمة بينما أفعاله وسلوكياته عكس ذلك على خط مستقيم. وما أكثر من ينطبق عليهم هذا المثل في أيامنا هذه، فترى الناس تتغنى بالأخلاقيات والمًثل العليا وأحلى الكلمات، في أقوالهم ومناقشاتهم على الفيسبوك، ويرصِّعون كلامهم وصفحاتهم بأحلى الآيات الكتابية، فتترجى من خلال ذلك أن ترى عالمًا فاضلاً يكون هؤلاء سببًا فيه بحياتهم اليومية، لكن سرعان ما تُصدم من واقع أفعال وتصرفات في أماكن الدراسة والعمل أو في البيوت والتعاملات اليومية؛ فتندهش: هل من قال هو من فعل؟! وكَم من أناس نصّبوا أنفسهم قضاة للحق ثائرين له، يقرِّرون ما هو صواب ويًدْلون بدلوِهم في بئر الحق، ويعود الزمن فيكشف عكس ذلك. كان كذلك يهوذا بن يعقوب ولكنه انفضح بالدليل (تكوين 38)، وبالأسف يومًا فعل داود كذلك (2صموئيل12: 7) حتى كشف له الرب قلبه بوضوح وقاده للتوبة الحقيقية بدلاً من إدانة آخر، الأمر الذي نحتاجه اليوم جميعًا.
في الأساس، كلمة الله تعلمنا أن «كَثْرَةُ الْكَلاَمِ لاَ تَخْلُو مِنْ مَعْصِيَةٍ» (أمثال10: 19)، وليتنا نعي هذا المبدأ قبل أن نتفوَّه بكلمة. وكلمة الله، الكتاب المقدس، تمتدح وتعتبر من الأبطال من هو «كَثِيرُ الأَفْعَالِ» (2صموئيل23: 20)، وهذا ما ينتظره الرب منا أن نفعل أكثر مما نتكلم. ويكفي أن سيدنا الكريم علّمنا «إِنْ عَلِمْتُمْ هذَا فَطُوبَاكُمْ إِنْ عَمِلْتُمُوهُ» (يوحنا13: 17). فالله يريد أن الناس «يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ» (متى5: 16) قبل أن يسمعوا أي أقوال.
وعلينا ألا ننسى مبدأ «مِنْ فَمِكَ أَدِينُكَ» (لو19: 22) ونتحذر من الكلام الذي لا نعيشه، متذكرين أن الله يرى القلب ويحكم عليه، وأن الناس ترى الأفعال قبل الكلام. «وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ (أولاً، ثم) وَعَلَّمَ (ما يتطابق مع سلوكه وأفعاله)، فَهذَا يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ (إذ سيمجد الله ويوصل للناس بركة بلا حدود)» (مت5: 19). فليتنا نكون من هذا النوع!

Mary Naeem 21 - 12 - 2016 05:14 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
مَنْ شَبَّ على شَيءٍ شَابَّ عليه

”شبّ“ أي بدأ شبابه، و”شَابَ“ أي ظهر الشيب في شعره، ويُقصد بذلك ”وصل سن الشيخوخة“. وهذا المثل العربي الأصيل، يُقصَد به أن من تعوَّد على شيءٍ، أو تعلَّم شيئًا، في شبابه المبكِّر؛ أكمل حياته بنفس العادات، محتفظًا بما تعلَّم. وهناك مثل عربي آخر مقارب هو: ”العلم في الصغر كالنقش على الحجر“ يكمِّل معنى الأول.

ولا شك أن المثل يحمل لكل شابٍ تحريضًا هامًا: فشبابك هو أفضل وقت تتعلم فيه ما سينفعك في حياتك كلها. فعمر الشباب هو وقت التعلُّم، إذ مع مرور الوقت تَقِلّ القابلية للتعلم بسبب الانشغال بمسؤوليات كثيرة. فانتفع بهذا الوقت لتحصِّل ما يفيدك في حياتك الروحية (كدراسة كلمة الله، والقراءات الروحية...)، وفي حياتك العملية (كتعلم اللغات وبرامج الحاسب، وتنمية المواهب...). وشبابك أيضًا هو الوقت الذي تنمّي فيه عادات مفيدة تكون سبب نجاح وبركة لحياتك (كالمواظبة على الصلاة والاجتماعات الروحية، والاجتهاد كمبدإٍ في كل شيء، والالتزام...).

تعوَّد صموئيل على أن يصلّي وهو بعد صبي صغير، فظل طوال عمره رجل صلاة. وتعلَّم دانيآل الحكمة وهو فتى، فبقي إلى نهاية حياته، قرب التسعين، حكيمًا فهيمًا. تدرَّب داود على الترنيم وتسبيح الرب في مقتبل عمره، فما كف عن الترنيم طوال حياته، حتى نسمعه يقول للرب «اَلَّلهُمَّ، قَدْ عَلَّمْتَنِي مُنْذُ صِبَايَ، وَإِلَى الآنَ أُخْبِرُ بِعَجَائِبِكَ» (مزمور71: 17). طلب يوشيا الرب إله أبيه وهو فتى (2أخبار34: 3)، فسطر قصة حياة رائعة لمجد الله. ويقول بولس الرسول لتلميذه وابنه في الإيمان «وَأَنَّكَ مُنْذُ الطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ الْكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ، الْقَادِرَةَ أَنْ تُحَكِّمَكَ لِلْخَلاَصِ، بِالإِيمَانِ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ» (2تيموثاوس3: 15)، فغدا خادمًا للرب كل أيامه. وغالبية العظماء في كل المجالات، بدأوا في الصغر. فحسنًا تفعل أنت أيضًا، وتهتم بما يبقى، فغدًا يبدأ اليوم.

بقي تحذير واجب من إضاعة الوقت في ما لا ينفع ولا يبقى، فالوقت الذي يفوتك اليوم لن يعود ثانية. كما لا يفوتني أن أترك معك قول الحكيم: «فَاذْكُرْ خَالِقَكَ فِي أَيَّامِ شَبَابِكَ، قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَ أَيَّامُ الشَّرِّ أَوْ تَجِيءَ السِّنُونَ إِذْ تَقُولُ: لَيْسَ لِي فِيهَا سُرُورٌ» (جامعة12: 1).

Mary Naeem 21 - 12 - 2016 05:16 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
إذا لم تكن تعلم أين تذهب، فكل الطرق تؤدي إلى هناك

هل خرجت يومًا من بيتك وأنت لا تعلم إلى أين أنت ذاهب؟ إن حدث ذلك، فأي طريق ستختار؟ هل تذهب يمينًا أم يسارًا؟ أم تتساوى الطرق؛ فأي طريق يؤدي إلى أي مكان؟ أم أنه، من الأساس، من غير المقبول أن تخرج بلا هدف؟!

والمثل موضوعنا هذه المرة، يتحدَّث عن مثل هذه الحالة الغريبة. وهو يُقال عمن لا هدف له في حياته يحكم تصرفاته. ويعني المثل أنه لا يفرق أن يفعل فاقد الهدف أي شيء أو يتصرف أي تصرف؛ لأن عليه ألا يتوقع أيَّ ناتج إيجابي في كل الأحوال، وبالتالي فإن كل مشاويره هي هباء.

وروحيًا الأمر أخطر. هناك من تسألهم إلى أين هم ذاهبون بعد هذه الحياة، طالت أو قصرت؛ فتسمع منهم إجابات على شاكلة: ”لا أدري“، ”لا أريد أن أعرف“، ”لا يهم الآن“، ”يوم الله يعين الله“ ... فإن لم يكن من المنطقي أن تخرج من بيتك بلا هدف، فهل من المعقول أن تسعى صوب أبديتك دون أن تدري أين ستقضيها؟! إن الحياة على الأرض أقصر مما نعتقد، وأخبار كل يوم تؤكد أن نهايتها لا ترتبط بعمر صغير أو كبير؛ فعلينا أن نستعد لهذه النهاية، علينا أن يكون الهدف واضحًا أمامنا، فأبديتنا نحددها من هنا؛ بقبولنا للمسيح كمخلِّص شخصي، أو العكس.

وحتى بعد الإيمان وضمان الأبدية، يقول الحكيم: «بِلاَ رُؤْيَا يَجْمَحُ الشَّعْبُ» (أمثال29: 18)، أي إن سِرنا بلا هدف واضح للحياة، ستتخبط خطواتنا، ونترنح في سيرنا، ونجمح إلى حيث لا ينبغي أن نكون. سنكون كورقة تحملها الرياح. إن ما أعطى قيمة رائعة لحياة شخص مثل بولس الرسول هو شعاره العظيم «أَسْعَى نَحْوَ الْغَرَضِ» (فيلبي3: 14)، هذا الشعار الذي شكَّل قراراته وأثمر بحياته.

فهل لحياتك هدف؟ أم ما زلت تسير يمينًا ويسارًا فحسب؟ وهل هدف حياتك هذا يستحق أن تحيا من أجله؟

ليتك تجد مثل هذا الهدف، وتتمتع بحياة لها معنى!

Mary Naeem 21 - 12 - 2016 05:18 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
حبيبك يبلع لك الزلط وعدوك يتمنى لك الغلط

مثل مصري عامي يعبِّر عن حال كثيرين. والمقصود بهذا المثل أن من يحب واحد يتقبل كل أخطائه وعيوبه كأنها شيء طبيعي كالأكل، بينما من لا يحب واحد يتصيد له الأخطاء ويتمناها له. والحديث هنا عن ازدواجية المعايير، أو كما يسمونها الكيل بمكيالين.

قديمًا أوصى الرب شعبه قائلاً: «لاَ يَكُنْ لَكَ فِي كِيسِكَ أَوْزَانٌ مُخْتَلِفَةٌ كَبِيرَةٌ وَصَغِيرَةٌ» (تثنية25: 13) ، حيث كانوا يزنون بالميزان ذي الكفتين، فيضعون المراد وزنه في ناحية وفي الناحية الأخرى مكيال معروف الوزن. وكان لبعضهم عادة أن يحمل مكيالين للوزن الواحد (لنقل 1 كجم مثلاً)، واحد ثقيل (1100 جم مثلاً) يشتري به، والآخر خفيف (900 جم مثلاً) يبيع به. فمن ناحية، هذا غش، والرب يكرهه (أمثال11: 1)، يكرهه في كل مجالات الحياة، في الدراسة والعمل والعلاقات مع الآخرين. ومن ناحية أخرى، الله لا يحب الكيل بمكيالين، الذي هو موضوع مثلنا، وهذا ما يفعله الكثيرون.

لكن إن نظرنا لقدوتنا الكريم، ربنا يسوع المسيح، نسمعه يعلِّمنا «احْكُمُوا حُكْمًا عَادِلاً» (يوحنا7: 24)، والأهم أننا نراه يعمل ذلك. فنراه مثلاً في مَرة يمتدح بطرس على اعترافه الحسن فيقول له: «طوبى لك»، لأنه كان على صواب، لكن بعدها مباشرة أمام خطئه بمحاولته إثناء الرب عن الصليب، نجد الرب ينتهره «ابعد عني يا شيطان». لم يبلع لبطرس الزلط، بل أوضحه، لكن لنلاحظ أنه لم يكتفِ بذلك بل علَّمه الصواب شارحًا له الحق (متى16: 16-27). وفي مرة وهو يتكلم مع شخص لم يؤمن به وبم يرضَ أن يتبعه، نسمعه يقول «بالصواب أجبت» على إجابة صحيحة أجابها هذا الشخص (لوقا10: 28).

ليس من صالح أحبائنا أن نتغاضى عن أخطائهم، بل أن نساعدهم على إصلاحها. وليس من صالحنا أن نتجاهل صواب في من يخالفونا، فقد يكون في ما يقولون ما نتعلمه. ليتنا نتعلم أن نحكم على الأمور بناء على حقيقتها لا بناء على من صدرت منهم


Mary Naeem 21 - 12 - 2016 05:19 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
المية تكدب الغطاس

مثل مصري عامِّي شهير. و“المَيَّة” هي “الماء” بالعامية المصرية، ويُقصَد بها هنا البحر. والمعنى المباشر للمثل أنه إن قال واحد إنه “غَطَّاس” أو “سَبَّاح”، فعليه أن يُرِي مهارته في البحر، وعندئذ يثبت، أو ينفي (يكدِّب)، ما قاله. ويُقصَد بالمثل أن تحقيق الأمر في الواقع هو ما يثبت ما يقوله الإنسان عن نفسه أو ينفيه.

يتحدى الرسول يعقوب من يقول إن له إيمانًا أن يثبته، فيقول: «أَرِنِي إِيمَانَكَ بِدُونِ أَعْمَالِكَ، وَأَنَا أُرِيكَ بِأَعْمَالِي إِيمَانِي» (يعقوب2: 18). فإن كان الله يعرف القلوب ويفهمها جيدًا، لكن البشر لا يمكنهم إلا أن يروا الأدلة والإثباتات، أو بمعنى أصح: ثمر هذا الإيمان. إنه مبدأ عظيم قاله الرب نفسه في موعظته على الجبل: «مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ». فيمكنني أن أتيقَّن من نوع الشجرة عندما أرى ثمرها. واللافت للنظر أن الرب أردف في هذا السياق بالقول: «لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَارَبُّ، يَارَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ» (متى7: 16و21). فعلينا إذًا أن ننتبه!

وهكذا الأمر في شتى الأمور: يجب إثباتها عمليًّا.

فإن قلنا إننا “نُحِب” الآخرين، كما أوصانا الرب، فليتم فينا قول الكتاب: «لاَ نُحِبَّ بِالْكَلاَمِ وَلاَ بِاللِّسَانِ، بَلْ بِالْعَمَلِ وَالْحَقِّ» (1يوحنا3: 16).

أما إن قلنا إننا “نحب الرب”، وهو يستحق، فليكن شعارنا ما قاله الرسول بولس: «لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ تَحْصُرُنَا. إِذْ نَحْنُ نَحْسِبُ هذَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ وَاحِدٌ قَدْ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ، فَالْجَمِيعُ إِذًا مَاتُوا. وَهُوَ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ كَيْ يَعِيشَ الأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لِلَّذِي مَاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَامَ» (2كورنثوس5: 14-15).

لقد ملَّ الناس من أن يسمعوا كلامًا فحسب. إنهم يحتاجون أن يروا سلوكًا وأفعالأ وحياة. فإن أردنا أن نُقَدِّم شهادة حسنة عن ربنا الكريم، فلنستمع إلى ما قاله: «فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ... وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ (أولاً، ثم) وَعَلَّمَ، فَهذَا يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ» (متى5: 16، 19).

تحوَّلت حياتنا إلى كلام؛ في الحياة اليومية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. فلنكف! وهَيَّا لنعِش حياة تُعَبِّر عن طبيعتها.

Mary Naeem 21 - 12 - 2016 05:22 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
عُمر الشقي بقي

https://2.bp.blogspot.com/-40AHNQlMyk...0/Untitled.jpg

مثل مصري عامي شهير، اختلفوا في معناه، وبصفة خاصة في معنى كلمة “شقي”.

البعض اعتبرها بمعناها في اللغة العربية الفصحى، والشقي هنا هي من “الشقاء”، أي هو عكس السعيد. ويفهمون المثل عندئذ على أن من ظروفهم ليست جيدة حياتهم أطول من غيرهم!!
والبعض الآخر يفهم كلمة “شقي” بمعناها الدارج في العامية المصرية والتي تجمع في طياته معانٍ كثيرة مثل: كثرة الحركة والنشاط، المغامرة، الذكاء، إثارة المتاعب! ويقصدون بالمثل في هذه الحالة أن أصحاب هذه الصفة كثيرًا ما يتعرضون لحوادث أو أحداث صعبة، أو يغامرون مغامرة خطيرة، ويبقى عمرهم. فقد يُقال لواحد عَبَرَ الطريق من مكان خاطئ وكادت تصدمه سيارة مسرعة لكنه نجا. كما يقوله واحد مقبل على مغامرة غير محسوبة فينبهه أحدهم فيجيب عليه “ما تخافش.. عمر الشقي بقي”.
وسواء كنت ممن يفهمون المثل بهذه الطريقة أو تلك دعنى أذكِّرك بأن لا أحد عمره “بَاقي”، فلكل عمرٍ نهاية، وهذه النهاية تأتي أسرع مما نتوقع. كم من صغار أو كبار خرجوا ولم يعودوا، أو ناموا ولم يستيقظوا؟! يقول كاتب مزمور37، بعد أن يصف واحدًا “شقي” بأوصاف القوة والجبروت «عَبَرَ؛ فَإِذَا هُوَ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ»!!
قصيرة هي الحياة، فهل أنت مستعد لنهايتها؟! لا تصدق الخدعة، ولا تؤجِّل الخلاص.

وإن كنت تعتبر نفسك “شقيًا” بمفهوم الفصحى، حزين القلب، ربما بسبب خطاياك، أو بسبب ضغوط من الظروف، هل تسمح لي أن أخبرك عن شخص يريح القلب، شخص قال داعيًا كل من هو مثلك «تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ» (متى11: 28)، وكم من أشقياء اختبروا الراحة عنده، وأنت مدعو أن تنضم إليهم.
وإن كنت من أنصار المغامرة، على اعتبار أن عمر الشقي بقي، فبماذا تغامر؟ قد يُقبل أن تغامر بالقليل مما تملك، أو ببعض الوقت، لكن هل يُعقل أن تغامر بحياتك؟! بأبديتك؟! قال مرنم:
عمرك غالي ليه بتغامر بيه بخسارة؟! عمرك غالي ليه دي الأبدية جبارة؟!
هيا اضمن حياتك في المسيح، وعش سعيدًا، لن تخشى نهاية الحياة إن قصرت أو طالت.
الحياة هي المسيح.. فلا تعش بدونه.

Mary Naeem 21 - 12 - 2016 05:24 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
مش كل مرة تسلم الجرة

يعود هذا المثل إلى قصة، قد تكون واقعية أو رمزية، عن امرأة كانت تحمل جَرّة (الجرة هي إناء فخاري لجلب الماء من مصادر وجوده إلى أماكن استخدامه). سارت هذه المرأة في طريق زلقة، فاختلّ اتزانها ووقعت جرّتها، ولم تُصَب الجرة بسوء. حملت المرأة جرتها مرة أخرى لتسير في ذات الطريق من جديد. وهنا أتتها النصيحة أن تغيّر هذا الطريق المحفوف بالخطر، لأن الجرة إذا سقطت مرة أخرى فليس من ضامن أنها لن تنكسر.

ويُقال هذا المثل لمن يريد المجازفة بعمل شيء ما لمجرد أنه عمله من قبل ولم يحدث شيئًا (على الأقل في اعتقاده)، فينصحه قائل المثل أن هذا قد لا يتكرر فلا داعِ للمغامرة.

وكثيرون منا يحتاجون أن يستمعوا لهذا المثل بمفهوم أو بآخر. فهناك مَن “الجرة” بالنسبة له هي سنة دراسية يهمل فيها دروسه لأنه سبق أن أهمل ولم يرسب. ومن يضمن أن هذا يتكرر؟! أو قد تكون “الجرة” تصرُّف ما فيه مجازفة.
والأسوأ من هذا أن تكون هذه “الجرة” هي طهارتك وقداستك وحياتك الروحية بصفة عامة. فالكثيرون، في جهل، يكررون فعل خطايا معينة، معتقدين أنهم فعلوها من قبل ومرّت الأمور بسلام؛ فلا مانع إن هم فعلوها مرة أخرى. لا مانع من هذه المشاهدة أو ذاك الفعل ما دام الأمر قد مرَّ قبلاً. أقول لك أن الجرّة يومًا ستنكسر، والأمر قريبًا سينفضح، وزرع الشر لا بد له من حصاد مرير. فاحذر! وأضيف أنه حتى إن لم تنكسر الجرة في القريب، فلماذا تلطِّخها بأوحال الخطية فتصبح غير نافعة بل وضارة؟! لِمَ تضيِّع أحلى أيام عمرك في الشرور في حين أنه يمكنك أن تستثمرها لمجد الله؟!
أما أسوأ الكل فهو أن تكون هذه “الجرة” هي حياتك الأبدية، وتغامر بها في طريق التأجيل أو الاستهزاء بالخلاص المقدَّم لك. إذا سقطت هذه الجرّة ستنكسر ويكون كسرها هو فقدان الأبدية السعيدة المقدَّمة لك بمعرفة المسيح المخلِّص.
لا تغامر، فالخسران لا يعوَّض.

Mary Naeem 21 - 12 - 2016 05:25 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
لبَّس البوصة تبقى عروسة

البوصة هي نبتة من نبات البوص، وهي تشبه عصا جوفاء يمكن استخدامها في بعض الاستخدامات الخفيفة، لكنها لا تحتمل كثيرًا، وليس لها شكل جمالي.
وهذا المثل المصري الشعبي يُقصَد به أنه عن طريق الملابس، أو التجميل الخارجي للشيء، أو للشخص، يمكن أن يظهر كالعروسة، دلالة على الجمال والبهاء.

وما أكثر من يتبنون هذا المثل في حياتهم؛ فيهتمون بما يُرى خارجيًا فقط، ظانين أنه يعطيهم جمالاً في عيون الناس. فتجدهم يهتمون بملابسهم وماركاتها، والموبايل الذي يحملونه، والنظارة الشمسية التي يرتدونها، والعطر الذي يستخدمونه... الخ، كل ذلك ليداروا شعورًا عميقًا بالنقص. كما تجدهم يتجملون في تصرفاتهم أمام الناس لينالوا المدح؛ فواحد يظهر بمظهر مَن يُحسن الكلام ويفهم في كل الأمور، وآخر يتصنَّع اللطف؛ والسبب هو الشعور بعيوب داخليه لا يستطيعون تغييرها. والأدهى في المجال الروحي أن يدّعي الشخص الروحانية والإدراك الكتابي والخدمة والصلاة؛ وللأسف كل هذا يحجب خلفه الكثير من الخطايا المستترة عن عيون الناس، وليس عن عين الله بالطبع.
والغريب أن مثل هؤلاء يجيدون أن يظهروا لكل مجتمع بالمظهر الذي يناسبه. وهكذا يقضون العمر يرتدون هذا القناع تارة وذلك القناع تارة أخرى. وما أقل ما يعيشون في الحقيقة. حتى تختفي الحقيقة من حياتهم، ولا يبقى إلا الوهم والضلال. وما أردأ النهاية!
اسمع ما قاله الرب لمن يفعل مثل هذا: «وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ (الكوب) وَالصَّحْفَةِ (الصحن)، وَهُمَا مِنْ دَاخِل مَمْلُوآنِ اخْتِطَافًا وَدَعَارَةً. أَيُّهَا الْفَرِّيسِيُّ الأَعْمَى! نَقِّ أَوَّلاً دَاخِلَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ (أي القلب) لِكَيْ يَكُونَ خَارِجُهُمَا (الحياة كلها) أَيْضًا نَقِيًّا (نقاءً حقيقيًا وليس اصطناعيًا). وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُورًا مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً (هذا ما يراه الناس)، وَهِيَ مِنْ دَاخِل مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ (وهذا ما يراه الله، وهو الأهم). هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَارًا، وَلكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِل مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْمًا» (متى23: 25-28).
فدعني أسألك: لماذا تتصنع ويمكنك أن تعيش الحقيقة؟! لماذا تتظاهر بما ليس فيك، والرب على استعداد اليوم أن يأخذ “البوصة” ويجعلها بالحقيقة أحلى “عروسة” قلبًا وقالبًا؟ إنه يستطيع، ويريد، أن يغيِّرك تغييرًا شاملاً يبدأ من القلب، ليكون القلب نقيًا، ومن ثَمَّ كل الحياة رائعة. فهل تُقبل إليه الآن طالبًا «قَلْبًا نَقِيًّا اخْلُقْ فِيَّ يَا اَللهُ» (مزمور51: 10).

Mary Naeem 21 - 12 - 2016 05:27 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
الكدب مالوش رجلين

مثل مصري شهير، يُقصد به التنبيه بأن الكذب لا بد وأن ينكشف يومًا.
اتفق حنانيا وسفيره على الكذب في أمر ثمن الحقل الذي باعاه، ولكن الله كشف كذبهما سريعًا، والنتيجة كانت مرعبة (أعمال5). وكذب أبناء يعقوب عليه بادعائهم أن يوسف افترسه وحش، ومرت سنوات وكُشف الأمر إذ وجدوا أنفسهم أمام يوسف راكعون بعد سلسلة من المواقف المُرَّة التي أجازهم الرب فيها (تكوين 37؛ 43).
وفي سفر الأمثال نرى هذا المبدأ واضحًا في قوله «شَفَةُ الصِّدْقِ تَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ، وَلِسَانُ الْكَذِبِ إِنَّمَا هُوَ إِلَى طَرْفَةِ الْعَيْنِ (ينكشف سريعًا)»، كما يحذر من تحقيق أي مكاسب (سواء أدبية أم مادية) بالكذب «خُبْزُ (الذي تناله عن طريق) الْكَذِبِ لَذِيذٌ لِلإِنْسَانِ، وَمِنْ بَعْدُ يَمْتَلِئُ فَمُهُ حَصًى»، «جَمْعُ الْكُنُوزِ بِلِسَانٍ كَاذِبٍ، هُوَ بُخَارٌ مَطْرُودٌ لِطَالِبِي الْمَوْتِ (بترجمة أخرى: جمع الثروة عن طريق الكذب، بخار يتبدد وفخ مميت)» (أمثال12: 19؛ 20: 17؛ 21: 6).
وموقف الله من الكذب واضح: «كَرَاهَةُ الرَّبِّ شَفَتَا كَذِبٍ، أَمَّا الْعَامِلُونَ بِالصِّدْقِ فَرِضَاهُ» (أمثال12: 22؛ 6: 17). ولقد قرَّر الرب بفمه الكريم أن «إِبْلِيسُ... كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ» (يوحنا8: 44). وجدير بالذكر أن الله يرى الكذب موجَّهًا ضده هو مباشرة (كما في قصة حنانيا وسفيرة)؛ فالكاذب يعتقد أن “ليس من يراه”، وكأنه ضمنًا يعتبر أن الله نفسه لا يراه! لذلك لا عجب أن نقرأ «وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ، فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي». (رؤيا21: 8)، ويا له من مصير!
أما بالنسبة للمؤمنين الحقيقيين، الذين اغتسلوا بدم المسيح، فالتحريض لهم «لِذلِكَ اطْرَحُوا عَنْكُمُ الْكَذِبَ، وَتَكَلَّمُوا بِالصِّدْقِ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ قَرِيبِهِ، لأَنَّنَا بَعْضَنَا أَعْضَاءُ الْبَعْضِ»، «لاَ تَكْذِبُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ، إِذْ خَلَعْتُمُ الإِنْسَانَ الْعَتِيقَ مَعَ أَعْمَالِهِ» (أفسس4: 25؛ كولوسي3: 9). فلا يليق باتباع المسيح، الذي هو الحق، أن يسيروا في طريق الكذب. فلندقِّق في كلامنا ولا نقول إلا الصدق لأننا تنكلم أمام الله الذي يرى ويعلم ما في قلوبنا (رومية9: 1؛ 2كورنثوس11: 31؛ غلاطية1: 20).
بقي أن أترك معك فكرة صغيرة عن أنواع من الكذب قد نتغافل عنها: «مَنْ قَالَ: “قَدْ عَرَفْتُهُ (الله)” وَهُوَ لاَ يَحْفَظُ وَصَايَاهُ، فَهُوَ كَاذِبٌ وَلَيْسَ الْحَقُّ فِيهِ... إِنْ قَالَ أَحَدٌ:“إِنِّي أُحِبُّ اللهَ” وَأَبْغَضَ أَخَاهُ، فَهُوَ كَاذِبٌ. لأَنَّ مَنْ لاَ يُحِبُّ أَخَاهُ الَّذِي أَبْصَرَهُ، كَيْفَ يَقْدِرُ أَنْ يُحِبَّ اللهَ الَّذِي لَمْ يُبْصِرْهُ؟» (1يوحنا2: 41؛ 4: 20).
فلنفحص أنفسنا!

Mary Naeem 21 - 12 - 2016 05:28 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
الطمع يقل ما جُمع


وفي نسخة أخرى يُقال “من طمع بالفوز بكل شيء خسر كل شيء” وبالإنجليزية “grasp all lose all”. وبالطبع معنى المثل واضح لا يحتاج لشرح.
والطمع هو الرغبة المُلحّة غير المنتهية بأن يمتلك الإنسان أكثر، ماديًا ومعنويًا.
ويوضِّح لنا الروح القدس بشاعة هذه الخطية، بإدرجها في قائمة ما يستوجب الدينونة على العالم في رومية1. كذلك غالبًا ما ارتبط ذكر الطمع بالنجاسة (انظر أفسس4: 19؛ 5: 3-5). بل يقول الكتاب صراحة «الطَّمَعَ الَّذِي هُوَ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ» (كولوسي3: 5). فهل أدركنا بشاعتها؟!
ويخبرنا الكتاب المقدس بأصل الداء «مِنَ الدَّاخِلِ، مِنْ قُلُوبِ النَّاسِ، تَخْرُجُ الأَفْكَارُ الشِّرِّيرَةُ:... طَمَعٌ... جَمِيعُ هذِهِ الشُّرُورِ تَخْرُجُ مِنَ الدَّاخِلِ وَتُنَجِّسُ الإِنْسَانَ» (مرقس7: 21-23).
وإذ نقرأ أن الذين «لَمْ يَسْتَحْسِنُوا أَنْ يُبْقُوا اللهَ فِي مَعْرِفَتِهِمْ، أَسْلَمَهُمُ اللهُ إِلَى ذِهْنٍ مَرْفُوضٍ لِيَفْعَلُوا مَا لاَ يَلِيقُ. مَمْلُوئِينَ مِنْ كُلِّ... طَمَعٍ» (رومية1: 28-29)؛ نتعلم أن عدم وجود الله في قلب الإنسان وفي حسبانه يجعله في حالة مستمرة من العطش، يحاول الارتواء بشتى الطرق، فيتم فيه قول الرب «كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضًا» (يوحنا4: 13؛ انظر أيضًا جامعة1: 7 - 8).
ويوضِّح لنا الرب الأمر من وجهة أخرى إذ يقول «انْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ، فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ»؛ أي أن المشكلة أن الإنسان يعتقد أنه يستمد قيمة حياته مما يمتلكه. ولتأكيد المعنى أكمل الكلام «وَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلاً قَائِلاً: إِنْسَانٌ غَنِيٌّ أَخْصَبَتْ كُورَتُهُ (ورغم هذا لم يرتوِ)، فَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ قَائِلاً:... أَهْدِمُ مَخَازِنِي وَأَبْنِي أَعْظَمَ، وَأَجْمَعُ هُنَاكَ جَمِيعَ غَّلاَتِي وَخَيْرَاتِي، وَأَقُولُ لِنَفْسِي (بناء على فهمه الخاطئ لحقيقة الأشياء): يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ. اِسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي! (لكن اسمع تقرير فاحص القلوب عنه) فَقَالَ لَهُ اللهُ: يَا غَبِيُّ! هذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟ هكَذَا الَّذِي يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ غَنِيًّا ِللهِ» (لوقا12: 15-21).
فيا ليتنا ندرك أن غنانا الحقيقي ليس بما نملكه، بل هو بالله (إرميا9: 23-24؛ رومية5: 11)! وعندئذ سنشبع ونقنع بذاك الذي يقول لكل منا «عِنْدِي الْغِنَى وَالْكَرَامَةُ... أُوَرِّثُ مُحِبِّيَّ رِزْقًا وَأَمْلأُ خَزَائِنَهُمْ» (أمثال8: 18-21).

Mary Naeem 21 - 12 - 2016 05:29 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
إن غاب القط العب يا فار

مثل شهير متوفر في عدة لغات، فيُقال مثلاً في الإنجليزية When the cat is away the mice play

والمقصود به أنه عندما تغيب الرقابة (ممثًّلَة في القط) يعبث العابثون (ممثَّلين في الفأر)، أي يفعلون ما يريدون، بغضِّ النظر عن النظام أو القواعد.

قد يكون “القط” و“الفأر” هما على الترتيب: المدير والموظف غير الأمين، وقد يكونا المدرِّس والتلميذ غير الملتزم، أو الأب والأم والابن المتمرد السالك بهواه. ولكل فأر لاهٍ عابث القِط الذي يلتزم أمام عينيه، وما أن يتوارى بعيدًا حتى يفعل ما بدا له من فساد.
ولكننا لسنا فئران، يراقبنا قِط نهرب من عينيه لنفعل ما نشاء. بل نحن أميز مخلوقات الله، خلقنا بإرادة واعية، يريد أن يرانا ونحن نطيعه اختيارًا، في السر وفي العلن، في النهار وفي الليل.
والذي يراقب تصرفاتنا ليس قِطًّا يمكن أن “يغيب” أو يتوارى أمرٌ عن عينيه، بل هو الله العظيم الذي لا يخفى عنه شيء؛ إذ أنه «لَيْسَتْ خَلِيقَةٌ غَيْرَ ظَاهِرَةٍ قُدَّامَهُ، بَلْ كُلُّ شَيْءٍ عُرْيَانٌ وَمَكْشُوفٌ لِعَيْنَيْ ذلِكَ الَّذِي مَعَهُ أَمْرُنَا» (عبرانيين4: 13). إنه مَن قال يومًا «إِذَا اخْتَبَأَ إِنْسَانٌ فِي أَمَاكِنَ مُسْتَتِرَةٍ أَفَمَا أَرَاهُ أَنَا، يَقُولُ الرَّبُّ؟ أَمَا أَمْلأُ أَنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، يَقُولُ الرَّبُّ؟» (إرميا23: 24)؛ فأين عساك أن تختبئ منه لتفعل شرَّك دون حساب؟
بل هو من قيل عنه «مِنَ السَّمَاوَاتِ نَظَرَ الرَّبُّ. رَأَى جَمِيعَ بَنِي الْبَشَرِ. مِنْ مَكَانِ سُكْنَاهُ تَطَلَّعَ إِلَى جَمِيعِ سُكَّانِ الأَرْضِ. الْمُصَوِّرُ قُلُوبَهُمْ جَمِيعًا، الْمُنْتَبِهُ إِلَى كُلِّ أَعْمَالِهِمْ» (مزمور33: 13-15)، فهو لا يرى ما نعمله فحسب، بل ما في داخل قلوبنا أيضًا، و«عَيْنَاهُ تَنْظُرَانِ. أَجْفَانُهُ تَمْتَحِنُ بَنِي آدَمَ» (مزمور11: 4)، ومن يستطيع النجاح في مثل هذا الامتحان؟!
هلا أدلك على طريقٍ! لا تهرب منه محاولاً أن تتوراى عن عينيه، فهذا هو المُحال بعينه، بل اهرب إليه من شرِّك، ليخلِقك خليقة جديدة، ويراك في المسيح بلا لوم ولا عيب. افتح له قلبك ليطهِّره، يومها لن تحتاج مرة أخرى للهروب منه.

Mary Naeem 21 - 12 - 2016 05:30 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
ابن الوز عوام

“الوز” أو بالفصحى “الأوز” هو طائر غني عن التعريف، من ضمن ما يتميز به أنه يستطيع السباحة (العوم) بسلاسة وطلاقة. والمثل في معناه الحرفي أن الأوز (والذي يبيض ولا يلد) يأتي بأبناء يعرفون السباحة بالطبيعة دون احتياج أن يعلِّمهم أحد. والمثل يُقال عندما تظهر صفات أو مواهب الأب أو الأم في أبنائهما تلقائيًا؛ عندما يكون ابن الفنان فنانًا، وابن الكريم كريمًا. كما يُقال كتدليل على أن الصغار هم أبناء آبائهم بالحق إذ يحملون صفاتهم ويشبهونهم. وهذا يعلِّمنا درسًا روحيًا هامًا.
فكلّ منا، روحيًا، له أبٌ واحد من اثنين: إما الله أو إبليس! بالطبيعة نحن أولاد الغضب لأننا أولاد إبليس (أفسس2: 3)، لكن يمكن أن يتغير الحال بالإيمان القلبي الحقيقي بالمسيح «وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَانًا أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللهِ» (يوحنا1: 12).
وقد أكَّد الرب حقيقة مشابَهة الأبناء لأبيهم لليهود الأشرار عندما رأي عدم صدقهم ورغبتهم في قتله، فقال «أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَق. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ» (يوحنا8: 44). وعلى الجانب الآخر يحرِّض، في موعظته الأشهر، من يدعون الله أبًا: «لْيُضِئْ نُورُكُمْ هكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ... فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ» (متى5: 16، 48).
لذا يجب أن نلتفت أن أعمالنا هي المحك الذي يُظهر طبيعتنا، وشهادة تُعلِن أمام الجميع إلى من ننتمي. يقول يوحنا الرسول: «بِهذَا أَوْلاَدُ اللهِ ظَاهِرُونَ وَأَوْلاَدُ إِبْلِيسَ: كُلُّ مَنْ لاَ يَفْعَلُ الْبِرَّ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ، وَكَذَا مَنْ لاَ يُحِبُّ أَخَاهُ» (1يوحنا3: 10). فمن يظهر إذًا في حياتك عزيزي القاريء؟ من تقول أعمالك أنه أبوك؟
فإن كنت بالإيمان الحقيقي ابنًا لله فاسمع تحريض بولس الرسول: «كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِاللهِ كَأَوْلاَدٍ أَحِبَّاءَ» (أفسس5: 1)، وانتبه أيضًا لما يقول بطرس الرسول: «كَأَوْلاَدِ الطَّاعَةِ، لاَ تُشَاكِلُوا شَهَوَاتِكُمُ السَّابِقَةَ فِي جَهَالَتِكُمْ، بَلْ نَظِيرَ الْقُدُّوسِ الَّذِي دَعَاكُمْ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا قِدِّيسِينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ. لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ. وَإِنْ كُنْتُمْ تَدْعُونَ أَبًا الَّذِي يَحْكُمُ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ حَسَبَ عَمَلِ كُلِّ وَاحِدٍ، فَسِيرُوا زَمَانَ غُرْبَتِكُمْ بِخَوْفٍ» (1بطرس1: 14-17).
فليتنا كأبناء لله نشابه أبينا ونحيا حياة القداسة لنشابهه، فنكون قديسين لأنه هو قدوس.

Mary Naeem 21 - 12 - 2016 05:30 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
العين بصيرة والإيد قصيرة

عندما تحكي لواحد مشكلة لديك قد لا يشعر بك ولا بمعاناتك، سواء لأنه لا يهتم أو لأنه لم يجرِّب مشكلتك، أو لعلك أخطأت في اختيار الشخص الذي شكيت له. ومن الممكن أن تحكي مشكلتك لآخرٍ يكون أكثر تعاطفًا من الأول؛ فيتفاعل معك ويتعاطف مع مشكلتك، لكن عندما تنتظر منه الحل، يفاجئك بقول مِثل هذا المَثَل: “العين بصيرة والإيد قصيرة”؛ بمعنى أنه يقدِّر المشكلة لكن لا يقدِر أن يفعل شيئًا. وغالبًا لن تجد من يُقدِّر ويقدر أن يحلّ مشاكلك.
لكن أبشِر! فهناك من هو على استعداد أن يسمعك في كل مشاكلك، ويتعاطف معك، ويتدخَّل لصالحك بقدرته غير المحدودة.
يقول الكتاب، في إشعياء63: 9، عن الرب، في علاقته بالمؤمنين به، إنه: «فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ»، أي أن عينيه تريان كل ظروفهم الصعبة، ويتعاطف معهم فيها. لكنه لا يكتفي بذلك، بل يُكمل بالقول «وَمَلاَكُ حَضْرَتِهِ خَلَّصَهُمْ». أي أنه يتدخل بقدرته لصالحهم وليحِل مشاكلهم. وبالإجمال يقول إنه «بِمَحَبَّتِهِ وَرَأْفَتِهِ هُوَ فَكَّهُمْ وَرَفَعَهُمْ وَحَمَلَهُمْ كُلَّ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ».
قديمًا كان عند أسرة في بيت عنيا مشكلة موت الأخ، لعازر. وعندما رأى الرب بكاء الأختين، يقول الكتاب عنه: «بَكَى يَسُوعُ»، تعاطُفًا مع المتألمين. لكنه عمل بقدرته في حل مشكلتهم بإقامة لعازر وإعادة البهجة لهم (يوحنا 11).
لقد عاش الرب يسوع هنا في الأرض أكثر من ثلاثة وثلاثين سنة مثلنا، عاشها في ظروف صعبة جدًا، قاسى فيها من فقر وظلم وبُغضة وغدر وخيانة، وعن ذلك يقول الكتاب «مِنْ ثَمَّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْبِهَ إِخْوَتَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لِكَيْ يَكُونَ رَحِيمًا... لأَنَّهُ فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّبًا يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ الْمُجَرَّبِينَ». ويلتفت إلينا ليطمئن قلوبنا «فَإِذْ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ عَظِيمٌ قَدِ اجْتَازَ السَّمَاوَاتِ، يَسُوعُ ابْنُ اللهِ، فَلْنَتَمَسَّكْ بِالإِقْرَارِ. لأَنْ لَيْسَ لَنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ غَيْرُ قَادِرٍ أَنْ يَرْثِيَ لِضَعَفَاتِنَا، بَلْ مُجَرَّبٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلاَ خَطِيَّةٍ... فَمِنْ ثَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَ أَيْضًا إِلَى التَّمَامِ الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ بِهِ إِلَى اللهِ، إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ لِيَشْفَعَ فِيهِمْ». لذا نفعل حسنًا عندما، في كل مشاكلنا وضيقاتنا، نسمع التحريض: «فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْنًا فِي حِينِهِ» (عبرانيين2: 17، 18؛ 4: 14‑16؛ 7: 25).
صديقي... في كل مشاكلك تعالَ للمسيح الذي قال «تعالوا إليَّ... وأنا أريحكم»، فهو الوحيد الذي ستجده دائمًا: عينه بصيرة ويده قديرة.

Mary Naeem 21 - 12 - 2016 05:32 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
اللي بيته من قزاز ما يحدفش الناس بالطوب

مثل شعبي شهير بالعامية المصرية، يُقال لشخص ينتقد آخر في عيب أو خطإ معروف عنه هو نفسه؛ كأن يقوم واحد معروف عنه الكذب بانتقاد كذب واحد آخر. فمن كان بيته من زجاج عليه أن يخشى أن ترتد الحجارة التي يقذفها إلى بيته فتحطِّمه.
والكتاب المقدس يحذِّرنا كثيرًا من هذا السلوك؛ أن ندين الآخرين في ما نخطئ نحن فيه. فعندما جاء الكتبة والفريسيون بالمرأة التي أُمسِكت في زنا، وكل
منهم وكأنه يَسِن أسنانه لافتراسها بسبب خطئها، كان قول الرب الواضح والصادم لهم: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ بِلاَ خَطِيَّةٍ فَلْيَرْمِهَا أَوَّلاً بِحَجَرٍ!» (يوحنا8: 7). وقد انسحبوا جميعًا من أمام ذلك الذي يكشف القلوب؛ إذ لم يكن منهم مَن ينطبق عليه هذا الشرط. فما أكثر خطايا كل منا، نخفيها عن الناس، لكن المستحيل أن تخفى عن عين الله.

وفي موعظة المسيح على الجبل، يرنّ صدى تعليمه العظيم ليجتاز كل الأجيال إلى مسامعنا: «لاَ تَدِينُوا لِكَيْ لاَ تُدَانُوا، لأَنَّكُمْ بِالدَّيْنُونَةِ الَّتِي بِهَا تَدِينُونَ تُدَانُونَ، وَبِالْكَيْلِ الَّذِي بِهِ تَكِيلُونَ يُكَالُ لَكُمْ. وَلِمَاذَا تَنْظُرُ الْقَذَى (إفرازات لزجة من العين) الَّذِي فِي عَيْنِ أَخِيكَ، وَأَمَّا الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي عَيْنِكَ فَلاَ تَفْطَنُ لَهَا؟ أَمْ كَيْفَ تَقُولُ لأَخِيكَ: دَعْني أُخْرِجِ الْقَذَى مِنْ عَيْنِكَ، وَهَا الْخَشَبَةُ فِي عَيْنِكَ؟ يَا مُرَائِي، أَخْرِجْ أَوَّلاً الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّدًا أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ!» (متى7: 1-5). والكلام لا يحتاج إلى تعليق
ونحن عُرضة أن نحاول نسيان أخطائنا بأن نبحث عن أخطاء الآخرين، وهو ما يُسمَّى في علم النفس بـ“الإسقاط”، وهو حيلة دفاعية للهروب من مواجهة الأخطاء.
تعلَّمت أن أول ما يريدني الله أن أعمله إذا ما اكتشفت خطأً في آخرٍ، هو أن أفحص نفسي أولاً؛ لئلا أكون مثله أو أسوأ، والله يستخدم ذلك كجرس إنذار لي. ثم إن اجتزت هذه الخطوة باتضاع أمام الله، فعليَّ أن أصلّي كثيرًا من أجل أن يعالج الرب الخطأ في الآخر. وأخيرًا إن كنت مؤهَّلاً لمعالجة هذا الخطإ (مِن حيث السِّن والخبرة الروحية والإمكانيات) فإني أستمع لقول الكتاب: «أَيُّهَا الإِخْوَةُ، إِنِ انْسَبَقَ إِنْسَانٌ فَأُخِذَ فِي زَلَّةٍ مَا، فَأَصْلِحُوا أَنْتُمُ الرُّوحَانِيِّينَ (وهُم المؤهَّلين للحل) مِثْلَ هذَا بِرُوحِ الْوَدَاعَةِ، نَاظِرًا إِلَى نَفْسِكَ لِئَلاَّ تُجَرَّبَ أَنْتَ أَيْضًا» (غلاطية6: 1). وإن لم أكن مؤهَّلاً، فلأستمر في الصلاة، وربما أمكن أن أُدخِل شخصًا روحيًّا في الأمر يمكنه الحل. وفي كل الأحوال لا يجوز لي أن أُشَوِّه سُمعة المخطئ أمام الناس.
صديقي العزيز..
ليتنا نكفّ عن “حدف الناس بالطوب”!

Mary Naeem 21 - 12 - 2016 05:34 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن

أصل هذا المثل بيت شعر لأبي الطيب المتنبي، أحد شعراء العصر العباسي (القرن العاشر الميلادي)، يقول: ما كُلُّ ما يَتَمَنَّى المَرءُ يُدرِكُه تجري الرِياحُ بِما لا تَشتَهي السُفُنُ
وقد اقتُطع من سياقه ليدلِّل به قائله على أن ظروف الحياة تأتي عكس ما يتمنى الإنسان، كما أن السفن (كناية عن قبطانها ورُكَّابها) تتمنى أن تكون الريح سهلة ومواتية؛ أي في اتجاه سير السفينة لتدفعها للأمام، لكن كثيرًا ما تكون الرياح مضادة فتعوق مسيرتها، وأحيانًا عاتية مهاجمة قد تصل لتحطيمها.
ونحن غالبًا، ولا سيما في أيامنا الحاضرة بأوضاعها، نلوم ظروفنا أنها ضدنا، ومن وراء الظروف قد نلوم الله نفسه أنه يسمح بالظروف الصعبة، بل قد يصل الأمر بالبعض إلى إنكار وجود الله من الأساس، تحت دعوى أنه لا يمكن لإله طيب عادل أن يسمح للبشر بالمعاناة.
والحقيقة أن لله دائمًا حكمة من وراء الظروف المعاندة، يمكننا أن نرى بعض جوانبها في عودة ضالين إلى الله بسبب ضيق الظروف (كالابن الضال في لوقا15)، أو في تعديل مفاهيم خاطئة لدى البعض (كما في حالة أيوب)، أو في أن يُقاد الإنسان من خلال ظروف صعبة إلى الرفعة (كما في قصة يوسف بن يعقوب)، أو لتنقية المعدن الأصيل للإيمان. ودائمًا عند الله سبب لصالحنا عندما يسمح بالضيق (للمزيد اقرأ تثنية8: 2؛ أيوب42: 1‑6؛ يونان2: 1‑4؛ يوحنا15: 18‑21؛ رومية8: 19‑23؛ 2كورنثوس4: 17؛ 12: 7‑10؛ 1بطرس1: 6، 7؛ 3: 14؛ 4: 12‑19). ودائمًا من حقنا أن نثق أنه يجعل «كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ (أي المؤمنين الحقيقيين به)».
وفي سياق هذا المثل أتذكر القول البليغ لمزمور107: 23‑32: «اَلنَّازِلُونَ إِلَى الْبَحْرِ فِي السُّفُنِ... هُمْ رَأَوْا أَعْمَالَ الرَّبِّ وَعَجَائِبَهُ فِي الْعُمْقِ. أَمَرَ فَأَهَاجَ رِيحًا عَاصِفَةً فَرَفَعَتْ أَمْوَاجَهُ... ذَابَتْ أَنْفُسُهُمْ بِالشَّقَاءِ... وَكُلُّ حِكْمَتِهِمِ ابْتُلِعَتْ. فَيَصْرُخُونَ إِلَى الرَّبِّ فِي ضِيقِهِمْ، وَمِنْ شَدَائِدِهِمْ يُخَلِّصُهُمْ. يُهْدِئُ الْعَاصِفَةَ فَتَسْكُنُ، وَتَسْكُتُ أَمْوَاجُهَا. فَيَفْرَحُونَ لأَنَّهُمْ هَدَأُوا، فَيَهْدِيهِمْ إِلَى الْمَرْفَإِ الَّذِي يُرِيدُونَهُ. فَلْيَحْمَدُوا الرَّبَّ عَلَى رَحْمَتِهِ وَعَجَائِبِهِ لِبَنِي آدَمَ».
وليتنا نفهم أن الله يتمجد في أن يُرينا أعماله في عمق الظروف!
وليتنا نتعلم طريق الصراخ إلى الرب لا الناس!
كما وليتنا نفرح به ونحمده في كل الظروف؛ إن أتت الرياح بما اشتهينا أو عكسها!
وقريبًا، وهذا رجاء كل مُخَلَّص بدم المسيح، سترسو سفينتنا في المينا الأمين، في السماء، حيث لا رياح بعد.
فهل لك هذا الرجاء؟!
إن كان لا فأسرع للمسيح فيمنحك إياه!

Mary Naeem 22 - 12 - 2016 05:47 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
كل الطرق تؤدي إلى روما

فكرة ساعدت على بناء الإمبراطورية الرومانية العظيمة قديمًا، وهي ربط المدن التي يرغبون في ضمها بروما بطريق مُعَبَّد (مرصوف) لتسهيل التجارة والتعاملات مع تلك المدينة، ومن ثَم يقود هذا روما أخيرًا للتحكم الكامل بها. وبعد زمن قليل تحقَّقت هذه المقولة بالفعل، فأصبح أي طريق مرصوف يؤدي إلى روما (ويُقال إلى نقطة محدَّدة فيها).
انتهى هذا الزمن وكثُرت الطرق التي تؤدي إلى كل مكان، لكن بقيت هذه العبارة كمثل في لغات عدة؛ فيُقال بالإنجليزية: “All roads lead to Rome”، وبالفرنسية: “Tous les chemins mènent à Rome”، وبالإيطالية: “Tutte le strade portano a Roma”؛ والمقصود به أن الوصول لأي هدف ممكن بطرق كثيرة جدًّا.
وقد يكون هذا صحيحًا - بنسبة ما - في بعض الأهداف ولا سيما البسيطة، لكنه محدود جدًّا في أهداف أخرى. والأهم أنه لا ينطبق على الكثير من الأهداف الأكثر أهمية في الحياة؛ فليست كل الطرق تؤدي إلى الله، إلى السماء، إلى السعادة الحقيقية، إلى راحة القلب...
يقول الكتاب عن البعض: «وَيْلٌ لَهُمْ! لأَنَّهُمْ سَلَكُوا طَرِيقَ قَايِينَ» (يهوذا 11)، الذي حاول أن يصل إلى رضا الله بأعماله، مع أن قلبه كان شريرًا، فانتهى به الأمر هاربًا من وجه الله ثم الهلاك الأبدي. كما ويقول عن آخرين: «قَدْ تَرَكُوا الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ، فَضَلُّوا، تَابِعِينَ طَرِيقَ بَلْعَامَ بْنِ بَصُورَ الَّذِي أَحَبَّ أُجْرَةَ الإِثْمِ» (2بطرس2: 15)، وما أكثر أمثالهم اليوم ممن يعتقدون أن المال وسيلة لتحقيق كل شيء.
إن أردتَ الحقَّ فاسمع من ذاك الذي قال: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي» (يوحنا14: 6)، وهو من قيل عنه أيضًا: «وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ» (أعمال الرسل4: 12). نعم، ليس بغير الرب يسوع المسيح لا خلاص ولا سعادة ولا راحة ولا أي مما ترجو. إنه وحده “الطريق الحق للحياة”، فهل سِرتَ في هذا الطريق إذ قبلته بالإيمان مُخَلِّصًا شخصيًّا لك؟!
لا تضل الطريق؛
لأنه «تُوجَدُ طَرِيقٌ تَظْهَرُ لِلإِنْسَانِ مُسْتَقِيمَةً، وَعَاقِبَتُهَا طُرُقُ الْمَوْتِ» (أمثال14: 12؛ 15: 25)،
وكم أخشى عليك منها

Mary Naeem 22 - 12 - 2016 05:48 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود


مثل مصري عامي شهير جدًّا. أُطلق في الأصل ليحضَّ الناس على التوفير والبُعد عن التبذير. ومع الزمن، وازدياد أهمية المال في أعين الناس يومًا بعد يوم، تطوَّر استخدم المثل ليصبح للدلالة على أهمية المال بصفة عامة.
وبالطبع نحن لسنا مع الإسراف (إنفاق المال بمبالغة وبلا حكمة)؛ فمضاره كثيرة (اقرأ لوقا15: 13؛ تثنية21: 20؛ أمثال23: 21). لكننا أيضًا لسنا مع البخل والتقتير؛ فالكتاب يعلمنا أن نكون كُرماء، ومِضْيَافين، ومِعْطَائين، بصفة خاصة للمساكين، ومع المؤمنين، وفي عمل الرب (تثنية15: 7-11؛ أمثال11: 24، 25؛ رومية12: 8؛ 2كورنثوس9: 6، 7؛ 1بطرس4: 9).
لكن الأمر الخطير الذي تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد هو استعمال هذا المثل للإشارة إلى أهمية المال والدعوة لاقتنائه على اعتبار أنه، مُمَثَّلاً في القِرش (عملة معدنية كانت متداولة منذ سنوات كان لونها أبيض والمئة منها تكوِّن جنيهًا)، ينفع في “اليوم الأسود” (للدلالة على أيام المآزق والمصاعب والظروف الصعبة).
تلفَّت إلى ما يجري حولنا من أحداث، وأجِب عن سؤالي: هل نفع القرش (بل قُل مليارات القروش) أصحابها في يومهم الأسود؟ سمعت يومًا عن غنيٍ مرض، كان يقول إنه مستعد أن يدفع نصف ثروته في مقابل أكلة يُحبها لكن مرضه يمنعه منها؛ فهل نفعه القرش الأبيض ودفع عنه المرض الأسود؟
على أني أتذكر غنيَّيْن آخرَيْن لم ينفعهما قرشهما الأبيض في أسود أيامهما، يوم لقائهما بالله بدون غفران خطايا وبدون ستر المسيح؛ إنهما الغني الغبي، والغني المتنعِّم (اقرأ قصتيهما في لوقا12؛ 16). ما أكثر قروشهما في حياتهما، وما أسود أبديتهما!
هل ما زلت تسعى لتجميع القروش البيضاء لتنفعك في الأيام السوداء، وما أكثرها؟!
كُفَّ! واسمع قول الكتاب: «لأَنَّهُ ماذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟» (متى16: 26)، «لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَيْنِ، لأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ الْوَاحِدَ وَيُحِبَّ الآخَرَ، أَوْ يُلاَزِمَ الْوَاحِدَ وَيَحْتَقِرَ الآخَرَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَخْدِمُوا اللهَ وَالْمَالَ... لكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ. فَلاَ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ، لأَنَّ الْغَدَ يَهْتَمُّ بِمَا لِنَفْسِهِ. يَكْفِي الْيَوْمَ شَرُّهُ» (متى6: 24-34).
لقد وُجد المال ليكون خادمًا، فتحوَّل إلى سيدٍ! سيدٌ قاسٍ، خان كل من وضع ثقته فيه.
أما السيد الوحيد الحقيقي، ربنا يسوع المسيح، ربُّ الكل، فهو يصون ولا يخون، يحمل ويحمي ويحتمل، ويضمن لك أبدية الهناء بدل السوداء، ويسندك في كل ضيقك حتى ترى أتون النار مكانًا للنزهة. فهل تقبله على حياتك ربًّا وسيدًا؟! ليتك تفعل، فوحده من ينفع.

Mary Naeem 22 - 12 - 2016 05:49 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
إطرق الحديد ساخناً

مثل شهير مبنٍ على حقيقة علمية صناعية هامة. فلكي يتم تشكيل الحديد، لا بد من تسخينه إلى درجات حرارة مناسبة مع عملية التشكيل المطلوبة. ثم يقومون بعمليه تُسمى “الطَرْق”. قديمًا كانت تتم بالفعل عن طريق مطارق ضخمة يستخدمها الحدَّاد ليطرق بها بفن في اتجاهات مختلفة لينتج التشكيل الذي يقصده. ومع أن الكثيرين ما زالوا يستعملون هذه الطريقة اليدوية، إلا أن هناك الكثير من الطرق
المتطورة تُستخدم الآن في عملية التشكيل، تختلف في تفاصيلها وتقنياتها عن الطريقة القديمة، إلا أنها تشترك معها في شيء واحد: أن يتم تشكيل الحديد وهو ساخن!!
والمثل يُقال ليحث الناس على الاستفادة من الظروف السانحة باتخاذ خطوة عملية في اتجاه الهدف المنشود. فمثلاً، إّذا تحمس شخص ما لعمل محدَّد قالوا له: إطرق الحديد ساخنًا، باتخاذ خطوة عملية للأمام.
فإن تكلَّمت الظروف حولنا، كما تفعل في هذه الأيام، وأثَّرت على مشاعرنا، فحسن أن نطرق الحديد ساخنًا. إن ما يحدث حولنا في الشهور الأخيرة يصرخ في آذاننا، حتى يكاد الأصم يسمع: “إن الحياة قصيرة”.
وأعتقد أن هذا الصوت وصلك بطريقة أو أخرى، ولعلك تأثرت بذلك، فسخن حديد قلبك، بل لعلك قررت أن تتجاوب مع النداء فتعود إلى خالقك في أيام شبابك. لكن ما أخشاه أن تسقط في فخ التأجيل. لذا دعني أذكرك بما يقوله الروح القدس: «الْيَوْمَ، إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ» (عبرانيين4: 7)، فاليوم هو لك والغد ليس بمضمون.
واسمح لي أن أشاركك بحقيقة علمية إضافية هامة، أن الحديد إذا سخن ثم برد، وعاودنا تسخينه وتبريده، مرة ومرات؛ يصاب بحالة يسمونها علميًا “التقسية”!! هذا اسمها العلمي!! وهي تعني أن الحديد قد وصل لحالة ما عاد يصلح تشكيله فيها.
صديقي احذر لئلا تهمل صوت الله وتعاملاته معك، فيبرد الحديد بعد أن سخن، ومن يعلم متى يصل لحالة التقسية. لقد قسى فرعون قلبه مرة ومرات أمام نداءات موسى، فتقسى قلبه إلى النهاية وهلك في عصيانه. فلا تهلك معه!

Mary Naeem 22 - 12 - 2016 05:51 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
الفاضي يعمل قاضي

مثل شهير بالعامية المصرية، يُطلَق على من ينصِّب نفسه قاضيًا يصدر أحكامًا على الناس والأحداث وهو غير مكلَّف بذلك، ولا مؤهَّل لذلك، بل قد لا يعنيه الأمر من الأساس.
ولست أدري إن كانوا يقصدون بكلمة “الفاضي” أن عنده وقت فراغ كثير، أو أنه فارغ من الداخل بلا هدف في الحياة يكسبها قيمتها. وبغضّ النظر عما يقصدون، فإني أعتبر أن الأمر يشمل الاثنين. فمن لا يعرف أن يستثمر وقته حسنًا، سيجده يمتلئ تلقائيًا بما يضر. ومن لم يعرف هدفًا لحياته، ليس من المستغرب أن يحكم على الآخرين ظانًا أنه بهذا يُكسب حياته معنى وأهمية.
والحكم على الآخرين أمر قد نستسهله، فكلنا ندّعي الفهم والعلم ببواطن الأمور، ولا يحتاج الأمر الكثير منا. لكننا ينبغي أن نتعامل معه باحتراس شديد:
فالخطر الأكبر هو السقوط في شَرَكِ ما يسمى في علم النفس “الإسقاط”، وهذا يحدث عندما تضغط عليَّ أخطائي، فأحاول أن أهرب من هذا الضغط النفسي بأن أنسب الأخطاء لآخرين فأشعر بأن ذنبي أقل. ولمثل هذا يقول الكتاب «أَنْتَ بِلاَ عُذْرٍ أَيُّهَا الإِنْسَانُ، كُلُّ مَنْ يَدِينُ. لأَنَّكَ فِي مَا تَدِينُ غَيْرَكَ تَحْكُمُ عَلَى نَفْسِكَ. لأَنَّكَ أَنْتَ الَّذِي تَدِينُ تَفْعَلُ تِلْكَ الأُمُورَ بِعَيْنِهَا!» (رومية 2: 1).

لكن الخطر الآخر هو الحكم على الآخرين حكمًا غير صائب يؤدي لإيذائهم.
لذلك يحذِّرنا الكتاب من التسرع في الحكم على الأمور «لاَ تَحْكُمُوا فِي شَيْءٍ قَبْلَ الْوَقْتِ»؛ فهناك أمور تحتاج أن ننتظر «حَتَّى يَأْتِيَ الرَّبُّ الَّذِي سَيُنِيرُ خَفَايَا الظَّلاَمِ وَيُظْهِرُ آرَاءَ الْقُلُوبِ» (1كورنثوس 4: 5). ومن يعرف ما في القلب ونواياه غيره؛ لذا فلنتحذر من أن نحكم على نوايا الناس، فليس هذا من حقِّنا ونحن غير مؤهَّلين لذلك.
كما علَّمنا الرب نفسه «لاَ تَحْكُمُوا حَسَبَ الظَّاهِرِ بَلِ احْكُمُوا حُكْمًا عَادِلاً» (يوحنا 7: 24). وهو فخ نقع فيه جميعًا، عندما ننخدع بالمظهر؛ إيجابًا أو سلبًا، فنصدر الأحكام على الآخرين. وكم فعلنا، وندمنا!
«يَامُرَائِي، أَخْرِجْ أَوَّلاً الْخَشَبَةَ مِنْ عَيْنِكَ، وَحِينَئِذٍ تُبْصِرُ جَيِّدًا أَنْ تُخْرِجَ الْقَذَى مِنْ عَيْنِ أَخِيكَ!» (متى7: 5). فالأجدر بنا أن نحكم على أنفسنا أولاً، ثم نلتفت للآخرين، لا لنحاكمهم، بل لنساعدهم على تصحيح أخطائهم.

Mary Naeem 22 - 12 - 2016 05:52 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
إمشي عدل يحتار عدوك فيك، وإمشي عوج يحتار صديقك فيك

مثل بالعامية المصرية؛ نصفه الأول يحرِّض سامعه أن يسير في الطريق المستقيم (“عِدِل”) حتى لا يجد عدوه ما يشتكي به عليه أو يوجِّهه ضده. والنصف الثاني يحذِّر أنه إن سار في الطُرق المعوجَّة (“عِوِج”) فسيكون سبب حيرة وارتباك لأصدقائه.
يومًا بحث أعداء دانيآل عن خطإٍ له «فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَجِدُوا عِلَّةً وَلاَ ذَنْبًا، لأَنَّهُ كَانَ أَمِينًا وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ خَطَأٌ وَلاَ ذَنْبٌ» (دانيآل4: 6).
والأسمى جدًّا كان ربنا الكريم الذي شهد عنه بيلاطس أكثر من مرة: «لَسْتُ أَجِدُ فِيهِ عِلَّةً وَاحِدَةً» (يوحنا18: 38؛ 19: 4، 6)، بل إن أولئك الذين ذهبوا ليحاولوا إمساكه متلبِّسًا بخطإٍ، قالوا عنه: «لَمْ يَتَكَلَّمْ قَطُّ إِنْسَانٌ هكَذَا مِثْلَ هذَا الإِنْسَانِ!» (يوحنا7: 46).
واقتداءً بسيدنا، نحن أيضًا علينا أن نلتفت لسُبلنا وطرقنا، ونهتم بأن نكون «قُدْوَةً لِلأَعْمَالِ الْحَسَنَةِ... لِكَيْ يُخْزَى الْمُضَادُّ، إِذْ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ رَدِيءٌ يَقُولُهُ عَنْكُمْ» (تيطس2: 7، 8). تعلَّم يا عزيزي ألا تعطي فرصة للمشتكي (إبليس، العدو) أن يشتكي عليك؛ بسبب تقصير في أمور حسنة، أو عادة سيئة، أو خطية معتادة، أو كلمة بطَّالة، أو تصرف أهوج بغير حساب، أو أي شيء ليس بحسب كلمة الله. فهو مُتَمَرِّس على أن يصطاد الأخطاء، فيشكوك لنفسك مفشِّلاً إياك في طريق البِرِّ، ثم يشكوك للآخرين ليُفسد شهادتك عن المسيح. اقطع عليه الطريق بأن تُصلح طُرقك لتكون على مقاييس كلمة الله بالاتكال عليه. ولتكن صلاتك: «انْظُرْ إِنْ كَانَ فِيَّ طَرِيقٌ بَاطِلٌ، وَاهْدِنِي طَرِيقًا أَبَدِيًّا» (مزمور139: 24)!
أما عن النصف الثاني من المثل؛ فإني بحق أحتار كثيرًا في بعض القائلين إنهم مؤمنون وحياتهم مليئة بالاعوجاج: كلام غير مستقيم، نظرات زائغة، مظهر غير محتشم، نِكات شريرة، مواقع نجسة، أماكن مشبوهة، صدقات مفسِدة، بغضة وإيذاء للآخرين، ... إلخ. أحتار فيهم: هل هم مؤمنون أم مُدَّعون؟ ماذا يقول الناس عنهم وعن المسيح بسببهم؟ ماذا يمكن أن يُفعَل لمساعدتهم؟ الحق يُقال إن من يختار بإرادته الطريق المُعوجَّة يصعب مساعدته، ما لم يَعُد بتوبة حقيقية إلى الله ليرجعه للطريق المستقيمة.
في الختام، لنتذكر أن تصرفاتنا يجب أن تكون سببًا في أن «يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ» (متى5: 16)، لا العكس فيعثر بسببنا الناس و«وَيْلٌ لِذلِكَ الإِنْسَانِ الَّذِي بِهِ تَأْتِي الْعَثْرَةُ» (متى18: 6). فماذا عن تصرفاتك؟

Mary Naeem 22 - 12 - 2016 05:54 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
لا تستطيع أن تمنع الطيور أن تحلق فوق رأسك...

لا تستطيع أن تمنع الطيور أن تحلق فوق رأسك، ولكنك تستطيع أن تمنعها من أن تعشش فوق رأسك.
مثل منطقي للغاية! فإن مَرَّ طائر أثناء طيرانه فوق رأسك فمن يلومك؟! ولكن إذا حدث وتركتَ هذا الطائر يبني عشه فوق رأسك، فمن يعذرك؟!
يمكننا تطبيق هذا المثل على أمور كثيرة تَعبُر بنا دون قصد مِنَّا، مثل: منظر رديء في الطريق العام، كلمة تُقال من زملاء الدراسة، أفكار شريرة يحاول العدو أن يلقيها في أذهاننا. نحن في كل هذه الحالات لا يمكننا أن نمنع الطائر من أن يحلِّق فوق رؤوسنا، وإلا يلزمنا أن نترك هذا العالم إلى حيث لا توجد هذه الأشياء، وهذا سيحدث فقط بوصولنا السماء. بالطبع، صديقي القارئ، أنت تفهم أنني أقصد هنا ما لست أنا السبب فيه، فلست أقصد موقعًا إباحيًّا دخلته بإرادتي، ولا نكتة طلبت من زملائي أن يقصُّوها عليَّ واستمعتُ إليها بشغف، ولا مكانًا أعرف أن فيه الشر ذهبت إليه قاصدًا، ولا كل ما تعمدتُ فعله. لكني هنا أتكلم عن ما يصادفني في طريقي ولست أنا المسؤول عن وجوده في هذا الطريق ولا أستطيع الهرب منه.
نعم، نحن لا نستطيع منع هذه الأشياء من الاقتراب إلينا، لكن المؤمن الحقيقي يستطيع أن يمنعها من أن تعشِّش في رأسه. فإذا قابله منظر رديء حوَّل عينيه سريعًا طالبًا قوة لذلك من الرب: «حَوِّلْ عَيْنَيَّ عَنِ النَّظَرِ إِلَى الْبَاطِلِ» (مزمور119: 37)، فالسالك بالحق «يُغَمِّضُ عَيْنَيْهِ عَنِ النَّظَرِ إِلَى الشَّرِّ» (إشعياء33: 15؛ اقرأ أيضًا: أمثال4: 25؛ متى18: 8). وهو في الأصل لا يجلس في مجلس المستهزئين (مزمور1: 1)؛ لكن إن وصلت إلى سَمْعِه كلمة رديَّة رغمًا عنه، حكم عليها على الفور بأنها شريرة ولا يصلح لها أن تبقى في ذهنه. وإن حاول الشيطان أن يضع في ذهنه فكرة شريرة من أي نوع، واجهها فورًا بالحق ورفضها مُصلِّيًا: «لِتَكُنْ أَقْوَالُ فَمِي وَفِكْرُ قَلْبِي مَرْضِيَّةً أَمَامَكَ يَا رَبُّ» (مزمور19: 14)، موجِّهًا فكره ليفكر في «كُلُّ مَا هُوَ حَق، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ، إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ» (فيلبي4: 8).
صديقي، لا تترك طيور الشر تعشش في رأسك!

Mary Naeem 22 - 12 - 2016 05:55 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب

مَثَل شهير موجود في لغات عديدة فيقولون مثلاً في الإنجليزية: “Speech is silver but silence is golden”.
والحقيقة أننا نحتاج بشدة للالتفات إلى ما نقوله؛ فالكلام أمرٌ جَدّ خطير. فكم من مرات ندمنا على كلمات لم ندقِّق قبل قولها، أو تسرعنا في النطق بها!

وبسبب الكلام كم خسرنا علاقات! وكم أسأنا إلى كثيرين! وكم جلبنا المتاعب على أنفسنا، والأذى لمن حولنا! بل وكم أخطأنا في حق الله نفسه بكلامنا في محضره!
يلخِّص سليمان الحكيم خبرته في ما يتعلق بالكلام في هذه الكلمات البليغة: «لاَ تَسْتَعْجِلْ فَمَكَ وَلاَ يُسْرِعْ قَلْبُكَ إِلَى نُطْقِ كَلاَمٍ قُدَّامَ اللهِ، لأَنَّ اللهَ فِي السَّمَاوَاتِ وَأَنْتَ عَلَى الأَرْضِ، فَلِذلِكَ لِتَكُنْ كَلِمَاتُكَ قَلِيلَةً... قَوْلَ الْجَهْلِ مِنْ كَثْرَةِ الْكَلاَمِ... لاَ تَدَعْ فَمَكَ يَجْعَلُ جَسَدَكَ يُخْطِئُ... لِمَاذَا يَغْضَبُ اللهُ عَلَى قَوْلِكَ، وَيُفْسِدُ عَمَلَ يَدَيْكَ؟ لأَنَّ ذلِكَ مِنْ... كَثْرَةِ الْكَلاَمِ. وَلكِنِ اخْشَ اللهَ... فِي شَفَتَيِ الْعَاقِلِ تُوجَدُ حِكْمَةٌ... أَمَّا فَمُ الْغَبِيِّ فَهَلاَكٌ قَرِيبٌ... كَثْرَةُ الْكَلاَمِ لاَ تَخْلُو مِنْ مَعْصِيَةٍ، أَمَّا الضَّابِطُ شَفَتَيْهِ فَعَاقِلٌ... وَالْجَاهِلُ يُكَثِّرُ الْكَلاَمَ» (جامعة5: 1‑14؛ اقرأ أيضًا أمثال17: 27، 28؛ 21: 23).
وما أصدق هذا التقرير!
http://www.nahwalhadaf.com/Images/105/105-01-01.jpg
لذا حري بنا أن نتعلم ألا نُكثر الكلام ونطبِّق هذا التحريض في حياتنا: «إِذًا يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ، لِيَكُنْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُسْرِعًا فِي الاسْتِمَاعِ، مُبْطِئًا فِي التَّكَلُّمِ، مُبْطِئًا فِي الْغَضَبِ» (يعقوب1: 19).
على أن السكوت ليس دائمًا من ذهب؛ ففي حين صلَّى داود مرة: «أَتَحَفَّظُ لِسَبِيلِي مِنَ الْخَطَإِ بِلِسَانِي. أَحْفَظُ لِفَمِي كِمَامَةً فِيمَا الشِّرِّيرُ مُقَابِلِي»، فقد أتبع ذلك بالقول: «صَمَتُّ صَمْتًا، سَكَتُّ عَنِ الْخَيْرِ؛ فَتَحَرَّكَ وَجَعِي، حَمِيَ قَلْبِي فِي جَوْفِي» (مزمور39: 1‑3). والصمت عن الخير والحق أمر لا يليق بمن إلههم هو الحق والخير كلهما. فعندنا ما نقوله لنجلب كل الخير لمن يسمعنا.
يومًا كان عند أربعة من البرص بشارة حسنة يحتاجها الشعب كله ببشرى الإنقاذ من الموت جوعًا: «ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لَسْنَا عَامِلِينَ حَسَنًا. هذَا الْيَوْمُ هُوَ يَوْمُ بِشَارَةٍ وَنَحْنُ سَاكِتُونَ، فَإِنِ انْتَظَرْنَا إِلَى ضَوْءِ الصَّبَاحِ يُصَادِفُنَا شَرٌّ. فَهَلُمَّ الآنَ...» (2ملوك7: 9). ونحن نملك أعظم بشارة أن “الخلاص بيسوع وحده”، فهَلُمَّ الآن لنخبر الآخرين!
ولنصلِّ باستمرار لإلهنا ليعلِّمنا متى نتكلم ومتى نسكت!

Mary Naeem 22 - 12 - 2016 05:57 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
الغريق يتعلق بقشة

ونظيره بالإنجليزية: “A drowning man will clutch at a straw”
يصف هذا المثل، في صورة بليغة، غريقًا يبحث عن سبيل للنجاة، وجد نفسه في بحر تتلاطم أمواجه؛ حاول العوم فلم يفلح، بحث فلم يجد قارب نجاة، صرخ فما وجد مجيبًا! وفي محاولاته المستميتة للخلاص من ورطته، وجد قشة ضئيلة، فتمسك بها لعلها طريق الحياة!! ولعلك تستنتج، صديقي العزيز، من قوانين الطبيعة إن كانت القشة ستنجيه أم لا!
وإن كان الناس يقولونها بصفة عامة على مشاكل الحياة، لكني أعتقد أننا نحتاج أن نلتفت أكثر إلى غرقَى في بحر عاتٍ، هو بحر الهلاك بالخطايا وأُجرتها. وكم من قشات يتعلق الناس بها رغبة في الخلاص! فهناك قشة البر الذاتي، وقشة الأعمال الصالحة، وقشة الفروض والطقوس، وقشة الفلسفات الطيبة، وقشات أخرى كثيرة يخترعونها كل يوم، وكلها لا تنجي!!
لكن دعني أسألك، عزيزي: لماذا تتعلق بقشة وأمامك صَخْرَ الدُّهُورِ الْكَامِلُ صَنِيعُهُ (إشعياء26: 4؛ تثنية32: 4)؟!
عاب الرب قديمًا على شعبه أنه «رَفَضَ الإِلهَ الَّذِي عَمِلَهُ، وَغَبِيَ عَنْ صَخْرَةِ خَلاَصِهِ» (تثنية32: 15؛ إشعياء17: 10). ويا لها من حماقة أن نبحث عن الخلاص عند آخر وقد قال الرب: «لَيْسَ غَيْرِي مُخَلِّصٌ» (إشعياء43: 11)!
صديقي، كُف عن البحث عن القشات، وهيا لذاك الذي «لَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ، قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ، بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ» (أعمال4: 12). إنه ينتظرك أن تعود إليه بتوبة حقيقية وإيمان في كمال عمله لينقذك من بحر الرَّدَى لتترنم: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، وَمُبَارَكٌ صَخْرَتِي، وَمُرْتَفَعٌ إِلهُ صَخْرَةِ خَلاَصِي» (2صموئيل22: 47)، ولتهتف عن اختبار: «وَلَيْسَ صَخْرَةٌ مِثْلَ إِلهِنَا» (1صموئيل2: 2؛ 2صموئيل22: 32؛ مزمور18: 31).
وإن وجدتَ نفسك في بحر الظروف الطاحنة، ليت لسان حالك يكون: «اِنْتِظَارًا انْتَظَرْتُ الرَّبَّ، فَمَالَ إِلَيَّ وَسَمِعَ صُرَاخِي، وَأَصْعَدَنِي مِنْ جُبِّ الْهَلاَكِ، مِنْ طِينِ الْحَمْأَةِ، وَأَقَامَ عَلَى صَخْرَةٍ رِجْلَيَّ. ثَبَّتَ خُطُوَاتِي» (مزمور40: 1، 2)!
فكِّر جيدًا؛ أيهما تخار: القشة أم الصخرة؟!

Mary Naeem 22 - 12 - 2016 05:58 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
الباب الي يجيلك منه الريح سِدَه واستريح

يتخيل هذا المثل شخصًا جالسًا في مكان مغلق في يوم عاصف، ترك الباب مفتوحًا على مصراعيه، وجلس متأذِّيًا من صوت الرياح وفعلها، متخوفًا من آثارها المدمرة على صحته وبيته! وقائل المثل يتكلم بمنتهى المنطقية، موجِّهًا النصح لصديقنا: “أغلق الباب!” فلِمَ البقاء مُعَرَّضًا للمخاطر والمخاوف والحل مُتاح؟! وهل يصعُبَ إغلاق الباب؟!
ويقولون أيضًا في هذا الصدد: “الوقاية خير من العلاج”، وبالتأكيد هذا صحيح أيضًا. فلِمَ تُعَرِّض نفسك للخطر والمرض، ثم تقضي ردحًا من الزمان تبحث عن العلاج، وقد لا تجده، وإن وجدته ستتكلف تكاليف باهظة، ولن يكون الأمر بلا خسائر؛ وكان يمكنك بقليل من الحذر أن تتقي المرض من الأساس؟!
ولنذهب إلى كلمة الله لنجد الحكمة الحقيقية، ونسمعها على فم الحكيم قائلاً: «الذَّكِيُّ يُبْصِرُ الشَّرَّ فَيَتَوَارَى (يختبئ). الأَغْبِيَاءُ يَعْبُرُونَ (صورة للاستهتار واللامبالاة) فَيُعَاقَبُونَ»، وكذا: «اَلْحَكِيمُ يَخْشَى وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ، وَالْجَاهِلُ يَتَصَلَّفُ (يتكبر) وَيَثِقُ» (أمثال27: 11؛ 22: 3؛ 14: 16).
  • صديقي، إذا لم تكن بالإيمان قد احتميتَ بالمسيح مُخَلَّصًا، فبابك ما زال مفتوحًا أمام رياح غضب الله التي ستهبُّ قريبًا جدًّا على كل الرافضين للمسيح، وما أقساها! بل وما أرعبها! يقول المسيح عمَّن لم يؤسِّس حياته على صخر الإيمان بكلام المسيح وعمله: «وَهَبَّتِ الرِّيَاحُ، وَصَدَمَتْ ذلِكَ الْبَيْتَ فَسَقَطَ، وَكَانَ سُقُوطُهُ عَظِيمًا!» (متى7: 24-27). فتعالَ إلى المسيح الذي يُقال عنه: «كَمَخْبَإٍ مِنَ الرِّيحِ وَسِتَارَةٍ مِنَ السَّيْلِ» (إشعياء32: 2).
  • أما بعد الإيمان فلا بد أن نلتفت إلى عواصف الخطية، ونغلق أمامها الأبواب، قبل أن تدمِّر حياتنا الروحية. وكل مِنَّا يعرف الأبواب التي تأتي بالريح عليه، تلك الأمور التي تسبِّب سقوطنا. إذن، لنغلقها: باجتناب معاشرات رديَّة، وبالحكم بنظرة الله على علاقات عاطفية، وبالكفِّ عن هوايات مؤذية! هيا لخطوات عملية لإغلاق الأبواب أمام الرياح: بنبذ المشاهدات التي تؤثر فينا على التلفاز، بمسح رسائل ومقاطع من على التليفون المحمول، بضبط أنفسنا في استخدام الكمبيوتر والإنترنت، برفض النكات الإباحية والبذيئة، بأن يكون لنا مواقف واضحة مبنية على مبادئ أكيدة! يقول الكتاب عمَّن يفعلون غير ذلك: «إِنَّهُمْ يَزْرَعُونَ الرِّيحَ وَيَحْصُدُونَ الزَّوْبَعَةَ» (هوشع8: 7).
فاحذر يا صديق!

Mary Naeem 22 - 12 - 2016 06:00 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
المركب اللي فيها ريسين تغرق

مثل بليغ بالعامية المصرية. وهو يعني أن القيادة في أي مجال يجب في النهاية أن تكون لواحد. فإن وُجد على سفينة واحدة قبطانان، وإن امتد الوفاق بينهما بعض الزمان، ففي كثير من الظروف ستصطدم قراراتهما، وخاصة وقت الطوارئ؛ واحد يريد أن يتجه يمينًا والآخر يسارًا. وتخيل أن عُمّال المركب انقسموا إلى قسمين كل واحد فعل إرادة واحد من القبطانين! لا بُد وأن تغرق السفينة.
وفي سفن حياتنا الأمر كذلك. أتذكَّر ترنيمة تعلمها كثيرون مِنَّا في مدارس الأحد تقول:
مين ساكن في قلبك مين؟
واحد بس من الاتنين
إما الله، أو الشيطان
واحد بس، مش الاتنين
فلا يمكن أن يكون الله قائدًا لحياتك، وأنت في ذات الوقت خاضع لسلطة الشيطان؛ فكيف تلتقي القداسة مع النجاسة؟! أو يجتمع النور والظلمة؟ وأي اتفاق للمسيح مع الشيطان (2كورنثوس6: 15)؟! لا يمكن أن ترضي الله والشيطان في آنٍ واحد. بل السبيل الوحيد ليكون الله “ريس” (أي سيد) حياتك، هو أن تدعوه أن يحررك من إبليس، السيد القاسي، ليدخل المسيح إلى حياتك مالكًا وقائدًا وراعيًا. ليتك تفعل ذلك الآن!
http://www.nahwalhadaf.com/Images/102/102-01-01.jpg
على ذات المنوال قال الرب يسوع: «لا يقدر أحد أن يخدم سيدين. لأنه إما أن يبغض الواحد ويحب الآخر أو يلازم الواحد ويحتقر الآخر» (متى6: 24). والقول لا يحتاج إلى تعليق.
على أن بعض المؤمنين، بعد أن تحرروا من سيادة إبليس بفضل عمل المسيح، يرتكبون خطأً جسيمًا حين يعتقدون أنهم يستطيعون أن يقودوا بأنفسهم سفينة حياتهم والرب فيها، وكل ما عليه هو أن يتدخل في الأزمات أو عند عجزنا! وهل يستقيم مثل هذا الوضع؟! كلا يا صديق! بل، هيَّا سلِّم زمام الأمر ودفة الحياة ليديه الماهرتين! دعه يقود، واجلس بجانبه في سلام واطمئنان! سيصل بك إلى المينا الأمين في خير حال، وطوال الطريق ستبقى باستمتاع به.


هيَّا رنم معي:

إن قادني ربي العَلِي
لا أرهب الشرَّ
بالحكمة يقود، بالنعمة يسود
فلا أرى الضرَّ

Mary Naeem 22 - 12 - 2016 06:01 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
ليس كل ما يلمع ذهباً

مَثَل منتشر في لغات أخرى أيضًا، فمثلاً في الإنجليزية يقولون: “All is not gold that glitters”.
والحقيقة أن هذا المثل حكيم للغاية، فكم من الأشياء تجذب العين لامعة، ثم نكتشف أنها ليست ذات قيمة، أو كما يقولون بالعامية المصرية “فالصو”؟! وما يميز الفالصو أنه وإن بدا لامعًا يبهر العيون، إلا إنه لا يصمد مع الزمن ولا بُد أن ينكشف. هكذا رفض موسى بريق الخطية، قابلاً أن يتحمل العار «عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ تَمَتُّعٌ وَقْتِيٌّ بِالْخَطِيَّةِ» (عبرانيين11:25).
إن للخطية بريقًا في البداية؛ فالعصيان بالأكل من الشجرة بالجنة كان بهجة للعيون (تكوين3: 6)، والمكسب الناتج عن السرقة والكذب له لذَّته (أمثال9: 17، 18)، والجري وراء الشهوات كذلك (أمثال7:21-23). والأمر ينطبق على كل العلاقات الشريرة ومواقع الإنترنت النجسة. والخمر والمُكَيِّفات: تترقرق في البداية و«فِي الآخِرِ تَلْسَعُ كَالْحَيَّةِ وَتَلْدَغُ كَالأُفْعُوانِ» (أمثال23:31،32). والآية الأخيرة تذكِّرني بما قرأته عن بعض أنواع أفاعي الكوبرا، والتي تختبئ بين الحشائش رافعة رأسها بطريقة تُظهر فقط عيناها وهما تلمعان ببريق أخَّاذ، ومتى انجذب باحثٌ عن البريق إلى عينيها كانت نهايته. ولست أدري كم عدد الذين قضوا نَحْبَهم بهذه الطريقة، لكني أعتقد أنهم كثيرون. فلا تكن واحدًا منهم يا صديقي!
وقبل أن أُنهي تعليقي، أذكر أيضًا قصة رحبعام وأتراس الذهب التي سلبها منه عدوه شيشق
(2أخبار12: 9-12). والذهب الحقيقي في الكتاب هو إشارة جميلة لكل ما هو من الله، فلقد ضاعت منه القوة الروحية الحقيقية التي من الله. هل تعرف ماذا فعل؟ لقد استعاض عنها بأتراس من النحاس، لها - في عينيه هو - نفس البريق، لكن ليس في عيني الله. لكنه اضطر أن يخبئها عن أعين الناس، فقد كان يعلم أن بريقها لا بُد وأن ينكشف وصدأها لا بُد وأن يظهر يومًا. صديقي، لا ترضَ بالضعف الروحي، ولكن لا تحاول أن تدَّعي القوة الروحية ببعض المظاهر التي هي كالنحاس! بل تعالَ إلى الرب ومحضره؛ هناك سيهبك الرب الذهب المُصَفَّى اللامع فيلمع ذهبك ولا تطفئه الظروف ولا السنون (رؤيا3: 15-20)!

Mary Naeem 22 - 12 - 2016 06:04 PM

رد: موضوع متكامل عن الأمثال الشعبية في الكتاب المقدس
 
الطيور على أشكالها تقع

هو واحد من الأمثال الشهيرة أيضًا، ويُعرف في عدة لغات، فيقولون مثلاً في الإنجليزية Birds of a feather flock together.
والمثل مستوحى من الواقع؛ فالطبيعي أن تطير الطيور في أسراب من النوع ذاته، ونادرًا ما تجد - مثلاً - فرخ حمام يطير بشكل طبيعي بين سرب غربان، ولا العكس. وإن حدث لأي سبب، فالنتيجة ما لا يحمد عقباه.
ويُقصد بالمثل أن المجموعة التي ترضى، بمحض أرادتك، أن يكونوا رفقاءك بشكل مستمر، يَدلّون بشكل أو بآخر على ما في داخلك، لأنه لا بد أنك تشابههم لدرجة ما. قال أحد الحكماء: “أرني صديقك فأعرفك”.

وهذه حقيقة، فرفقاؤك لا بد وأن يؤثروا عليك إيجابًا أو سلبًا، لذا يقول الحكيم كاتب سفر الأمثال: «اَلْمُسَايِرُ الْحُكَمَاءَ يَصِيرُ حَكِيمًا، وَرَفِيقُ الْجُهَّالِ يُضَرُّ» (أمثال13: 20). ولذلك كان اختيار المرنم الصائب هو: «رَفِيقٌ أَنَا لِكُلِّ الَّذِينَ يَتَّقُونَكَ وَلِحَافِظِي وَصَايَاكَ» (مزمور119: 63). وأوضح لنا في جزء آخر من نفس المزمور لماذا هذا الاختيار دون غيره، بالقول: «انْصَرِفُوا عَنِّي أَيُّهَا الأَشْرَارُ، فَأَحْفَظَ وَصَايَا إِلهِي» (مزمور119: 115). فلا تتوقع أن تعيش في وسط الأشرار بفضائل الأبرار!!
وحري بنا أن نلتفت إلى تحذير الكتاب: «لاَ تَضِلُّوا: فَإِنَّ الْمُعَاشَرَاتِ الرَّدِيَّةَ تُفْسِدُ الأَخْلاَقَ الْجَيِّدَةَ» (1كورنثوس15: 33). ولذا وجب أن نطيع قول الكتاب: «لاَ تَكُونُوا تَحْتَ نِيرٍ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لأَنَّهُ أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟ وَأَيُّ اتِّفَاق لِلْمَسِيحِ مَعَ بَلِيعَالَ؟ وَأَيُّ نَصِيبٍ لِلْمُؤْمِنِ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ؟... لِذلِكَ اخْرُجُوا مِنْ وَسْطِهِمْ وَاعْتَزِلُوا، يَقُولُ الرَّبُّ. وَلاَ تَمَسُّوا نَجِسًا فَأَقْبَلَكُمْ، وَأَكُونَ لَكُمْ أَبًا، وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ لِي بَنِينَ وَبَنَاتٍ، يَقُولُ الرَّبُّ، الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ» (2كورنثوس6: 14-18).
صديقي.. فلتُحسن اختيار الرفيق، فهو الذي سيحدِّد الطريق، وإن أسأت الاختيار فالخطر محيق.


الساعة الآن 06:01 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024