[ 1- فالله لم يكتفِ بأن يخلقنا من العدم، ولكنه وهبنا أيضاً بنعمة الكلمة إمكانية أن نعيش حسب الله، ولكن البشر حَوَّلوا وجوههم عن الأمور الأبدية، وبمشورة الشيطان تحولوا إلى أعمال الفساد الطبيعي وصاروا هم أنفسهم السبب فيما حدث لهم من فساد بالموت. لأنهم كانوا – كما ذكرت سابقاً – بالطبيعة فاسدين لكنهم بنعمة اشتراكهم في الكلمة كان يمكنهم أن يفلتوا من الفساد الطبيعي لو أنهم بقوا صالحين. 2- وبسبب أن الكلمة سكن فيهم، فإن فسادهم الطبيعي لم يَمَسَّهم كما يقول سفر الحكمة: " الله خلق الإنسان لعدم الفساد وجعله على صورة أزليته لكن بحسد إبليس دخل الموت إلى العالم " ( حك 2: 23 – 24 ) وبعدما حدث هذا بدأ البشر يموتون، هذا من جهة ومن جهة أخرى فمن ذلك الوقت فصاعداً بدأ الفساد يسود عليهم بل صار له سيادة على كل البشر أقوى من سيادته الطبيعية، وذلك لأنه حدث نتيجة عصيان الوصية التي حذرهم أن لا يخالفوها. 3- فالبشر لم يقفوا عند حد معين في خطاياهم بل تمادوا في الشرّ حتى أنهم شيئاً فشيئاً تجاوزوا كل الحدود، وصاروا يخترعون الشرّ حتى جلبوا على أنفسهم الموت والفساد، ثم توغلوا في الظلم والمخالفة ولم يتوقفوا عند شرّ واحد، بل كان كل الشرّ يقودهم لشرّ جديد حتى أصبحوا نهمين في فعل الشرّ ( لا يشبعون من فعل الشرّ ). 1- لأجل هذا إذن ساد الموت أكثر وعم الفساد على البشر، وبالتالي كان الجنس البشري سائراً نحو الهلاك، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى كان الإنسان العاقل المخلوق على صورة الله آخذاً في التلاشي، وكانت خليقة الله آخذةً في الانحلال. ] ( القديس أثناسيوس الرسولي – تجسد الكلمة ف 4: 1و 2و 3 + ف 5 : 1 )
[ أننا أخطأنا في آدم أولاً (لأن آدم مثال للبشرية)، ثم دسنا (نحن بأنفسنا) بعد ذلك الوصية المقدسة. ولكن المسيح يُهان لأجل خطايانا، لأنه حمل خطايانا في ذاته، كما يقول النبي، وتألم عوضاً عنا. وصار سبب خلاصنا من الموت بتقديم جسده للموت. ولذلك كانت الضربة التي تقبلها المسيح هي أتمام للعار الذي حمله، ولكنها كانت تحمل خلاصنا من عبئ تعدي آدم أبينا وخطيتة (التي اشتركنا فيها إذ سرنا في نفس ذات الطريق عينه لا كمرغمين بل بإرادتنا وحريتنا)، ورغم أنه واحد إلا أنه الذبيحة الكاملة عن كل البشر وهو وحده الذي حمل عارنا ] ( عن شرح يوحنا 18 : 22 للقديس كيرلس الكبير )