عرض مشاركة واحدة
قديم 28 - 09 - 2012, 06:49 PM   رقم المشاركة : ( 6 )
Marina Greiss Female
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية Marina Greiss

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 14
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : USA
المشاركـــــــات : 20,933

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Marina Greiss غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب تكوين العادة للأنبا مكاريوس أسقف المنيا "مكتوب"

كتاب تكوين العادة - الأنبا مكاريوس أسقف المنيا
5- خطورة العادة




مشكلة العادة عندما تتأصل في الإنسان،


أنها تتحول إلي طبع، تشكل وتساهم في تشكيل الشخصية، وتختفي وراء السمات العامة لتلك الشخصية،


يقول مار اسحق


" تخوَّف من العادات أكثر من الأعداء، أن من يربي عنده عادة، هو مثل إنسان يشعل نارا بكثرة الوقود، وذلك لأن قوة الاثنين تتقوَّم بالمادة،


أما العادة فإنها إذا ما طلبت مرة ولم تجبها إلي طلبها، فإنك تجدها في وقت أخر ضعيفة أما إن صنعت لها ما طلبته فإنها تتقوي في الثانية أكثر مما سلف


وما يقال عن الطعام يقال عن الكلام،


فالشخص الثرثار والنمام والمترهل،


هؤلاء هم أشخاص تكونت فيهم مثل تلك العادات دون أن ينبههم أحد، سواء في المنزل والكنيسة والمجتمع، ويلفت نظرهم


وهنا تأتي أهمية النصح المخلص من الاّخرين تجاه ما يرونه من عادات ليست حميدة وهكذا تسهم العادة في تكوين الشخصية، يقول مار اسحق

"العادات تشجع الاّلام والأعمال تؤسس الفضيلة".


و تكمن خطورة العادة

أيضا في أنها تحرم الإنسان من عمل الخير،


فقد يمنع التدخين شخصا ما من التناول لأنه لا يقدر أن يتنع عن التدخين لبعض ساعات وعندئذ يمتنع عن التناول!!! ويمنعه ذلك من الصوم الأنقطاعي عموما، وقد يمنعه ذلك من الصوم الأنقطاعي عموما، وقد يمنعه اعتياده علي عدم الأستيقاظ مبكرا من التناول أيضا!!

وهكذا تحرم العادة السيئة من النمو الروحي.


وقد يفقد الإنسان مصداقيته في المجتمع بسبب عاداته الرديئة والتي لا تجد قبولا لدي الآخرين، وقد يفقد وظيفته بل قد لا يستطيع الحصول عليها أصلا بسبب ذلك بل قد تتسبب العادة في اقتراف الخطايا،


يقول الأب مكسيموس المعترف


"قد تخطئ بسبب قوة العادة وقد تخطئ بسبب نزوة مفاجئة،


في الحالة الثانية لم يتعمد الإنسان اختيار الخطية، ولكن ذلك يختلف كثيرا عن الإنسان الذي يخطئ بسبب تسلط العادة، حيث كان يخطئ بالفكر قبل الفعل".


وقد تتسبب العادة في الأضرار بالصحة

مثل العادة الشبابية ومعاقرة الخمر وغيرها،


والجسد نفسه وزنة من الله يجب أن نحسن استخدامها، بل نقوت هذا الجسد ونربيه (أف 5: 29)


وهكذا يمكن أن يهلك إنسان بسبب تأصل العادات الرديئة، وتشترك في تحديد مصيره،


يقول الأب يوحنا الدمشقي


" الإلتصاق بالأمور المادية يولد شهوة وبهجة في الشخص الواقع تحت هذا الرباط، مما يظهر عدم جدوي الاشتياقات الروحية عندما يتحكم فيها الهوي،


وإذا اكتسبت بعض العادات الصغيرة اليد العليا من خلال هذا الرباط الغير محسوس، وذلك الإنسان الذي يغلب من هذا لا يدرك بالحس ويكون غير قابل للتقويم فهو ممسوك بقوة من الشهوة المخبأة في هذا الرباط، إلي أن يعينه الله ويفلت منه".

و المثل الصيني الشائع يقول:ازرع فكرا تحصد قولا

ازرع قولا تحصد عملا

ازرع عملا تحصد عادة

ازرع عادة تحصد خلقا

ازرع خلقا تحصد مصيرا

يقول القديس أرسانيوس:

(بادر باقتلاع الحشيشة الصغيرة التي هي التواني وإلا تأصلت وصارت غابة كبيرة)

ويقول الأب بطرس الدمشقي:

"فالعادة إذا رسخت استمدت من الطبيعة قوتها وأما إذا لم تمدها بشئ فهي تضعف وتتلاشي شيئا فشيئا،

والعادة حسنة كانت أم سيئة يغذيها طول الوقت كما يغذي الوقود النار،

ولهذا علينا أن نتوخي الخير ونعمله بكل قدرتنا حتي تتكون العادة، وعندئذ تعمل من تلقاء ذاتها ولا عناء في مجريات الأمور هكذا فاز الأباء في الأمور الكبيرة عبر الأمور الصغيرة".

و يقول أيضا

" إن الله يسبغ علي أولاده الخير ولا يحجبه عنهم ضعف الإيمان وسوء النية والعادة الرديئة،


ولو أنعم علي الإنسان بشئ من نور المعرفة لاجتهد في تدمير العادة القبيحة ولو نوي ذلك في قلبه لأقبلت النعمة تعمل وتجاهد معه،

ولكن الرب يقول أن قليلين هم الذين يخلصون (لو 13: 23، 24)


فالمنظورات تبدو عذبة ولكنها في الواقع مرة،

الكلب الجريح يلحس (خطامه) ويجد في ذلك عذوبة تلهيه عن وجعه ولكنه لا يدري أنه يلعق دمه،

كذلك الشره يأكل ما يعود بالأذي علي نفسه وجسده ولكنه لا يأبه للضرر الذي يجلبه علي ذاته،


وهكذا كل المستعبدين لأهوائهم مصابون بمرض اللاشعور،

إنهم بوسعهم بلا شك أن يتوبوا ولكن العادة تجتذبهم ثانية، ولذلك يقول الرب ملكوت الله يغضب (متي 12: 11) لا بالطريقة الطبيعية بل بالتغلب غلي عادة الشهوات فلو كان الملكوت يؤخذ بالطريقة الطبيعية لما دخله أحد..


وهكذا شيئا فشيئا تعمل العادة من تلقاء ذاتها سواء للخير أم للشر.

ولو لم يكن الأمر كذلك لما نجا لص يوما بينما الواقع أن لصوصا كثيرين غمرهم النور، فأنظر كم هو طويل ذلك الطريق الفاصل بين اللص والقديس ولكن حيث عكزت العادة تغلبت النية...".

يقال أن أحد الفلاسفة


أراد أن يجرب إن كانت التربية والتمرين يمكنها تغيير الطبع والعادة المتأصلة


فأخذ خنزيرا وحممه بالماء وطوق عنقه بطوق من الذهب ووضع عليه ثمين الثياب ثم سار به في الشارع النظيف فسار معه في هدوء وطاعة


ولكنه حالما أبصر مستنقعا من الماء الضحل حتي أفلت من الفيلسوف وراح يتمرغ فيه مسرورا،

وأعاده الفيلسوف إلي ما كان عليه من نظافة وسار به فكرر الخنزير ما فعله..


انه يشبه الخاطئ الذي يتوب ثم يعود إلي الخطية


"كلب عاد إلي قيئه وخنزيرة مغتسلة إلي مراغة الحمأة" (2 بط 2: 22) وحينئذ لا ينفع سوي أن يتحول الطبع إلي نعمة.
  رد مع اقتباس