عرض مشاركة واحدة
  #46  
قديم 29 - 05 - 2012, 12:56 PM
الصورة الرمزية sama smsma
sama smsma sama smsma غير متواجد حالياً
† Admin Woman †
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: قلب طفلة ترفض أن تكبر
المشاركات: 91,915
افتراضي


الفنّ البيزنطيّ



بحث كبير عن الايقونة


إنّ فنّ الأيقونات في الكنيسة الشرقية الأورثوذكسية هو عبارة عن فنّ طقسيّ مقدّس . . مثل كلّ الفنون الكنسية . له هدف روحي أكثر من أن يكون فقط من أجل تزيين الكنيسة بالرسومات . . وإبهاج العيون .
وهذا الفنّ في اللغة اليونانية يدعى ( آيّو غرافيّا ) أو الصورة المقدّسة , لأنّه يصوّر الأشخاص والمواضيع المقدّسة . .
ورسّام الأيقونات أو ( الآيّو غرافوس ) ليس من المفترض أن يستعمل هذا الفنّ بشكل حِرَفي . . حيث أنّه قديماً كان يقتصر على الرهبان فقط وكانت الرسومات سواء أكانت جدارية أو منقولة تنفّذ داخل الكنيسة خطوةً فخطوة .
الأيقونة البيزنطية لها معنى لاهوتي . . تُرْسَم بتلك الطريقة الغريبة والفريدة من
نوعها لتجعلها مميزة عن باقي الصور الدينية التي ترسم بطريقة مادية كما نرى في بقية الفنّون الدينية .

لهذا السبب نرى في الأيقونات البيزنطية نقاوة مدهشة ترفعنا فوق العالم الفاسد متى نظرنا إليها .
هذا الفنّ الثابت( ككنيسة السيد المسيح ) لا ولم يتغيّر مع تغيّرات الحياة والإنسانية ، وهذا التقليد المقدّس هو عمود النار الذي يقود الكنيسة عبر بريّة العالم الغير مستقرّ . . ولهذا يعتبر مفاجأةً لإنسان القرن الحالي الذي لا يغوص في أعماق البحر الروحانيّ . . فالسباحة على سطح الأحاسيس تجعل المرء ينجرف مع تيّارات ودوّامات المياه .
إنّ هذا الفنّ يغذّي أرواحنا بالمواضيع والمشَاهِد المُسْتمَدّة من الكتاب المقدّس كما يجعلنا ندخل عبر بوّابات الأحاسيس فيبهج أرواحنا بالنّبيذ السماويّ ويمنحنا راحة البال .
إنّ المهارة في هذا الفنّ ليست مسألة ميكانيكية ، ولكنّها تشترك في الرّوحانية وقداسة الأشياء المُراد تصويرها . حتى أنّ المواد التي تدخل في الأيقونة كلّها مواد نقية طبيعية معطّرة .
فالخشبة التي تُرْسَم عليها تؤخذ من السّرو أو الجوز أو الكستناء أو الصنوبر أو أيّة شجرة أخرى معطّرة . والألوان مُسْتَخرجة من الأرض تنبعث منها رائحة معطّرة متى مزجت مع الماء . . وخاصةً في رسم ( الفريسك ) الرّسم الجداري ، ففي اللحظة التي يضع فيها الرسّام ألوانه على الحائط الكلسيّ قبل جفافه تفوح منه روائح معطّرة ، كالجبال عندما تلامسها أمطار الخريف الأولى .
لا تُسْتَعمل أبداً في هذا الفنّ مواد سميكة أو خشنة كما في بقيّة الفنون التشكيلية مثل
( زيت الكتان ، وطلاءات سميكة ، وفراشي خشنة ومشعرة ) .
إنّ جمال الأيقونات البيزنطية نابعٌ من جمالٍ روحيّ . . وجمال الروح ليس من جمال اللحم وأيضاً نراها جداً عادية بعيدة عن الإفراط بالتزيين .
صام رسّامو الأيقونات الكبار متى عملوا ، وعندما بدؤوا الرسم غيّروا ملابسهم الداخلية لكي يكونوا أنقياء داخلياً وخارجياً . . كما هتفوا المزامير حتى ينفذ عملهم في روح الندم و يمتنعون عن الانشغال بأيّ أمر دنيويّ .
فالأيقونات البيزنطية المقدّسة تبدو مشوّهة إلى حدّ كبير بالنسبة إلى أولئك الذين لهم روح العالم ،
والذين صوّروا الناس في عيونهم شكلاً وليس روحاً .
وأخيراً : في الأيقونات البيزنطية نرى بأنّ اللحم مصـلوب مع العواطف والرغبات .
فهو فنٌّ ممتعٌ وصارمٌ بنفس الوقت .
رد مع اقتباس