عرض مشاركة واحدة
قديم 06 - 08 - 2022, 12:49 PM   رقم المشاركة : ( 15 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,217,884

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري

كتاب العجب الذي هو شاول - بولس - أ. إيريس حبيب المصري




السجن الداخلي لبولس




+ وهناك امرأة أخرى برزت في فيلبي بعد شهور من الالتقاء بليديا، هي جارية بائسة بها روح عرافة، يستغلها أسيادها للمال الذي تكسبهم إياه. وعلى الرغم من أن الأرواح المتصلة بها شريرة، فقد استشفّت هذه المسكينة حقيقة الكارزين. فتابعتهم أيامًا وهي تصرخ: "هؤلاء الناس هم عبيد العلي الذين ينادون لكم بطريق الخلاص". فتضجّر بولس وأخرج منها الروح النجس. وحين فقد أسيادها مورد رزقهم هاجوا هياجًا عنيفًا ضد الرسول الملتهب. وفي صباح اليوم التالي أوقفوا بولس وسيلا في المحكمة. فصدر عليهما الحكم بالضرب بالعصى وبطرحهما في السجن مع توصية السجّان بأن يضعهما في السجن الداخلي. وإمعانًا منه في استرضاء الحكام وضع أرجلهما في المقطرة. كان العالم الذي يعيش فيه رسول الأمم كله قسوة وبطش. بينما كان عالمه الداخلي كله مجد وبهاء. أليس يعيش مسيحه؟

+ ولو أننا تأملنا لوجدناه ضعيف البنية حسّاسًا، متوتر الأعصاب، ربطوه إلى عامود وجلدوه بعد أن كانوا قد خلعوا ثيابه، ثم رموا به في سجن عفن مظلم، ومع ذلك لا يتذمّر إطلاقًا. إنه يتمتع ببركات عظمى تملأه فرحًا. ومن العجب أن حياته كلها كانت سلسلة من الضيق والاضطهاد ونكران الجميل وسوء الظن، ومقابل هذا كله اسمعوه يكرر الهتاف: "افرحوا في الرب"، "افرحوا في الضيقات"، "لأن خفة ضيقتنا الوقتية". فدين السيد المسيح دين عجيب في كونه يخلق مثل هؤلاء الأبطال. وكأني به يردد لنفسه: "ماذا لو اضطهدني الناس فالله معي"، "ماذا لو فشلت عظتي هذه المرة فالله سيغلب يومًا ما"، "ماذا لو قتلوني؟ ذلك أفضل لأني سأكون مع السيد المسيح".
+ وبينما الكارزان في السجن كانا يترنمان بتسبيح الله. وسمع المسجونون ترانيمهم. وذهلوا من أن مسجونين في السجن الداخلي يترنّمان بدلًا من أن يشتما ويلعنا!
+ وقرب الفجر حدثت زلزلة عظيمة هزّت السجن وفتحت أبوابه، فارتعد السجّان وهمّ بأن يقتل نفسه. وإذا ببولس يطمئنه ويهدئ نفسه المضطربة. فلمست قلبه رهبة اللامرئي، وهكذا آمن واعتمد هو وأهل بيته.
+ وبعد ذلك بعشر سنوات كتب من سجنه في رومية رسالته إلى أهل فيلبي، ومنه ندرك عمق إيمان الفيليبيين. فالسيد المسيح بالنسبة لهم، لم يكن معلما لمبادئ نبيلة نشرها ثم مات. كلا، إنه الصديق الحاضر أبدًأ، الرب الحي المحيي الذي من أجله تقبّلوا العذاب بفرح.
+ ولنعد إلى حادثة السجن لنجد أن الولاة أرسلوا إلى السجان قائلين: "أَطْلِقْ ذَيْنِكَ الرَّجُلَيْنِ" (أع 16: 35). وهنا أيضًا نعجب من بولس، فبدلًا من أن يخرج فرحًا بالحرية، قال للسجان: "ضَرَبُونَا جَهْرًا غَيْرَ مَقْضِيٍّ عَلَيْنَا، وَنَحْنُ رَجُلاَنِ رُومَانِيَّانِ، وَأَلْقَوْنَا فِي السِّجْنِ. أَفَالآنَ يَطْرُدُونَنَا سِرًّا؟ كَلاَّ! بَلْ لِيَأْتُوا هُمْ أَنْفُسُهُمْ وَيُخْرِجُونَا" (أع 16: 37). وبالطبع اضطرب الولاة حين عرفوا أنهما رومانيان فنفذوا رغبة بولس. وعندها خرج الكارزان وذهبا إلى بيت ليديا، لأن هذه المرأة -باكورة المؤمنين بالسيد المسيح في أوروبا- استضافتهما في بيتها من البداية بأن قالت لهما: " «إِنْ كُنْتُمْ قَدْ حَكَمْتُمْ أَنِّي مُؤْمِنَةٌ بِالرَّبِّ، فَادْخُلُوابَيْتِي وَامْكُثُوا». فَأَلْزَمَتْنَا. " (أع 16: 15). فهل هناك وسيلة أروع من تلك التي اتخذتها ليديا؟ أليست فيها الدليل على أن إيمانها حي؟