عرض مشاركة واحدة
قديم 25 - 05 - 2012, 11:07 PM   رقم المشاركة : ( 26 )
sama smsma Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية sama smsma

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 8
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركـــــــات : 91,915

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

sama smsma غير متواجد حالياً

Arrow

الأيقونة البحمدونية
أم النعم السريعة الاستجابة.

بحث كبير عن الايقونة

سيدتنا أم النعم، السريعة الاستجابة، العجائبية، (بحمدون) وهي نسخة عن الأيقونة التي صورها القديس لوقا الإنجيلي في حياة السيدة العذراء. وهي من روائع الفنّ في القرن الخامس وقد ظهرت على شاطئ البحر بالقرب من كورينثوس سنة 1147م وفي سنة 1554م نقلت إلى إنطاكية وسنة 1857م نقلها غبطة البطريرك أيروثيوس إلى بحمدون. وهي التي صلى أمامها غبطة البطريرك غريغوريوس الرابع يوم مرضه المشهور في عينيه وظهرت له يومئذٍ وشفته من هذا المرض الوبيل.


تمجدت هذه الأيقونة العجائبية منذ القرن الخامس بوفرة عجائبها. فهي من أشهر أيقونات والدة الإله العجائبية في الشرق. لأنها كانت الطبيب الشافي في الأمراض الصعبة والأدواء الوافدة. والمعزية الحنون للحزانى. والمساعدة القوية للمجاهدين في سبيل الإيمان القويم. والنصيرة السريعة في الدواهي والملمات. والصائنة لطهارة العائلات. والغنى للفقراء. والقوة للضعفاء. والفرح للمغمومين. والمعتنية بالأطفال. والهادية للجهلاء والضالين. والرجاء للبائسين. والأم الرءوف لجميع الملتجئين إليها عن إيمان. فبالصلاة الحارة أمامها لأم الإله أَبصر العميان وسمع الصمّ ونطق البكم واستقام الحدب وقفز العرج وشفي المصدورون والمشلولون وجميع المصابين بأنواع الحميات وتشويهات الأعضاء البدنية.

عرف أهالي بلدة بحمدون قوة أم الإله فعظموها وكرموا أيقونتها المقدسة بتشييدهم لها كنيسة عظيمة بفخامة بنيانها وجمال قدسيّاتها وغنى أوانيها وأثاثها ووفرة تقادمهم لها وعلى الأخص بمواظبتهم على الصلاة أمامها بالورع والتقوى والاحترام اللائق ببيوت الله على العموم.
إن هذه الأيقونة العجائبية إنما هي نسخة طبق الأصل عن الأيقونة (الراحمة) التي صورها القديس لوقا الإنجيلي في السنة الخامسة عشرة بعد صعود الربّ وعُرفت فيما بعد (باوديغيتريا) أي القائدة. وتُذكر في صلاة (الباراكليسي) الابتهال هكذا: (لتصمت شفاه الذين لا يسجدون لأيقونتك المقدسة قائدة العميان التي صورها لوقا الإنجيلي الكلي الطهر). وهي من بدائع فنّ التصوير في القرن الخامس. وقد نقلت إلى إنطاكية سنة (1554م).
ومنها استجلبها سنة (1858م) إلى بحمدون المثلث الرحمات البطريرك الإنطاكي إيروثيوس ووصفها لأهلها كما يلي:


المجد لله دائماً
برحمة الله تعالى
بطريرك إنطاكية وسائر المشرق
ايروثيوس
أيها الأبناء الروحيون الأحباء بالرب أهالي قرية بحمدون داموا مباركين. غب إهدائهم الأدعية الحبرية والبركات الأبوية. إن ما شاهدناه من تقوى لفيفكم بأم عيننا يدفعنا إلى أن نمجد الله ونشكره من كل قلبنا على إيمانكم وتقواكم ونرنم مع النبي والملك داود: (لقد عظم الرب الصنيع معنا وصرنا فرحين. ما أعظم أعمالك يا رب كلها بحكمة صنعت.).- إن عمل الله الذي أجراه اليوم في هذه القرية الصغيرة بواسطة أيقونة أمه الكلية القداسة يلزمنا أن ننزل على رجائكم ملبين نداء تقواكم وتعلقكم بالسيدة الكلية القداسة أم الإله شفيعة الجنس البشري ومباركين لفيفكم وواهبينكم الأيقونة التي صنعت وتصنع العجائب العظيمة دوماً لأن الكتابة التي على الرق البرغاموسي الملتصق بها يوضح أنها من تزويق الجيل الخامس ونسخة طبق الأصل عن أيقونة سيدتنا والدة الإله التي صورت بيد القديس لوقا الإنجيلي البشير بإلهام من الله وهي المسماة أوذيغيتريا (القائدة) والتي طُرحت في البحر خوفاً من أن ينالها تحقيرٌ من قبل الملوك محاربي الأيقونات. وبهذا العمل سلّمت إلى يد العناية الإلهية التي حفظتها. وبعد سنوات عديدة أظهرتها محمولة على أيدي الملائكة القديسين محفوظة من عطب الماء فوق أمواج البحر بالقرب من كورينثوس يوم عيد البشارة سنة 1147م كما حُفِظَ الثلاثة الفتية القديسون من النار في أتون بابل حيث تمجدت بعجائب لا تحصى وإحسانات لا تعد لتؤكد عناية أم الإله بأبنائها الذين على الأرض. ثمَّ نقلت على يد المتوحّد بوليكربس إلى مدينة الله إنطاكية قاعدة كرسينا البطريركي الإنطاكي سنة 1554م. وهناك أفاضت نعماً وعجائب لا تعد حيث اكتسبت اسم أم النّعم بالنسبة إلى النعم الغزيرة والبركات الوافرة التي أغدقتها على شعبنا المجاهد لأجل إيمانه فكانت مفرجة ضيقاته ومقوّية إيمانه. ونحن عندما سمعنا بالمعجزات التي تمت بواسطتها تحركنا بالروح شوقاً إلى مشاهدتها وطلبناها لتكون مساعدة لنا في عملنا الرسولي بعد أن قدَّمنا صلوات لله من أجل هذا العمل وتوسلنا إليها أن ترافقنا في تفقد شعبنا فألهمتنا بوحي علوي إرادتها المقدسة فأوفدنا رسولنا البطريركي ولدنا الأرشمندريت أيروثيوس وجلبها لنا بالإكرام اللائق وكأنها بهذا العمل اختارتنا ليحصل لنا الشرف الأكبر لنجلبها ونرافقها إلى هذه البلدة العزيزة الوادعة حيث تستقرّ فيها إلى الأبد متخذة منها ناصرة جديدة وعرشاً جديداً ومملكة جديدة تشع منها نِعَمُ الأشفية الوافرة والبركات العديدة عليكم وعلى كل ملتجئ إلى حمايتها بإيمان. فنوصيكم بِطَرس بركتنا هذا ولنسلكم من بعدكم بإكرامها الإكرام الوافر إذ هي الأم العطوف على الجنس البشري والالتجاء إليها دوماً فهي خير معين بعد الله والشفيعة الحارة التي لا ترد لها طلبه لدى ابنها الإلهي. فلترافقنا بنعمتها ولتستقر عندكم بأيقونتها الصانعة العجائب.
وختاماً نسأل الله تعالى الذي ألهم الرسول لوقا تصويراته المنتخبة والمصطفاة بين سائر البشر أن يبارك عليكم وعلى حريمكم وأولادكم وفي منازلكم وأرزاقكم وأعمال يديكم ونعمته تعالى فلتكن معكم إلى الأبد آمين.
في 2 تموز سنة 1857م
إن المثلث الرحمات البطريرك إياروثيوس يريد أن يشير إلى ما يتواتر عنه في التقليد القومي في بحمدون بقوله: (إن عمل الله الذي أجراه اليوم في هذه القرية الصغيرة بواسطة أيقونة أمه الكلية القداسة...) ألا وهو أنه لما بلغ بحمدون لم يستقبله إلا بضعة رجال فتعجب من ذلك لِمَا كان يعلم من تقوى أهلها وسأل عن السبب فأجيب: إن هذه البلدة داء وافداً أَلا وهو الهواء الأصفر المخيف وقد توفي فيه بعض وبعض آخر على وشك الوفاة. فالناس يتجنبون في مثل هذه الحالة مخالطة بعضهم بعضاً خوفاً من انتشار الداء المرعب فضلاً عن الحزن المالئ القلوب والكمد المستولي على النفوس. حينئذ هدأ البطريرك اضطرابهم وسكّن روعهم بنصائحه الحكيمة وإرشاداته الأبوية وانتدبهم لإقامة صلاة ابتهال معه أمام هذه الأيقونة العجائبية فلبوا الدعوة الأبوية. وبعد الصلاة حمل البطريرك الأيقونة وزار بها بيوت المصابين بالداء المخيف وباركهم بها فقبّلوها بكل ورع وتقوى وهم واثقون بقوتها العجيبة فشفوا لساعتهم. وكذلك زار بيوت المتوفين ساكباً بلسم العزاء السماوي على قلوب عيالهم. وهكذا كفَّ البلاء عن البلدة. وإجابة لإلحاح الأهالي وبكائهم أمام البطريرك وهبهم الأيقونة لتكون الواقية لهم من كل ضرر ورزية. ومن ذلك الحين لم تُمنَ بحمدون بداء وافد بل أصبحت محط رحال المصطافين من الوطنيين والأجانب وكفى بذلك شاهداً محطة بحمدون التي لم يكن فيها منذ خمسين سنة إلا خان يأوي إليه المسافرون وقد أضحت الآن أشهى مصطاف لظرافة منازلها ومواتاتها لهناء السكنى وراحة المعيشة.
*وفي إبان ثورة سنة (1860م) هاجم الثائرون وعددهم نحو خمسة آلاف رجل من بلدة بحمدون فلاقاهم الآهلون بعد أن اجتمعوا في الكنيسة وسألوا بالصلاة والابتهال خاشعين معونة الحامية العزيزة التي لا تحارب وردوهم عنها دون يضروا بها. وقد شهد الثائرون بأنهم رأوا امرأة في حلة ذهبية تتقدم جماهير الآهلين.
*وفي سنة (1912م) لما دُعي البطريرك الإنطاكي القديس غريغوريوس حداد الرابع ليترأس حفلات يوبيل الثلاثمائة سنة لتملك بيت رومانوف في الروسية جاء بحمدون وأراد أن يأخذ هذه الأيقونة معه ليقدمها هدية للإمبراطور الحسن العبادة نقولا الثاني فأخذها وعوّض عنها بأيقونة بديعة التصوير من جبل أثوس المقدس كلَّفته مئة ليرة فرنسية ذهباً لتوضع في مكانها. واتفق أنه لما وصل إلى دمشق جاءها الأرشمندريت فيليمون حداد ليتداوى من مرض النوم ونزل في دار البطريركية في المقصورة التي كانت فيها الأيقونة. فابتهل أمامها إلى والدة الإله فظهرت له ليلاً وقالت: (كن معافىً) فشفي لساعته. وفي الغد التمس من البطريرك أن يهبه إياها فأجاب التماسه لأنه كان يعزه لصحة إيمانه وصدق تقواه فأخذها إلى قريته الخيام في منطقة مرجعيون وأقامها في الكنيسة. وخلفه الخوري نقولا طعمة في خدمة الكنيسة واتفق له أن أخبر أرشمندريت مطرانية بيروت (مطران لبنان الحالي) عن عجائبها المتتالية وأنه سمع منها صوتاً قائلاً: (أريد أن أكون في مثواي في بحمدون) فالتمسها سيادة الأرشمندريت إيليا من مطران الأبرشية يومئذ السيد ثيوذوسيوس أبي رجيلي فسمح له لقاء نسخة عنها طبق الأصل وحلة كهنوتية لكنيسة قرية الخيام.
ونقلها ارشمندريت إيليا في 26 نيسان إلى دير العذارى في بيروت.
*واتفق أن جاءت يومئذ الحاجة مريم السمرا رئيسة دير صيدنايا إلى بيروت لتعمل عملية جراحية في المرارة بواسطة طبيبها النطاسي الماهر المرحوم أسعد عفيش في مستشفى القديس جاورجيوس تنظيفاً لها من الحصى. فلما عرفت بوجود الأيقونة في دير سيدة الأشرفية سألت أن يؤتى بها من الحصى. فلما عرفت بوجود الأيقونة في دير سيدة الأشرفية سألت أن يؤتى بها إلى غرفتها فأجيبت إلى سؤالها. وفي الليل صلت أمامها راكعة بكل ورع وخشوع وملتمسة الشفاء من دائها فسقط للحال من مرارتها اثنتان وعشرون حصاة فاستغنت عن العملية الجراحية المخطرة وعادت إلى ديرها معافاة سليمة ترنم لأم الإله: (لا يسارع أحد إليك ويرجع من لدنك خازياً أيتها البتول النقية أم الإله بل يسأل النعمة فيحرز الموهبة بحسب ما يوافق طلبته).


*
وفي بيروت لجأت إليها السيدة لورنس طراد بعد أن أعيا داؤها أمهر الأطباء مبتهلة بإيمان حارٍّ فظهرت لها أمُّ الإله ومنّت عليها بالبرء من دائها المميت.


*
وفيها أيضاً أنعمت العذراء بواسطة أيقونتها هذه العجائبية على السيد جورج ابن المرحوم ناصيف الريس بالشفاء لما لم تفده العملية الجراحية في جوفه فراح يكثر من المبرات شكراً لها على أنعامها العظيم. واستصنع لها حلّة فضية نادرة المثال بديعة الصنعة.

*وفيها أيضاً جادت العذراء بواسطة أيقونتها على السيدة لبيبة كرم بالبرء من داء السرطان في معدتها بعد أن أخفقت معالجتها بالكهرباء وجميع الطرق الفنية.

*
وظهرت العذراء مريم للمرحوم ناصيف كرم والد نيافة السيد إيليا كرم مطران لبنان وشفته من داء الفالج بعد أن عالجه سنة تقريباً. وكان ظهورها له في الخامس والعشرين من آذار يوم بشارة رئيس الملائكة لها بالنعمة الشاملة العالم كله.


*
وفي اليوم الثامن من آذار مرض المثلث الرحمات المطران جراسموس مسرة بالتهاب الرئتين وجزم أطباء بيروت باستحالة شفائه فاستحضروها ملتجأ إلى معونتها عن إيمان حار فشفي ساعة دخولها إلى غرفته.

*وحدث لأسعد حنا الهبر صهر الدكتور بشارة اندراوس في طريقه إلى بغداد أن كان قدامه خمسون سيارة غارقة في وحل البادية ولا نستطيع التقدم. حينئذ أقام صورة هذه الأيقونة العجائبية على مقدم سيارته واستدعى معونة والدة الإله فجرت سيارته في الحال فصفق له السائقون وتبعوهُ فرحين معظمين العذراء.

*
وفي ثامن نيسان عام (1938م) جزمت جمعية الأطباء بعدم شفاء الدكتور فؤاد سعد من دائه العياء فاستقدم أهله هذه الأيقونة العجائبية فصلى أمامها السيد إيليا كرم مطران لبنان صلاة الابتهال وما انتهى من صلاة عند سرير المريض المدنف حتى سقطت حرارته وتكلم مخبراً عن أن راهبة بيضاء ظهرت له في الرؤيا وسقته دنًّ ماء فعاد إلى الحياة.


**
واشتد داء امرأة الدكتور توفيق كرم من بلدة حامات وفي 25 أيار ساءت حالها جداً في الجامعة الأمريكية حتى أوعزت إدارة مستشفاها بنقلها منه ولكن لم تبطئ أن فارقت الحياة وهُيّئَ لها التابوت إلا أن والدتها أصّرت على عدم نقلها عن سريرها حتى تستحضر الأيقونة العجائبية المقدسة. فلما وضع سيادة مطران لبنان السيد إيليا كرم هذه الأيقونة على صدر الميتة أمام أطباء المستشفى عادت إلى الحياة فبارك الجميع الله الفاعل العجائب بواسطة أيقونة أمه الفائقة القداسة.

**إن امرأة خير الحداد من بلدة دوما لما لم يهبها الله ثمرة بطنها ذهبت مرتين إلى أوربا رجاء أن تحصل على منيتها بالوسائط الطبية. ولكن لما خاب رجاؤها استحضرت هذه الأيقونة المقدسة فصلى أمامها في منزلها نيافة مطران لبنان السيد إيليا كرم. وما انقضت على تلك الصلاة الإبتهالية تسعة أشهر حتى رزقت المرأة ولداً.
وبعد أن صار الأرشمندريت إيليا كرم مطراناً للبنان نقلها إلى بحمدون. وفي يوم أحد القديس الرسول توما احتفل فيها بالقداس الإلهي واجتمع إليه الآهلون يهنئون بسيامته مطراناً قائلين: أنت يا سيدنا أعدت الأيقونة إلى بحمدون فأنت أحق منا بها. ولكن لما كان سيادته يعرف شدة تعلقهم بها ولا سيما بعد غيابها الطويل عنهم لم يرد أن يحرمهم إياها فشكرهم وعاد فقدمها لهم. فهي الآن في الكنيسة التي شيدها لشرفها في بحمدون لا تزال تفيض النعم والبركات والأشفية لكل ملتجئ إليها عن إيمان.
وفي اليوم الثامن من أيلول سنة (1928م) أطلق عليها البطريرك القديس غريغوريوس الرابع في احتفال حافل في كنيسة بحمدون اسم (السريعة الإجابة) مضافاً إلى اسم (أم النعم) بمناسبة ظهورها له في اليوم السابع من شهر آب في تلك السنة وشفائها لعينيه من المياه السوداء.
وبسخاء نيافة السيد إيليا مطران لبنان الجزيل الاحترام تعد هذه الأيقونة من أشهر أيقونات العذراء مريم الفائقة القداسة لكثرة ما ينفقه على طبع مئات الألوف من صورها وتوزيعها مجاناً في العالم المسيحي كله أجمع.
ولو أردنا استقصاء جميع ما يرد علينا من أخبار معجزاتها يوميّاً لامتدَّ بنا نَفَس الكلام إلى ما لا نهاية له.

ومن خطاب البطريرك القديس غريوريوس الإنطاكي الرابع الذي ألقاه عقب أن منت عليه العذراء بشفاء عينيه بواسطة أيقونتها هذه البحمدونية العجائبية يوم وقف في كرسيه في كنيسة بحمدون يسمع القداس الإلهي تتألق أهميتها وتستبين قوتها وهذا نصه:
(منذ سبعين سنة وقف سَلفنا المثلث الرحمات البطريرك الإنطاكي إياروثيوس على هذه الكرسي. نعم وقف على كرسي كنيسة بحمدون هذه دَهِشاً متعجباً وممجداً الله لِما شاهده من العظائم وسمع عن المعجزات الفائضة بسخاء من الينبوع الدائم التسلسل. من المعين الفياض. من النهر المروي الخليقة بأسرها. من عين الحنان والشفقة. من القلب المفعم رحمة وعطفاً. من المحبة المتجسمة التي أودعها الضابط الخليقة كلها قلب الأم البتول التي اصطفاها على نساء العالمين واصطفاها أماً لابنه مخلص العالم كله أجمع. نعم أننا بعد سبعين سنة مرت على وقفة سَلَفنا المغبوط الذكر نقف نحن أيضاً على ذات الكرسي في هذه الكنيسة المقدسة توخّياً للغاية الحميدة ذاتها أي لنمجد الله ونذيع شكرنا على إحسانات من هي أكرم من الشيروبيم وأرفع مجداً بلا قياس من السيرافيم. على نعم ابنه الأب وأم الابن وعروس الروح القدس شريكتنا في طبيعتنا البشرية والمهتمة بنا اهتمام الأم الحنون بأولادها والملطفة آلامنا والمضمدة جراحاتنا بلطافة محبتها وطيب عَرْفِ حنانها وإخلاص عواطف قلبها. – نعم نقف اليوم على هذه الكرسي الشريف لنعلن بحمدنا وامتناننا لتلك لأم السماوية التي عودتنا على إحسانها وإغداق نعمتها علينا. عودتنا على سؤالنا لها ونيلنا من لدنها كلُّ سؤل وبغية. ومشتهى ومنية. عودتنا على الآخذ من ذخائر رحمتها بدون حساب وكنوز شفقتها الشاملة الجميع.
نقف موقف الشاكرين الفرحين لأن الآخذ من يد الأم الروحية السماوية يمتاز بما لا يقاس عن الأخذ من يد الأم الأرضية الجسدية. فتلك تعطي السماويات وهذه تعطي الأرضيات. وشتان ما بين الباقيات والفانيات. تلك تعطي كلَّ ما تسأل. لأن كل كنوز السماء والأرض متوفرة لها. وهذه تكاد لا تحصّل في غالب الأحيان ما هو ضروري لقوام الحياة. وشتان ما بين الغني المنعِم والمعوِز المعدَم. تلك تعطي أولادها ولا تمنن عليهم بل تكتنفهم وتضمهم إلى صدرها مبتسمة باشة فرحة كما قال القديس بولس الرسول: (إن الله يحب المعطي الباش). تعطي دون أن تُشعر بمذلة السائل وفي الوقت عينه تُشرك بملذة المعطي. تعطي بلا ضجة ولا افتخار بل برصانة وتؤدة ورزانة كأنها تودع أولادها أمانة لا تستردها ما داموا يحسنون استعمالها ويقتربون بها من الله عزَّ وجل. فهي أمُّ الخليقة كلها. أمُّ الأجيال جميعهم. أمُّ النعم السريعة الإجابة لكل ملتجئ إليها عن إيمان ومحبة. نقف فيكم اليوم أيها الأبناء الأحباء بالرب لا لنعظ صفاء محبتكم ونقاء عاطفتكم بل لنقف مع رجل الله ابن العذراء خزانة الروح القدس. معلم الكنيسة وبلبلها الغريد. جندي البتول الذي أبلى في نضاله عن تكريم أيقونتها المقدسة بلاء حسناً وكابد أضرار المكايد والرزايا العالمية وطنيّنا القديس يوحنا الدمشقي وندعوكم لتكرموا بأهلية وجدارة سيدتنا والدة الإله بترنيمكم أمام أيقونتها المقدسة نشيدهُ المشهور لها يوم شفت يده المقطوعة فأعادتها إلى حالتها الطبيعة وهو: (إنَّ البرايا بأسرها: محافلَ الملائكة وأجناسَ البشر تفرح بك يا ممتلئة نعمة. أيتها الهيكل المتقدس والفردوس الناطق فخر البتولية مريم التي تجسد منها الإله وصار طفلاً وهو إلهنا قبل الدهور لأنه صنع مستودعكِ عرشاً وجعل بطنك أرحب من السموات. لذلك يا ممتلئة نعمة تفرح بك البرايا كلها وتمجدك).

ونحن وإن تكن حقارتنا غير جديدة بالتشبه بفخر الكنيسة القديس العظيم يوحنا الدمشقي. فالتشبه مع ذلك بالكرام فلاح. والله يكمّل قوتنا في الضعف بشفاعة أمه الفائقة البركات والقداسة. فيقبل أصواتنا في امتداحها وأن تكن غير شجية كصوت وطنيّنا القديس يوحنا كما يقبل معانينا وأن تكن غير الماسية كمعانيه ولا سيما إذا صدرت عن نفوس مؤمنة وقلوب مخلصة. ألا تذكرون أن الكنيسة تمدحها قائلة: (إن الألسنة بأسرها تتحير كيف تمدحك بحسب الواجب وكلَّ عقل وإن كان فائقاً العالم فإنه ينذهل في تسبيحك يا والدة الإله. لكن بما أنك صالحة تقبلي إيماننا لأنك عرفت شوقنا الإلهي فإذ أنت نصيرة المسيحيين فإياك نعظم).
ولا غروَ في ذلك. لأنه أَنى لعقولنا الأرضية أن تستوفي مدح الأسرار الإلهية التي تمت بالعذراء مريم والقواتُ السماوية أنفسهم لا يدركونها؟ ومع ذلك لما كانت هذه الأم العذراء قد رضيت بأن تصرح في تسبحتها النبوية قائلة:
(تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي لأنه نظر إلى تواضع أمته فها من الآن تبارك لي جميع الأجيال...)
فهي تقبل منا المديح والشكران بمقدار ما أولانا الله من فضله. وما كلف الله نفساً فوق طاقتها ولا تجود يد إلا بما يجد.

فيا والدة الإله الأم الحنون! يا أم النعم السريعة الإجابة! يا رجاء العالمين بعد الله وشفيعة الخاطئين التائبين أمام عرشه الإلهي وهادية الضالين إلى نور المعرفة الحقيقية معرفة ابنك ربنا وإلهنا يسوع المسيح شعاع الآب ورسم جوهره الإلهي الذي نعاين به النور. لا تهملينا في الضيقات ومصاعب هذه الحياة ورزاياها.

  رد مع اقتباس