عرض مشاركة واحدة
قديم 21 - 05 - 2020, 08:35 PM   رقم المشاركة : ( 11 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,222,198

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: دراسة تفصيلية في الذبائح والتقدمات في الكتاب المقدس

وفلسفة هذه النظرية أتت من أن الذبيحة الحيوانية تعوزها السمة الأخلاقية، لذلك ليس لها – في الأساس – أي مغزى أخلاقي هام، ولم تكن تعبيراً عن العبادة الحقيقية بأي شكلٍ كان، بل كانت في جوهرها، عملية اقتصادية تجارية كتلك الموجودة بين البشر والمبنية على فكرة [خد وهات؛ اُعطيك فتُعطيني في المقابل، عطية أمام عطية متبادلة ومتساوية في القيمة]، فكل شيء له ثمن، وكل عطاء مُثمن بعطاء مقابل يساويه.
مع أن هذه النظرية لا تتفق – مثل سابقتها – مع ما جاء في تكوين الإصحاح الرابع، والذي يُعتبر أول ذكر لقربان الحبوب أو ثمار الأرض والذبيحة الحيوانية في تاريخ البشرية، طبقاً لما جاء في الكتاب المقدس. وعلى عكس هذه النظرية:
فيبدو أن قايين وهابيل قَدَما قربانهما إجلالاً واحتراماً لله كإله شخصي، وذلك لكي يكسبا رضاه، ومن الواضح أن الله في هذا الموقف لا يتأثر بالعطية أو مُعطيها على أساس رشوة أو شيء مقابل شيء، أو حتى مقابل رضاؤه كفعل مُقدَّم له من الخارج، فالله أظهر بوضوح شديد أنه ينظر أولاً للقلب والنية والضمير وليس للعطية في حد ذاتها مهما عظمت أو كبرت أو صغرت أو مهما ما كان سموها، فالله مهتم بالنواحي الأخلاقية الداخلية، وبالاستجابة لأقواله بالطاعة.

لذلك نلاحظ أن الله استجاب لشخص ولم يستجيب للآخر [ولكن إلى قايين وقربانه لم ينظر فاغتاظ قايين جداً وسقط وجهه] [2]، ويشرحها القديس يوحنا الرسول: [ليس كما كان قايين من الشرير وذبح أخاه، ولماذا ذبحه لأن أعماله كانت شريرة وأعمال أخيه بارة] [3]، ومن هنا نفهم أن الله لا يرتشي أو ينظر لقربان مُقدَّم إليه حتى لو كان تنفيذاً للوصية المقدسة، إن لم يكن مُقدَّم من الداخل أولاً، بقلب طاهر لا يحمل شراً أو ضغينة لأحدٍ ما، لذلك الرب بنفسه قال كلاماً نجد فيه إشارة بليغة لموضوع قايين وهابيل: [فأن قدمت قربانك إلى المذبح وهناك تذكرت أن لأخيك شيئاً عليك. فاترك هناك قربانك قدام المذبح واذهب أولاً اصطلح مع أخيك وحينئذ تعال وقدم قربانك] [4]
6 – أما علماء الكتاب المقدس فيقولون إن تقديم الذبائح أمر وضعه الله للإنسان منذ البداية (مع أن ذلك غير مؤكد ولا يوجد أمر أو وصية محددة قبل شريعة موسى تأكد عليه)، ويبنون ذلك على أساس ما جاء في الإصحاح الرابع من سفر التكوين حيث نقرأ: [أن قايين قدم من أثمار الأرض قرباناً للرب، وقدم هابيل أيضاً من أبكار غنمه ومن سمانها. فنظر الرب إلى هابيل وقربانه. ولكن إلى قايين لم ينظر] [5]، وفي رسالة العبرانيين يقول: [بالإيمان قدم هابيل لله ذبيحة أفضل من قايين] [6]، وبناء على ما قاله الرسول فأننا نتيقن أنه من المستحيل أن يرفض الله عطية مقدمة من إنسان يتقيه ومن الداخل قلبه صالح يحترمه ويتقيه ويحبه، وكما نجد في سفر اللاويين أن الله لا يقبل فقط الذبائح الدموية بل هناك عطايا أخرى تُقبل من الإنسان كما سوف نرى فيما بعد، مما يُثبت ان الله لم ينظر لنوع التقدمة ذاتها كما يقول البعض حسب تأمله مبتعداً عن شرح الرسول وتفسيره لهذا الموقف، وعدم التأكيد – حسب ما عرفنا الله – على أنه ينظر بأي روح قُدمت العطية، وما هو نية الإنسان في قلبه من الداخل، لذلك فالشرح بناء على نوع التقدمة كان خاطئاً جداً وبعيد تمام البُعد عن قصد الله، بسبب النظر للموضوع من الخارج حسب الشكل وما ذُكر فيما بعد في سفر اللاويين، لذلك هذا التفسير لا نستطيع أن نقبل به على ضوء هذه الآيات:
  رد مع اقتباس