منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02 - 05 - 2014, 04:56 PM   رقم المشاركة : ( 101 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,213,304

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنجيل: كيف كُتِبَ؟ وكيف وصل إلينا؟

برهان أن يوحنا هو كاتب إنجيله


والبرهان الخارجي على امرأة القديس يوحنا هو مدون الإنجيل الرابع يتأكد لنا من الانتشار الواسع واستخدام آباء الكنيسة له منذ نهاية القرن الأول وبداية القرن الثاني وكذلك انتشاره في أوساط الهراطقة واستخدام أعداء المسيحية والوثنيين له، وكذلك ترجمته إلى أقدم الترجمات (السريانية واللاتينية والقبطية) ووجوده في أقدم المخطوطات القديمة، بل أن أقدم مخطوطة للعهد الجديد على الإطلاق هي لهذا الإنجيل وترجع لما بين 117 و135م.
أولًا: الآباء الرسوليين:
كان مضمون وجوهر الإنجيل للقديس يوحنا في فكر هؤلاء الآباء وعقولهم، وعلى الرغم من أنهم لم يقتبسوا من آياته مباشرة إلا أنهم استخدموا جوهرها ومضمونها مما يدل على وجود الإنجيل نفسه في محيطهم ووسطهم.

كتاب الإنجيل: كيف كُتِبَ؟ وكيف وصل إلينا؟
(1)- إكليمندس الروماني (95 م.): والذي نجد في رسالته إلى كورنثوس أربعة نصوص متأثرة بصورة واضحة بآيات الإنجيل للقديس يوحنا :
"يتمجد اسم الرب الحقيقي الوحيد" (1:43) مع يو 28:12 "أيها الآب مجد اسمك" يو 3:17 "أنت الإله الحقيقي وحدك".
"من كان له حب في المسيح فليحفظ وصايا المسيح" (1:49) مع يو 15:14 "إن كنتم تحبوني فاحفظوا وصاياي".
يسوع أعطى من جسده من أجل أجسادنا" (6:49) مع يو 51:16 "والخبز الذي أنا أعطى هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم".
"طهرنا بتطهير حقك" (2:60) مع يو 17ك17 "قدسهم في حقك".
(2)- رسالة برنابا (حوالي 100 م.): يستخدم كاتب الرسالة نفس فكر المسيح في حديثه مع نيقوديموس في شرح العلاقة الرمزية بين الحية النحاسية التي رفعها موسى في البرية وبين مجد المسيح على الصليب "فقال لهم موسى: عندما يلسع أحدكم فليتقدم من الحية المرفوعة على الخشبة وليأمل في إيمان بأنه رغم ميتة قادرة أن تعطى حياة وسيخلص في الحال. وفعلوا هكذا. في هذا أيضًا لديكم مجد يسوع ثانية، لأن كل الأشياء فيه وله" (17:12) مع يو 14:3 "وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي امرأة يرفع ابن الإنسان".
(3)- أغناطيوس الأنطاكي: تلميذ بطرس الرسول وقد استخدم جوهر آيات القديس يوحنا ونفس لغته يقول في رسالته إلى مجنيسيا (1:7) "وكما كان الرب متحدًا مع الآب ولم يفعل شيئًا بدونه سواء بذاته أو من خلال الرسل، كذلك أنتم لا تفعلوا شيئًا بدون الأسقف والقسوس" مع يو 19:5 "لا يقدر الابن أن يفعل من نفسه شيئًا إلا ما ينظر الآب يعمل" يو 28:8 "ولست أفعل شيئًا من نفسي بل أتكلم بهذا كما علمني أبى".
ويقول في رسالته إلى روما "رئيس هذا العالم يريد أن يخطفني.. لا يوجد فيَّ نار الحب للأشياء المادية ولكن فقط ماء حي.. أريد خبز الله الذي هو جسد يسوع المسيح". وهذه التعبيرات "رئيس هذا العالم"، "ماء حي"، "خبز الله" مأخوذة من أقوال السيد المسيح المدونة في الإنجيل للقديس يوحنا (يو 30:14؛ 31:12؛ 11:16؛ 10:4؛ 38:7؛ 36:36). ويقول في الرسالة إلى فيلادلفيا (1:9) "هو باب الآب" مع يو 9:10 "أنا هو الباب".
ويقول في الرسالة إلى أفسس (1:6) "لأن كل من يرسله رب البيت ليدبر شئونه يجب امرأة نقبله كما نقبل الذي أرسله" مع يو 20:13 "الذي يقبل من أرسله يقبلني. والذي يقبلني يقبل الذي أرسلني".
(4)- كتاب الراعي الهرماس (100-145 م.): يستخدم روح وجوهر الإنجيل في قوله "لا يقدر الإنسان أن يدخل ملكوت الله إلا من خلال اسم أبنه، الذي هو محبوبه.. الباب هو ابن الله، هذا هو المخل الوحيد للرب. لا يمكن لإنسان امرأة يدخل إليه إلا من خلال أبنه" (مثل 9ف 5:2) مع يو 6:14 "أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي".
ويقول في مثل 5 ف 3:6 "عندما طهر خطايا الشعب أراهم طريق الحياة وأعطاهم الناموس الذي تسلمه من أبيه".
(5)- الدياديكية (100 م.): والتي نجد فيها ظلال الإنجيل الرابع إذ أن كليهما يستخدمان لغة واحدة في الافخارستيا، وقد جاء فيها "وكما أن هذا الخبز كان منثورًا فوق الجبال ولكنه جمع معًا وصار خبزًا واحدًا" (4:9) مع يو 52:11 "ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد"، وجاء "نقدم لك الشكر أيها الآب القدوس من اجل أسمك القدوس الذي جعلته يسكن في قلوبنا" مع يو 11:17 "أيها الآب القدوس أحفظه في أسمك". وجاء في (5:10) "تذكر يا رب كنيستك لتخلصها من كل شر وتكملها في حبك" مع يو 15:17 "أسأل.. أن تحفظهم من الشرير.. ليكون فيهم الحب الذي أحببتني به".
ثانيًا: تلاميذ القديس يوحنا (الشيوخ):
يقول إريناؤس أسقف ليون (Adr. Haer. 2:22) وينقل عنه يوسابيوس القيصري أن القديس يوحنا سلم لتلاميذه، الشيوخ، الإنجيل مكتوبًا "جميع الشيوخ الذين رافقوا يوحنا تلميذ الرب في آسيا يحملون الشهادة أن يوحنا سلمه (أي الإنجيل) إليهم. لأنه بقى معهم حتى حكم تراجان (245)".
ومن هؤلاء التلاميذ بوليكاربوس الذي أقتبس من رسالة القديس يوحنا الأولى وكانت روح الإنجيل متجلية بوضوح في رسالته.
ثالثًا: البردية إيجرتون 2 Pap. Egerton 2:
والتى يرى غالبيه العلماء إنها ترجع لنهاية القرن الأول أو بداية القرن الثاني وأكثرهم تطرفًا رجع بها إلى ما قبل سنه 150م، ومحفوظة في المتحف البريطاني بلندن وتتكون من ورقتين وثالثه تالفة وتحتوى على نصوص من الأناجيل الأربعة منها أربعه نصوص تتطابق مع (يوحنا 39:5، 45، 29:9، 30:7، 39:10) وهذه هي: "قال (يسوع) لحكام الشعب هذه الكلمة فتشوا الكتب التي تظنون أن لكم فيها حياه. فهي التي تشهد لي"، " لا تظنوا إني جئت لأشكوكم إلى الآب، يوجد الذي يشكوكم وهو موسى الذي عليه رجاؤكم"، "نحن نعلم إن موسى كلمه الله، وأما أنت فلا نعلم (من أين أنت) فأجاب يسوع وقال لهم لقد قام الاتهام الآن على عدم إيمانكم..."، لأنكم لو كنتم تصدقون موسى، لكنتم تصدقونني لأنه هو كتب عنى لآبائكم".
رابعًا: مخطوطة جون ريلاندز (ب 52) P 52:
والتي تحتوى على (يوحنا 31:18-34، 37-38) وقد اكتشفت في صحراء الفيوم بمصر سنه 1935م ويؤرخها معظم العلماء بسنه 125م، وهى من أقوى الأدلة على سرعة وكثافة انتشار الإنجيل للقديس يوحنا وعلى إنه قد كتب قبل نهاية القرن الأول، فإذا كان الإنجيل قد كتب في أفسس بآسيا الصغرى وأنتشر في مصر في مثل هذا التاريخ، فهذا يعنى إنه كتب قبل ذلك على الأقل بحوالي 30 سنه أو أكثر.
خامسًا: يوستينوس الشهيد:
والذى كتب في النصف الأول من القرن الثاني والذي يعتبر اقتباسه من الإنجيل للقديس يوحنا برهانًا حاسمًا على انتشار هذا الإنجيل في بداية القرن الثاني وبالتالي وجوده قبل ذلك في نهاية القرن الأول. وقد حاول بعض النقاد أن يبطلوا هذا البرهان، الذي برهن عليه بصوره حاسمة وقاطعه ساندي Sanday في إنجلترا وعذار ابوت Ezra Abbot في أمريكا، ولم يستطيعوا. وفيما يلي أهم اقتباساته من الإنجيل للقديس يوحنا، وإن كان يعتمد على الذاكرة في اقتباسه أكثر من النقل من الإنجيل مباشرة:
يقول في الدفاع 61:1 "لأن المسيح قال أيضًا: أن لم تولدوا ثانية لن تدخلوا ملكوت السموات، وهذا يعنى إنه من المستحيل لأولئك الذين ولدوا مرة أن يدخلوا أرحام أمهاتهم".
وهذا النص مأخوذ مباشرة من (يوحنا 3:3-5) "إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله. قال له نيقوديموس كيف يمكن الإنسان أن يولد وهو شيخ؟ ألعله يقدر أن يدخل بطن أمه ثانيه ويولد؟ أجاب يسوع.. أن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله".
وقد حاول بعض النقاد أن يوهموا بأن يوستينوس قد استعان بما جاء في (متى 3:18) "أن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات"، ولكن هذه المحاولة باءت بالفشل لأن نص يوستينوس ينفق في المعنى والمضمون والنص مع القديس يوحنا لأن كليهما يتكلمان عن الولادة الآباء من الماء والروح، كما أن يوستينوس يلمح لقول نيقوديموس عن فكره الرجوع لبطن الأم أو الأرحام، في حين أن نص الإنجيل للقديس متى يتكلم عن البساطة ونقاوة القلب، إذ يقول "في تلك الساعة تقدم التلاميذ إلى يسوع قائلين فمن هو أعظم في ملكوت السموات. فدعا يسوع إليه ولدًا وأقامه في وسطهم. وقال الحق أقول لكم إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات. فمن وضع نفسه مثل هذا الولد فهو الأعظم في ملكوت السموات" (متى 1:18-4).
جاء في حوار 88 "ولكنه (يوحنا المعمدان) صاح لهم: أنا لست المسيح، بل صوت صارخ، لأن الذي هو أقوى منى سيأتي الذي لست بمستحق أن أحمل حذاءه". وهذا النص مأخوذ من (يوحنا 20:1 و43) "وأقر أنى لست المسيح.. أنا صوت صارخ في البرية" و(ع27) "هو الذي يأتي بعدى الذي صار قدامى الذي لست بمستحق أن أحل سيور حذائه".
وبرغم تقارب نص يوستينوس مع الأناجيل الثلاثة الأولى، إلا إنه متفق بصوره أدق وأقوى مع القديس يوحنا لأنه استخدم عبارات جاءت في الإنجيل الرابع فقد "أنا لست المسيح"، "لأن الذي هو أقوى منى سيأتي".
جاء في دفاع 63:1 "لا يعرفون الآب ولا الابن، أي اليهود، وهذا يتفق مع ما جاء في (يوحنا 19:8) "لستم تعرفونني أنا ولا أبى" و(يوحنا 3:16) "لأنهم لم يعرفوا الآب ولا عرفوني".
جاء في دفاع 22:1 أن المسيح "شفى كل المقعدين والمشلولين والذين ولدوا عميان" ولم تذكر.
الأناجيل الثلاثة الأولى أن المسيح شفى أحد المولودين عميان، بل هذا ما جاء في الإنجيل للقديس يوحنا فقط وبه فصل كامل (ص9) عن المولود أعمى الذي صنع له عينان من طين.
جاء في دفاع 13:1 "معلمنا هذه الأمور هو يسوع المسيح ولد لهذا الغرض أيضًا وصلب في حكم بيلاطس البنطي"، واضح هنا إنه يشير لقول المسيح لبيلاطس "لهذا قد ولدت أنا ولهذا قد أتيت إلى العالم" (37:18).
جاء في دفاع 66 "تعلمنا أن الخبز والخمر كانا جسد ودم يسوع الذي صار جسدًا" والعبارة الأخيرة "صار جسدًا" مأخوذة مباشرة من (يوحنا 14:1) "والكلمة صار جسدًا وحل بيننا".
جاء في دفاع 60:1 "أخذ موسى بإلهام الله وتأثيره نحاس وصنع (الحية) على شكل الصليب"، وفى (حوار 91) يشير إلى الحية النحاسية كرمز للصلب والصليب، ويقول أن الحية النحاسية لم تكن هي سبب نجاة من لدغتهم الحيات بل كانت مقصودة "لخلاص أولئك الذين يؤمنون أن الموت قد أعلن أنه سيأتي في الحية خلال الذي سيصلب" لأن الله "أرسل أبنهُ للعالم ليُصلب. لأن روح النبوة في موسى لم تعلمنا أن نؤمن بالحية". وهذا مبنى على قول السيد المسيح الذي جاء في (يوحنا 14:3) "وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي أن يرفع أبن الإنسان لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل له الحياة الأبدية".
وهناك برهان حاسم يؤكد لنا وجود الإنجيل للقديس يوحنا بين يدي يوستينوس، وهذا البرهان الحاسم هو شرحه لعقيدة "الكلمة Logos" كما جاء في مقدمة الإنجيل للقديس يوحنا تمامًا.
ا- يقول في دفاع 23:1 "يسوع المسيح بمعنى أوضح هو أبن الله الوحيد كونه كلمته (Logos) وبكر قوته الذي خلق كل شيء وأقامه به".
ب- ويقول في 63:1 "كلمة (Logos) الله هو ابنه..".
ج- ويقول في 13:2 "نعبد ونحب الكلمة (Logos) الذي من الله وغير المولود وغير المنطوق به، فقد صار بشرًا لأجلنا".
د- ويقول في 5:1 "الكلمة (Logos) ذاته الذي اتخذ شكلًا وصار بشرًا ودعى يسوع المسيح".
و- ويقول في 6:2. "الكلمة الذي كان معه أيضًا".
وهذه التعبيرات "الكلمة" و"أبن الله الوحيد"، الذي خلق كل شيء وأقامه به" و"صار بشرأً" و"إتخذ شكلًا وصار بشرًا" خاصة بالإنجيل للقديس يوحنا، وكلها مأخوذة من الإصحاح الأول. ونظرًا للتطابق التام بين هذه النصوص فقد أقر كثيرون من النقاد بصحة استشهاد يوستينوس بالإنجيل للقديس يوحنا.
سادسًا: هيراكليون وتفسير الإنجيل للقديس يوحنا:
كتب هذا الرجل الهرطوقي، الذي أشرنا إليه أعلاه، تفسيرًا للإنجيل يوحنا في النصف الأول من القرن الثاني، هذا التفسير علق عليه أوريجانوس فيما بعد. وهذا يدل على انتشار الإنجيل في بداية القرن الثاني بصورة واسعة حتى دعت الحاجة لتفسير آياته. ويعلق على ذلك أحد العلماء ويعدى فولكمار Volkmar بقوله "أيها الإله العظيم إذا كان قد تألف تفسيرًا لإنجيل يوحنا فيما بين 125 و155 م. ومثل هذا التفسير قد حفظ منه أوريجانوس قطعًا معتبرة، فماذا يبقى لنا للمناقشة ؟".
سابعًا: ثاؤفيلس أسقف إنطاكية (170-180 م.):
الذي أقتبس من الإنجيل لقديس يوحنا بالاسم "في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله، كقول يوحنا، الذي كان أحد الرجال حاملي الروح القدس" (246).
ثامنًا: إيريناؤس أسقف ليون:
والذي تعتبر شهادته حاسمة ولا جدال فيها لأنه تسلمها من بوليكاريثوس تلميذ القديس يوحنا مباشرة. وكانت شهادته هي شهادة الكنيسة الجامعة فقد كانت مبنية على الرسول يوحنا ذاته الذي لم يكن بينهما سوى حلقة واحدة فقط.
ونظرًا لما لشهادته من قيمة فقد حاول النقاد بكل جهدهم أن يقللوا من شأنه ولكنهم فشلوا فشلًا ذريعًا أمام مركزه التاريخي وما كان لديه من وسائل ووثائق كتب بناء على ما جاء فيها دفاعه عن العقيدة في كتبه ضد الهراطقة. ويقول عن كتابة القديس يوحنا للإنجيل الرابع "نشر يوحنا تلميذ الرب الذي اتكأ على صدره الإنجيل عندما كان في أفسس في أسيا".
وقد شهد أيضًا لكتابة القديس يوحنا للإنجيل الرابع تاتيان تلميذ يوستينوس الذي ضم آياته في كتابه الدياتسرون والوثيقة الموراتورية وترتليان في شمال أفريقيا وأكليمندس الأسكندرى وأوريجانوس وغيرهم من آباء كنيسة الآرامي والقيصري في قيصرية وجيروم في روما وغيرهم من آباء الكنيسة وعلمائها في القرن الأولى.
تاسعًا: شهادة الكتب الأبوكريفية والهراطقة وأعداء المسيحية:
وما يدل على إن الإنجيل للقديس يوحنا قد كتب ونشر في نهاية القرن الأول هو انتشاره بصورة واسعة ووجوده في أيدي كُتاب الكتب الأبوكريفية والهراطقة وأيضًا الوثنيين الذين هاجموا المسيحية.
(1)- العظات الكليمندية: والتي كتبت في بداية القرن الثاني، والتي أشارت إلى الأناجيل الأربعة بعبارة "أناجيلنا"، ثم اقتبست النصوص التالية من الإنجيل للقديس يوحنا:
"خرافي تسمع صوتي" وأيضًا "أنا هو باب الحياة، الذي يدخل بي يدخل إلى الحياة" Hom. 3:52 (يو 7:10،3،9).
"أجاب رّبنا على الذين سألوه بخصوص الرجل الأعمى منذ ولادته، الذي وهب له البصر، والذين سألوا أن كان هذا الرجل قد أخطأ أم أبواه حتى ولد أعمى، فأجاب لا هذا الرجل أخطأ ولا أبواه، بل لكي تظهر بواسطته قوة معالجًا خطايا الجهل.." hom. 19 وهذا ما جاء في (يوحنا 2:9،3).
(2)- كتاب البطاركة الاثني عشر: والذي كتب في بداية القرن الثاني وقبل الدمار الثاني لأورشليم سنة 130م هذا الكتاب يتحدث عن المسيح بألقابه التالية "نور العالم"، "المخلص"، "ابن الله"، "الابن الوحيد"، "حمل الله"، "الله الآتي في الجسد" ويقول "الروح يشهد للحق" وهذه كلها مأخوذة مباشرة من الإنجيل للقديس يوحنا.
(3)- مونتانوس الذي ظهر في فريجيا سنة 140 م. وزعم أنه اللوجوس والباراقليط بناء على ما جاء في الإنجيل للقديس يوحنا. ويرى العلماء إنه كتب فيما بين 120 و140 م.
(4)- مارسيون (140م) الذي قبل الإنجيل للقديس لوقا ورفض الأناجيل الثلاثة الأخرى، يقول ترتليان مؤكدًا وجود الإنجيل للقديس يوحنا في أيامه وقبل أيامه "إذا لم ترفض الكتابات المعارضة لنظامك فقد كان هناك إنجيل يوحنا ليقنعك" (247). وأكد في رده عليه أنه كان يعرفه ولكنه رفضه (248).
(5)- فالنتينوس (136-155 م.) الذي تأثر كثيرًا بالإنجيل للقديس يوحنا وأقتبس منه (5:3،6، 12:9، 11:14) ويقول لإيرناؤس أن أتباع فالنتينوس "يفندون أنفسهم في المسألة الأكمل للإنجيلى بحسب يوحنا" (249).
(6)- باسيليدس (117-138 م.) : يقول العلامة هيبوليتوس أن باسيليدس أقتبس من الإنجيل للقديس يوحنا قوله "كان النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان آتيًا إلى العالم" (250) يقول متى ارنولد M. Arnold في كتابه "الله والكتاب المقدس" أن باسيليدس كان أمامه الإنجيل للقديس يوحنا (سنة 125 م.).
(7)- الاوفايتس والذي يقول عنهم إيرناؤس أنهم من أقدم الجماعات الغنوسية ويتحدث عنهم كأسلاف مدرسة فالنتينوس "آبائها وأمهاتها" (251). ويقول عنهم هيبوليتوس أنهم من أقدم الغنوسيين، ويقول أنهم استخدموا شهادات من الإنجيل للقديس يوحنا وهى (يوحنا 6:3،3:1،4،1:2-11، مع إشارات قوية إلى
ص35:6،21:8،33:13،9:10،21:4،21:9) ويقتبس أجزاء من كتب The Peratae التي تقتبس تكرارًا من الإنجيل للقديس يوحنا (252).

(8)- كلسس الأبيقورى: هاجم المسيحية سنة 178م ورد عليه فيما بعد أوريجانوس، وقد هاجم الأناجيل الأربعة والفكر المسيحي والعقيدة المسيحية ككل وأقتبس كثيرًا من الإنجيل للقديس يوحنا تضمنها رد أوريجانوس عليه. ويدل وجود الإنجيل بين يدي هذا الرجل الوثني سنة 178م على أن هذا الإنجيل كان منتشرًا قبل أيامه بكثير.
عاشرًا: قانون أسفار العهد الجديد:
كان للإنجيل للقديس يوحنا مكانة ثابتة بين الأناجيل الأربعة التي لم يشك أحد مطلقًا في وحيها وقانونيتها، فقد وُجد في أقدم المجموعات، وفى أقدم الترجمات، فقد ترجم إلى السريانية واللاتينية والقبطية في أقدم ترجماتها، ووجد في قوائم الكتب القانونية الموحى بها والمقدسة، وأقرته جميع المجامع التي ناقشت قوائم الأسفار القانونية.
حادي عشر: أقدم المخطوطات:
ومن أقدم ما يقدم كبرهان حاسم على كتابة الإنجيل للقديس يوحنا في القرون الأولى وانتشاره بكثافة في بداية القرن الثاني هو أن أقدم المخطوطات التي وجدت هي لهذا الإنجيل الرابع فتوجد له البردية (ب52) وترجع لما بين 117 و135م والبردية (ب66) وترجع لسنة 150م وتشتمل على الإنجيل بالكامل عدا بعض أجزاء تلفت صفحاتها، والبردية (ب75) وترجع لسنة 180م وتضم الجزء الأكبر من الإنجيل للقديس يوحنا والإنجيل للقديس لوقا، والبردية (ب45) وترجع لسنة 220م وتحتوى على أجزاء من الأناجيل الأربعة وسفر أعمال الرسل.
وهكذا تدل جميع الأدلة والبراهين على أن الإنجيل الرابع قد كُتب في نهاية القرن الأول وكان منتشرًا وبصورة كبيرة في بداية القرن الثاني، وكان موجودًا مع أباء الكنيسة والهراطقة وأعداء الكنيسة، وأنه لم يشك أحد ولو للحظة أن مدونه وكاتبه بالروح القدس هو القديس يوحنا الحبيب تلميذ السيد المسيح ورسوله.
  رد مع اقتباس
قديم 02 - 05 - 2014, 05:00 PM   رقم المشاركة : ( 102 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,213,304

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنجيل: كيف كُتِبَ؟ وكيف وصل إلينا؟

برهان من داخل إنجيل يوحنا على كاتبه


لم يذكر القديس يوحنا أسمه في الإنجيل كما لم يضعه على الإنجيل ولكن دون أن يقصد فقد ترك أثارًا على حقيقته وهويته وتقول من هو.
ا- الإعلان الذاتي في الإنجيل:
يقول القديس في مقدمة الإنجيل "ورأينا مجده مجدًا" (253) والرؤيا المقصودة هنا هي الرؤية بالعين، الرؤية الفسيولوجية وليست الرؤيا الروحية، فهو يقول "والكلمة صار جسدًا وحل بيننا ورأينا مجده وهذا يعنى أنه، هو، الكاتب، كان أحد شهود العيان، تلاميذ المسيح، كما قال في رسالته الأولى "الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه ولمسته أيدينا" (254). وما يؤكده سياق نص الآية هو أن الكاتب القديس يريد أن يؤكد للقارئ أن الحقائق المدونة في الإنجيل موثقة بشهادة شهود العيان ومدونه بواسطة أحد شهود العيان وعند الحديث عن طعم الجندي لجنب السيد المسيح بحربة يقول "لكن واحدًا من العسكر طعن جنبه بحرية وللوقت خرج دم وماء. والذي عاين شهد وشهادته حق وهو يعلم أنه يقول الحق لتؤمنوا أنتم" (255)، وهنا نجد كلمات "عاين" و"شهادة" مع تأكيد إنه يقول الحق، وقد كتب ما شاهده وعاينه لكي يؤمن القراء "وهو يعلم إنه يقول الحق لتؤمنوا أنتم"، وهو يؤكد هنا شهادته، هو، بصفة فردية، كشاهد عيان لما حدث، وبما كتب.
وفى خاتمة الكتاب يقول "هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا وكتب هذا. ونعلم أن شهادته حق" (256). وهذه الآية تؤكد بصورة مطلقة وحاسمة أن كاتب الإنجيل هو شاهد عيان، فقد شاهد وشهد بكل ما كتبه في الإنجيل.

كتاب الإنجيل: كيف كُتِبَ؟ وكيف وصل إلينا؟
وكشاهد عيان يذكر الزمان والمكان والتفاصيل الدقيقة، فيقول "وفى الغد" (257)، "وجاء إلى يسوع ليلا (258)، "وبعد اليومين خرج" (259)، "في الساعة السابعة" (260)، "ولما كان المساء" (261)، "وفى اليوم الثالث كان عرس في قانا الجليل (262)"، "هذا قاله يسوع في الخزانة وهو يعلم في الهيكل (263)"، "وكان يسوع يتمشى في الهيكل في رواق سليمان (264)"، "ولم يكن قد جاء إلى القرية بل كان في المكان الذي لاقته فيه مرثا (265)"، وكذلك يذكر الأعداد "وكانت ستة أجران من حجارة موضوعة هناك حسب تطهير اليهود يسع كل واحد مطرين أو ثلاثة (266)"، "فلما كانوا قد جدفوا نحو خمسة وعشرين أو ثلاثين غلوة (267)"، "أما التلاميذ الآخرون فجاءوا بالسفينة لأنهم لم يكونوا بعيدين عن الأرض إلا نحو مئتي ذراع (268)"، "وجذب الشبكة إلى الأرض ممتلئة سمكًا كبيرًا مئة وثلاثًا وخمسين (269)"، هذه الأرقام التي ذكرها والأوقات وتحديد الأماكن بكل دقة تدل دلالة قاطعة على أن الكاتب القديس عاشها بنفسه وشاهدها كشاهد عيان وكان أحد التلاميذ الاثنا عشر الذين عاشوا مع السيد المسيح ورافقوه في كل مكان ذهب إليه.
ومن التفصيلات الدقيقة التي تؤكد وتقطع بأن الكاتب كان موجودًا شخصيًا وعايش الأحداث كشاهد عيان تحديده للخمسة أرغفة بأنها كانت "أرغفة شعير (270)" ووصفه للطيب الذي "امتلأ البيت من رائحته (271)" وإيماء بطرس غليه للسؤال عن الخائن (272)، ووصفه لرد فعل الجنود عند القبض على المسيح (273)، وذكره لوزن الأطياب التي استخدمت في تكفين المسيح "مزيج مر وعود نحو مئة منا (274)".
وكان للكاتب القديس ملاحظاته الخاصة على ردود أفعال التلاميذ في المواقف المختلفة. بعد تحويل الماء إلى خمر يقول "وأظهر مجده فآمن به تلاميذه (275)"، ولما كان مع المرأة السامرية "كانوا يتعجبون أنه يتكلم مع امرأة (276)"، وعندما نظروه ماشيًا على الماء "خافوا"، ويعلق على بعض الأحداث بقوله "هذه الأمور لم يفهمها تلاميذه أولًا. ولكن لما تمجد يسوع حينئذ تذكروا أن هذه كانت مكتوبة عنه (278)"، كما كان له ملاحظاته على ردود أفعال السيد المسيح نفسه (279)، بل وقد ذكر أسماء أشخاص من التلاميذ وغيرهم في مواقف معينة، وهذه الأسماء لم تذكر في نفس المواقف في الأناجيل الثلاثة الأخرى؛ ففي معجزة إشباع الجموع يذكر فيلبس وأندراوس (280)، ويذكر مريم أخت ليعازر التي دهنت المسيح بالطيب، كما يذكر اسم خادم رئيس الكهنة الذي قطع بطرس أذنه بالسيف وقت القبض على السيد المسيح (282)، ويذكر أسماء نثنائيل ونيقوديموس ولعازر الذين لم يذكروا في الأناجيل الثلاثة الأخرى. والواضح أن أسلوب الكتابة عن هؤلاء الأشخاص أن الكاتب يعرفهم جيدًا وبصفة شخصية، وكان حاضرًا لتلك الأحداث التي كتب عنها بدقة وتفصيل.
ب- التلميذ المحبوب. من هو ؟
يذكر الإنجيل هذا التلميذ المحبوب "الذي كان يسوع يحبه" في خمسة مواقف هامة وكل منهم له مغزاه الخاص؛ وأول ما يذكر يذكر في العشاء الرباني كأقرب واحد من السيد المسيح "وكان متكئًا في حضن يسوع"، وعند حديث الرب عن التلميذ الخائن "وقال الحق الحق أقول لكم أن واحدًا منكم سيسلمني"، يقول الكاتب "وكان متكئًا في حضن يسوع واحدًا من تلاميذه كان يسوع يحبه. فأومأ إليه سمعان بطرس أن يسأل من عسى أن يكون الذي قال عنه. فاتكأ ذاك (التلميذ المحبوب) على صدر يسوع وقال له يا سيد من هو ؟ (283)". إنه هنا أقرب التلاميذ إلى السيد والوحيد منهم الذي تجاسر على سؤاله عن الخائن. وهناك ملحوظة ذات اعتبار وهى ارتباطه بالقديس بطرس الذي أومأ إليه أن يسأل السيد. والموقف الثاني الذي يذكر فيه عند الصليب حيث نرى ثقة الرب فيه وهو يضع أمه القديسة العذراء في أمانته وتحت رعايته "فلما رأى يسوع أمه والتلميذ الذي كان يحبه واقفًا قال لأمه يا امرأة هوذا أبنك. ثم قال للتلميذ هوذا أمك. ومن تلك الساعة أخذها التلميذ إلى خاصته (284)". وفى الموقف الثالث عندما ذهبت المجدلية إلى قبر المسيح ووجدت الحجر مرفوعًا والقبر خاليًا من الجسد فذهبت إلى بطرس وهذا التلميذ بصفة خاصة لتخبرهما بذلك "فركضت وجاءت إلى سمعان بطرس وإلى التلميذ الآخر الذي كان يسوع يحبه وقالت لهما اخذوا السيد من القبر ولسنا نعلم أين وضعوه (285)"، وذهب الاثنان إلى القبر وبعدما شاهدا ما يبرهن على قيامة الرب يركز الكاتب في تعليقه على هذا التلميذ فقط بقوله "ورأى فآمن (286)". أما الموقف الرابع فهو عندما ذهب سبعة من التلاميذ ليصطادوا على بحر طبرية بعد القيامة وظهور الرب لهم، وهؤلاء التلاميذ هم "سمعان بطرس وتوما الذي يقال له التوأم ونثنائيل الذي من قانا الجليل وأبنا زبدي واثنان آخران من تلاميذه". ونلاحظ هنا أنه يذكر أسماء ثلاثة من التلاميذ، ويذكر لقب يعقوب ويوحنا "ابنا زبدي" فقط دون أن يذكر أسماء، ثم يشير فقط إلى "اثنان آخران من تلاميذه" قد لا يكونا من التلاميذ الاثني عشر. والموقف الخامس والأخير هو عندما ظهر الرب لهؤلاء التلاميذ السبعة ودار حديث بينه وبين بطرس عرف فيه بطرس من الرب مصيره وكيف سيترك هذا العالم وأراد أن يعرف مصير هذا التلميذ "فالتفت بطرس ونظر التلميذ الذي كان يسوع يحبه.. فلما رأى بطرس هذا قال ليسوع يا رب وهذا ماله. قال له يسوع إن كنت أشاء أنه يبقى حتى أجئ فماذا لك. اتبعني أنت. فشاع هذه القول بين الأخوة إن ذلك التلميذ لا يموت" ثم نعرف أن هذا التلميذ المحبوب هو كاتب هذا الإنجيل "هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا وكتب هذا (287)".
ما سبق يؤكد لنا أن هذا التلميذ المحبوب، بالطبع، كان قريبًا من الرب يسوع المسيح وانه كان دائمًا مرتبطًا ببطرس (في العشاء وعند القبر وعند سؤال بطرس للسيد عن مصير هذا التلميذ)، ولم يذكر وحده إلا عند الصليب عندما كان بطرس يتبع الرب من بعيد. وعند محاكمة المسيح كان الاثنان معًا، ولأن هذا التلميذ كان معروفًا من رئيس الكهنة فقد توسط عند البوابة وأدخل بطرس (288) دار رئيس الكهنة. ونعرف من الأناجيل الثلاثة الأولى أنه كان على رأس التلاميذ الاثني عشر دائرة خاصة مقربة من السيد المسيح مكونة من "بطرس ويعقوب ويوحنا"، وهؤلاء الثلاثة أصلًا كانوا شركاء في سفينة لصيد السمك (289)، وقد أخذهم الرب معه في أخص المواقف، فقد كانوا شركاء في سفينة لصيد السمك (290) وعلى جبل التجلي (291) وكانوا أقرب التلاميذ إليه في بستان جثسيماني قبل القبض عليه مباشرة (292) وكان بطرس ويوحنا بالذات مرتبطين معًا، فقد أرسلهما السيد المسيح وحدهما معًا ليعدا الفصح (293)، وبعد القيامة وحلول الروح القدس كانا دائمًا معًا، فقد ذهبا إلى الهيكل معًا عندما حدثت معجزة شفاء المُقعد على بابا الهيكل وحاكمهما رؤساء اليهود معًا (294)، وذهبا إلى السامرة معًا مرسلين من بقية الرسل (295)، ويذكرهما القديس بولس مع "يعقوب أخي الرب" كالأعمدة الثلاثة في الكنيسة الأولى (296).
والشئ الجدير بالملاحظة هو أن أسم بطرس كان يذكر دائمًا أولًا ثم بعد ذلك أسم يوحنا وذلك في الأناجيل الثلاثة الأولى "بطرس ويوحنا" (297)، وفى سفر الأعمال كان بطرس دائما هو المتقدم سواء في ذكر الأسماء أو في الفعل "وصعد بطرس ويوحنا" (298)، "أرسلوا إليهم بطرس ويوحنا" (299)، وحتى عندما ذكر القديس بولس يعقوب أخو الرب أول الثلاثة الأعمدة ذكر بطرس بعده ثم يوحنا أخيرًا "يعقوب وصفا (بطرس) ويوحنا". وكان القديس بطرس هو المتكلم دائمًا. وهنا في الإنجيل الرابع نجد أن القديس بطرس للتلميذ المحبوب أن يسأل الرب يسوع عمن سيسلمه، وعندما قام المسيح وذهبت المجدلية إلى القبر وجدت الحجر مرفوعًا عن القبر ذهبت إلى بطرس ثم هذا التلميذ، وآتيًا إلى القبر وبرغم أن هذا التلميذ سبق بطرس ووصل أولًا ألا أنه لم يدخل القبر إلا بعد أن جاء بطرس ودخل أولًا "فحينئذ دخل أيضًا التلميذ الآخر" (300)، وعند الذهاب للصيد عند بحر طبرية كان بطرس هو الداعي لذلك، ولما ظهر لهم الرب وعرفه هذا التلميذ قبل الجميع أخبر بذلك بطرس أولًا وقبل الجميع "فقال ذلك التلميذ الذي كان يسوع يحبهُ لبطرس هو الرب"، وعندما كشف الرب لبطرس مصيره وكيف ستنتهي حياته على الأرض أهتم بطرس بمعرفة مصير هذا التلميذ فقط دون بقية التلاميذ.
كل هذا يؤكد أن هذا التلميذ "الذي كان يسوع يحبه" والذي كتب الإنجيل الرابع هو القديس يوحنا ابن زبدى. وما يؤكد هذه الحقيقة أيضًا هو أن القديس يوحنا لم يذكر أسمه بالمرة فلى الإنجيل الرابع، بينما أسمه مذكور في الأناجيل الثلاثة الأولى 20 مرة، كما أن يذكر يوحنا المعمدان باسمه "يوحنا" فقط بدون لقب المعمدان مما يدل على أن يوحنا ابن زبدى كاتب الإنجيل كان معروفًا للجميع وقت كتابة الإنجيل بلقب آخر هو التلميذ المحبوب.
ويجد البعض صعوبة في أن يصف القديس يوحنا نفسه بالتلميذ الذي كان يسوع يحبه، ويجد من أيضًا أنه من الصعب أن يكون هذا الحب تفضيلي بمعنى أن الرب فضل يوحنا على بقية التلاميذ. ولكن ما كتبه القديس يوحنا في رسالته الأولى عن المحبة وحب الله الذي ظهر في المسيح، وما ركز عليه أيضًا في الإنجيل الذي كتبه بالروح القدس عن حب الله الأبدي ومحبته للبشرية التي تفوق الوصف "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (301)، وكذلك إدراكه لحب السيد المسيح العظيم الذي لا حد له، واقترابه من فكر السيد وعقله وقلبه أنعكس عليه هو نفسه ولهذا صار التلميذ المحبوب، وأشتهر بذلك في شيخوخته. وكان هذا اللقب علامة تواضع أكثر منه تفضيل فقد أخفى أسمه وذكر ما يمتلكه أكثر من أسمه وأعظم، وهو حب الرب يسوع المسيح له.
ج- الخلفية اليهودية الفلسطينية للكاتب:
بينا أعلاه أن كاتب الإنجيل الرابع هو شاهد عيان لما سجله ودونه بالروح القدس في الإنجيل وأنه يوحنا ابن زبدي تلميذ المسيح وأحد الثلاثة المقربين من الرب والتلميذ "الذي كان يسوع يحبه".
وفيما يلي نقدم الأدلة على أنه كان من يهود فلسطين:
(1) معرفته الدقيقة بالعادات اليهودية:
يقدم القديس يوحنا معلومات دقيقة، وأن كانت بصورة عفوية، وتلقائية عن عادات وشرائع اليهود كيهودي يعرف عادات وشعائر قومه، فيتكلم عن شريعة التطهير "وكانت ستة أجران من حجارة موضوعة هناك حسب تطهير اليهود" (203)، وحدثت مباحثة من تلاميذ يوحنا مع يهود من جهة التطهير" (203)، وكان فصح اليهود قريبًا، فصعد كثيرون من الكور المحيطة إلى أورشليم قبل الفصح ليطهروا أنفسهم" (304)، ويتكلم عن نظرة لليهود للأمم كنجسين "ولم يدخلوا هم (رؤساء اليهود) إلى دار الولاية لكي لا يتنجسوا فيأكلوا الفصح" (205)، ويذكر عادة اليهود في تكفين الموتى "فأخذوا جسد يسوع ولفاه بأكفان مع الأطياب كم لليهود عادة أن يكفنوا" (306). ويذكر أهم أعياد اليهود كالفصح والمظال والتجديد ويتكلم عنها بالتفصيل (307). ويتكلم عن الحرم اليهودي من المجمع والذي يعنى القطع من جسم الأمة (308). وذكر عادة اليهود في عدم بقاء أجسام المحكوم عليه بالإعدام معلقة في السبت العظيم (309). وتحدث عن فكر اليهود من جهة المرأة وإقلالهم من شأنها "وكانوا يتعجبون أنه (المسيح) يتكلم مع امرأة (310)". وتكلم عن عادة اليهود فيما يختص بتحريم أي عمل في السبت "أنه سبت. لا يحل لك أن تحمل سريرك (311)". كما تحدث عن فكرهم من جهة وراثة الخطية "من أخطأ هذا أم أبواه حتى ولد أعمى (312)".
ويجب أن نضع في اعتبارنا أنه عندما يتحدث عن اليهود بعبارات مثل "حسب عادة اليهود"، "فصح اليهود" لا يعنى أنه يتكلم عن أناس لم يكن هو منهم من قبل، بل على العكس، فهو يؤكد أنه منهم بقوله عنهم أنهم خاصة الله "جاء إلى خاصته (313)" وبتأكيده أنه التلميذ الذي كان يسوع يحبه وكل تلاميذ المسيح أصلًا من اليهود. كما أنه كان من عادة الرسل كُتاب العهد الجديد برغم أنهم جميعًا -عدا القديس لوقا- من أصل يهودي أن يتكلموا عن اليهود واليهودية كأصحاب ديانة أخرى ودين آخر، لأنه بانضمامهم للمسيحية وتركهم لليهودية فقد انفصلوا تمامًا عن اليهود واليهودية وصاروا ينظرون إليها كديانة أخرى عن ديانتهم المسيحية، وعلى سبيل المثال يقول القديس بولس الرسول والذي كان يهوديًا متعصبًا ومضطهدًا للمسيحية "من اليهود خمس مرات قبلت خمسين جلدة إلا واحدة (314)"، "اليهود الذين قتلوا الرب يسوع وأنبياءهم واضطهدونا نحن. وهم غير مرضيين لله وأضداد لجميع الناس (315)".
(2) معرفته الدقيقة بالتاريخ اليهودي المعاصر:
يقدم القديس يوحنا معلومات وفيرة عن تاريخ اليهود المعاصر للسيد المسيح كواحد من الذين عاشوا في تلك الفترة فيذكر المدة التي بنى فيها الهيكل الذي بناه هيرودس بقول الآية "في ست وأربعين سنة بنى هذا الهيكل (316)"، ويذكر المواقف السياسية لليهود من جهة عدواتهم للساريين "لأن اليهود لا يعاملون السامريين (317)"، وازدرائهم بيهود الشتات "فقال اليهود فيما بينهم إلى أين هذا (المسيح) مزمع أن يذهب حتى لا نجده نحن، ألعله مزمع أن يذهب إلى شتات اليونانيين ويعلن اليونانيين (318)"، ويسجل تاريخ رؤساء الكهنة المعاصرين ويذكر أن "قيافا كان رئيسًا للكهنة في تلك السنة (319)"، وأن "حنان حما قيافا الذي كان رئيسا للكهنة في تلك السنة (320)".
(3) معرفته الدقيقة بجغرافية فلسطين:
كما يقدم القديس يوحنا أيضًا معلومات دقيقة عن جغرافية فلسطين ويبدو واضحًا من تعليقاته معرفته الشخصية بكل ما ذكره وسجله في الإنجيل الرابع. فيسجل الاسم العبري لبركة كانت بالقرب من باب الضان "وفى أورشليم عند باب الضان بركة يقال لها بالعبرانية بيت حسدا لها خمسة أروقة (321)"، وهذه التفصيلات برهنت عليها الحفريات الحديثة التي كشفت عن بركة ذات خمسة أروقة، بالقرب من الهيكل ولها صفات تفترض أنه للماء خواص شفاء. وتكلم عن الموضع الذي كان فيه كرسي الولاية وذكر اسمه العبرى "جباثا"، "وجلس (بيلاطس) على كرسي الولاية في موضع يقال له البلاط وبالعبرانية جاثا (322)"، وهذه المنطقة برهنت الاكتشافات الأثرية على وجودها بالقرب من برج انطونيا الذي يطل على منطقة الهيكل.
ويفسر معنى اسم "بركة سلوام" بقوله "الذي تفسيره مرسل (323)"، ويقول عن موضع الجمجمة ويقال له بالعبرانية جلجثة (324)".
ويذكر التفاصيل الطبوغرافية (325) للمدن التي سار فيها المسيح بدقة، فيحدد موضع "بيت عبرة في عبر الأردن (326)"، و"عين نون بقرب ساليم (327)"، و"سوخار بالقرب من الضيعة التي وهبها يعقوب ليوسف ابنه (328)"، ويذكر اسم طبرية كاسم متبادل لبحر الجليل "بحر الجليل وهو بحر طبرية (329)"، ويميز بيت عنيا القريبة "من أورشليم نحو خمسة عشرة غلوة (330)" من بيت عبرة التي "في عبر الأردن (331)"، ويميز بين "قانا الجليل (332)" و"بيت صيدا الجليل (333)" وغيرهما، ووصف الطريق من قانا إلى كفر ناحوم بالانحدار "أنحدر إلى كفر ناحوم (334)". وتحدث عن أورشليم كخبير بمواقعها ودروبها وعلى سبيل المثال يذكر موقع بستان جثسيمانى بقوله "عبر وادي قدرون حيث كان بستان (335)"، وذكر موقع "بركة سلوام" و"بركة بيت حسدا (336)" وميز بينهما، وحدد موقع باب سليمان والخزانة في الهيكل (337)، وحدد موقع افرايم بالقرب "من البرية (338)".
وهذه المعلومات الجغرافية الطبوغرافية الدقيقة التي كتبها بصورة تلقائية عفوية تبرهن وتؤكد بل وتقطع أن الكاتب عاش في هذه البلاد وتربى فيها وصار في مدنها وعرف كل مواقعها. وهذا ينطبق تمامًا على القديس يوحنا الرسول ابن زبدي الصياد الجليلي، صاحب سفينة صيد السمك والذي كان يعرفه رئيس الكهنة في أورشليم والذي تجول مع السيد المسيح مدة أكثر من ثلاث سنوات في معظم مدن فلسطين وبراريها وطرقها العامة.
(4) أسلوب الكاتب ولغته يدلان على أصله الآرامي:
عند قراءة الإنجيل، خاصة في لغته اليونانية، يبدو واضحًا للدرس أن الإنجيل مكتوب بلغة آرامية وأسلوب آرامي في حروف وكلمات يونانية، فهو يسجل أقوال السيد المسيح وخُطبه ويدونها بأسلوبها الآرامي وتعابيرها العبرية من "ثنائيات" و"رباعيات" ويكرر استخدام أدوات الربط والعطف كثيرًا، ويكتب كلمات آرامية وعبرية ويفسرها أو يترجمها إلى اليونانية، وأحيانًا يذكر الكلمة في اليونانية ويرجعها إلى أصلها العبري؛ مثل "ربى الذي تفسيره يا معلم (339)"، "مسيا الذي تفسيره المسيح (340)"، "مسيا الذي يقال له المسيح (341)"، "أنت تدعى صفا الذي تفسيره بطرس (342)"، "بركة سلوام الذي تفسيره مرسل (343)"، "ربوني الذي تفسيره يا معلم (344)"، "توما.. الذي يقال له التوأم (245)"، "موضع الجمجمة ويقال له بالعبرانية جلجثة (346)".
وتكررت في الإنجيل كلمات بذاتها وبحروفها مرات كثيرة بما لا يتفق أبدًا مع اللغة اليونانية، فقد نقل الكاتب القديس كلمات المسيح في الآرامية بحرفها وأسلوبها إلى اليونانية مراعيًا تسجيل ما قاله وعمله السيد المسيح كما هو بكل دقة في نفس صياغتها الآرامية وأسلوبها الآرامي ولكن بكلمات يونانية وحروف يونانية، فقد كرر كلمات "عرف" 55 مرة، "آمن" 98 مرة، "أحب" 45 مرة؛ وهو يكرر ألفاظ "الحقيقة" 25 مرة، و"النور" 23 مرة، و"الحياة" 26 مرة، و"العالم" 78 مرة، و"الظلمة" 13 مرة، و"الاسم" 25 مرة، و"الكلمة" 50 مرة، و"العمل" 27 مرة، و"الآية" 15 مرة، و"الشهادة" 47 مرة، و"إحياء" 52 مرة، و"مجد" 42 مرة (347)".
(5) استخدام الكاتب لنص العهد القديم العبري:
وما يدل أيضًا على أن الكاتب يهودي من فلسطين هو استخدامه لنص العهد القديم العبري عندما يشير إلى نبوات العهد القديم عن السيد المسيح، وقد نقل ثلاث نبوءات من النص العبري مباشرة (348)، بل أنه في بعض النبوات التي ينقلها عن النص اليوناني للترجمة السبعينية يراجع النص اليوناني على النص العبري وينقحه (349). وهذا عكس ما فعله الكتاب اليونانيين الذين كانوا يعتمدون على الترجمة السبعينية بالدرجة الأولى.
وهكذا اتضح لنا بالدليل والبرهان العلمي أن كاتب الإنجيل الرابع هو القديس يوحنا، وأن ما قاله النقاد سابقًا فقد تراجعوا عنه اليوم أمام الأدلة والبراهين الحاسمة، كما أن ما يقوله بعضهم اليوم من أن جامع الإنجيل ومدونه هم تلاميذ القديس يوحنا، برغم أن كثيرًا من كتب الأنبياء قد جمعها تلاميذهم وأتباعهم من بعدهم ولم يقلل هذا من قيمتها لأنهم جمعوها بكل أمانة ودقة، إلا أن الإنجيل ذاته يؤكد بصورة واضحة لا لبس فيها أن كاتبه هو التلميذ الذي كان يسوع يحبه "هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا وكتب هذا (350)"، القديس يوحنا ابن زبدي تلميذ المسيح ورسوله. وبعد هذا القول فليستد كل فم ويصمت كل مكابر ويصغى فقط لصوت الحق.
  رد مع اقتباس
قديم 15 - 09 - 2014, 08:03 AM   رقم المشاركة : ( 103 )
duosrl
فرحتى انى انضميت معاكم


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 2490
تـاريخ التسجيـل : Feb 2008
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 15

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

duosrl غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنجيل: كيف كُتِبَ؟ وكيف وصل إلينا؟

ربنا يفرح قلبك
  رد مع اقتباس
قديم 15 - 09 - 2014, 09:24 AM   رقم المشاركة : ( 104 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,213,304

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الإنجيل: كيف كُتِبَ؟ وكيف وصل إلينا؟

شكرا على المرور
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
لقد وصل الإنجيل إلينا فخلُصنا بدم المسيح الكفاري
«الإنجيل» أول كتاب تمت طباعته في العالم
ما معني قول الرب في الإنجيل " أحبوا اعداءكم " ( متي 5: 44) ؟.. وكيف يمكن تنفيذ ذلك …؟
الإنجيل، كيف كتب، وكيف وصل إلينا؟
كيف كُتِبَ الإنجيل؟ وكيف وصل إلينا؟


الساعة الآن 07:53 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024