عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 09 - 05 - 2015, 09:54 PM
الصورة الرمزية tito227
 
tito227 Male
..::| VIP |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  tito227 غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 17
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 2,845

المسيح قيامتنا كلنا


أبونا بطرس سامي كاهن كنيسة مارمرقس بالمعادي
٨ مايو ٢٠١٥
المسيح قيامتنا كلنا







تصلى الكنيسة يا أحبائي في أوشية الإنجيل طوال العام قائلة للمسيح أنك “أنت هو حياتنا كلنا وخلاصنا كلنا وشفاؤنا كلنا ورجاؤنا كلنا وقيامتنا كلنا”، بل وتعتبر يوم الأحد من كل أسبوع هو احتفال مع المسيح بالقيامة.. وذلك لأن القيامة التي قامها المسيح بالجسد قامها لأجلنا لكى ما يقيم أجسادنا ونفوسنا معه لنحيا معه فى السماويات “وأقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات في المسيح يسوع” (أف 6:2)، نرى الرسول بولس يستخدم الفعل الماضي الذي استخدمه أيضاً فى رسالة كولوسى عندما خاطبهم فى الإصحاح الثالث “إن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس”.

القيامة بالنسبة لكثير منا مع الأسف هى مجرد احتفال طقسي نلاحظ فيه تغيير الألحان أو تغيير نمط الحياة من حالة الصوم و القداسات المتأخرة و الصلوات الكثيرة إلى حالة التقليل فى الصلاة و عدم الصوم والصلاة بلحن مختلف وهذا يا أحبائي ما وبخه بولس الرسول في رسالته إلى أهل رومية عندما حذرهم من السلوك والعبادة حسب الجسد دون السمو والرقي إلى مستوى العبادة بالروح، وكما قال لأهل غلاطية متعجباً “أريد أن أتعلم منكم هذا فقط: أبأعمال الناموس أخذتم الروح أم بخبر الإيمان أهكذا أنتم أغبياء أبعدما ابتدأتم بالروح تكملون الآن بالجسد أهذا المقدار احتملتم عبثا؟ إن كان عبثا” (غلا 3: 2-4) و “أتحفظون أياما وشهورا وأوقاتا وسنين أخاف عليكم أن أكون قد تعبت فيكم عبثا” (غلا 4: 10-11)



الله يطلب الساجدين له بالروح و الحق لأن الله روح، كما قال المسيح للسامرية فى حديثه معها، الذي وضعته الكنيسة فى آحاد الصوم الكبير كما وضعته أيضاً فى آحاد الخماسين المقدسة التي هي كلها خمسين يوم أحد أى خمسين يوم تحيا الكنيسة بروح القيامة لكي ما تحاول من خلال العبادة والطقس أن ترتفع بالإنسان لمستوى العبادة والسجود بالروح لأن القيامة ينبغى أن تكون حالة الإنسان المسيحي الذي اعتمد و سار في طريق الخلاص متحداً بالمسيح من خلال جسده الذى هو الكنيسة.
القيامة هي الحالة والوضع السائد الذي يسود على الإنسان المسيحي الحقيقي الذي يسلك بالحق فى المسيح، حتى وإن كنا نصوم و نتنسك أوقاتاً خلال العام إلا أن هذا هو رجوع لكى ما نتذكر ما فعله المسيح لكى ما يصل بنا إلى حالة القيامة مرتفعاً بنا فوق مستوى الأرضيات ليس فقط الشهوات و المحبات الأرضية و إنما أيضاً الاكتفاء بالعبادة الطقسية دون الدخول للعمق والمقصد منها الذى هو أن يدخل بنا الطقس وأسلوب العبادة إلى مستوى الروح الذى هو الشركة و الاتحاد مع المسيح الذى قام بالفعل و جلس عن يمين الآب و بالتالى صار لنا نفس الحق فيه إن آمنا و طلبنا و عشنا حسب الروح.



ففى آحاد الصوم نرى الأناجيل كلها مركزة على حال الإنسان فى العالم فتمر بنا من الكنوز الزائفة الخادعة التى يوضح لنا الرب أنه هو كنزنا الحقيقى ثم حرب الشيطان و التجارب و نصرة المسيح لأجلنا و لحسابنا ثم الابن الضال الذى أضاع وزناته فى عيش مسرف و نظرة الآب المحبة المملوءة قبولاً و انتظاره لنا بل و الرفعة التى تنتظر كل من يتوب واثقاً مؤمناً فى محبة الآب و السامرية التى اشبعت جوعها للحب بمحبات العالم و نرى المسيح يوضح لنا أن محبته و حضنه فقط هو الذى يشبع جوع حبنا و إرادة الشفاء المفقودة لدى المفلوج و العمى الذى يشفيه فينا لكى تنفتح عيون قلوبنا لنراه و نبصر خلاصه و نعرفه و كأن الكنيسة تشير إلى كل محاربات العالم لأولاد الله و لكن موضحة محبة الله لكل من يقبل هذه المحبة.



ثم فى آحاد القيامة تركز على الإيمان بالمسيح الذى هو خبز الحياة الذى يعطى الحياة الحقيقية الأبدية إذا ما أيقن الإنسان أن شبعه ليس بخبز العالم و هو النور الحقيقى و الماء الحى و الطريق و الحق و الحياة.. و كأن حال من صام بالروح متفاعلاً مع قراءات الكنيسة مشاركاً المسيح فى صومه و صلاته لأجلنا و دخل اسبوع الآلام و جاز مع المسيح و فى المسيح هذا الأسبوع لن يرى فى القيامة إلا المسيح المخلص أمامه، لن يستطيع أن يرى سواه لأنه ارتفع و ارتقى عن مستوى العالم و كل ما فيه.



ثم تتركنا الكنيسة لهذه الحالة، حالة الارتفاع بمستوى الأبدية و سكنى المسيح فى قلوبنا طول العام إلى أن يأتى الصوم الكبير فى العام التالى فتجوز مرة أخرى نفس الأحداث لكى ما ندخل إلى أعماق معرفة محبة الله لنا التى أحبنا بها و أرسل ابنه الوحيد لكى ما يخلصنا و يرفعنا لهذه الحياة الجديدة لنحياها حسب الروح، و هكذا عاماً بعد عام يدخل الإنسان المسيحى بنعمة الله إلى أعماق جديدة لمعرفة الخلاص و سر الحياة.



ولكى ما نعرف كيف نحيا عملياً هذه الحياة ينبغى أن ندرك أن سمة هذه الحياة هى المحبة و هى التى وضحها القديس بولس الرسول فى رسالة كولوسى عندما تساءل إن كانوا قد ماتوا مع المسيح ” فالبسوا كمختاري الله القديسين المحبوبين أحشاء رأفات، ولطفا، وتواضعا، ووداعة، وطول أناة محتملين بعضكم بعضا ، ومسامحين بعضكم بعضا إن كان لأحد على أحد شكوى، كما غفر لكم المسيح هكذا أنتم أيضا وعلى جميع هذه البسوا المحبة التي هي رباط الكمال” (كو 3: 12-14) و رسالة يوحنا الأولى 14:3 “نحن نعلم أننا قد انتقلنا من الموت إلى الحياة، لأننا نحب الإخوة. من لا يحب أخاه يبق في الموت” و استخدم فيها أيضاً الفعل الماضى. فالسلوك بالمحبة فى الحياة هنا هو الذى ينقلنا إلى الحياة الأبدية و يحيينا مع المسيح فى قيامته المحيية لنا إذ نكون قد أمتنا ذواتنا عن العالم فلا تعد الكرامة و تأليه الذات هما المحرك لانفعالاتنا بل محبة الإخوة هو فقط المحرك الوحيد لكل أفعالنا و ردود أفعالنا.


رد مع اقتباس