منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16 - 04 - 2024, 02:49 PM   رقم المشاركة : ( 157821 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,219,909

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


رسالة بولس إلى أفسس
الرسالة إلى أفسس هي إحدى رسائل الأس مع فيلبي وكولسي وفيلمون. فبولس كتبها حين كان في السجن. نقرأ في 3: 1: "لذلك، أنا بولس، أسير المسيح يسوع من أجلكم أيها الأمم". وفي 4: 1: "أحرّضكم إذن، أنا الأسير في الربّ". وفي 6: 20: أنا سفير الإنجيل حتى في السلاسل (رج فل 1: 7، 13، 17؛ كو 4: 3، 10، 18؛ فلم آ 1، 9، 23).
ولكن أي سجن نعني؟ تعلمنا 2 كور 11: 23 أن بولس عرف السجن مراراً. ولكن لا نعرف في الواقع إلا سجناً امتد بضع ساعات في فيلبي (أع 16: 23- 24)، ثم قيود قيصرية البحرية في فلسطين وقد تعدّت السنتين (أع 24: 27)، من سنة 58 إلى سنة 60. والمرة الثالثة التي فيها سُجن بولس كانت في رومة سنة 61- 63 (أع 28: 16- 30- 31). وتحدّث بعض الكتّاب عن إمكانيّة سجن عرفه بولس حين أتام في أفسس سنة 53- 56، وفيه كتب رسائل الأسر. هي فرضية مثيرة، ولكنها لا تجد أساساً أكيداً لا في سفر الأعمال ولا في رسائل القدّيس بولس. وهكذا يبقى أمامنا قيصرية ورومة. ويبدو أن هذه الرسائل دوّنت من رومة، لا سيّما وأن بولس عرف في رومة قيوداً فيها الكثير من الحرّية. قال أع 28: 16: ولمّا دخلنا رومة، أُذن لبولس أن يقيم وحده مع الجندي الذي يحرسه". وفي آ 30 نقرأ: "وكان يقبل جميع الذين يقصدونه".
وهكذا وجدت أف نفسها بين رسائل الأسر. ماذا نعرف عن كنيسة أفسس والرسالة التي سُلّمت إليها؟ لقد تأسست كنيسة أفسس على يد بولس خلال الرحلة الرسولية الثالثة. فيها أقام بولس سنتين ونيّف (53- 56) يعلّم في مدرسة تيرانوس... "حتى إن جميع سكّان آسية، من يهود ووثنيين، سمعوا كلمة الربّ. وكان الربّ يُجري على يَديَ بولس آيات خارقة" (أع 19: 9- 11).
ولكن يُطرح السؤال: هل كُتبت أف إلى كنيسة أفسس؟ قد تكون كُتبت إلى هذه الكنيسة كما كُتبت إلى غيرها. فالعبارة "الذين في أفسس" غائبة من مخطوطات عديدة. وهكذا نستطيع أن نقرأ 1: 1: "من بولس، رسول المسيح يسوع بمشيئة الله، إلى القدّيسين والمؤمنين في المسيح يسوع". وهناك سبب آخر نجده في الطابع اللاشخصي للرسالة. فبولس لا يسلّم على مؤمني هذه الكنيسة، بل ينطلق حالاً في نشيد شكر ومباركة: "تبارك الله، أبو ربنا يسوع المسيح" (1: 3). ويقوله "بولس" في 1: 15: "إذ سمعت بإيمانكم بالربّ يسوع، وبمحبتكم لجميع القدّيسين". وكيف يكتب مثل هذا الكلام، رجلٌ إلى كنيسة أسّسها بكثير من التضحية والتعب والآلام؟ يكفي هنا أن نقابل لغة الحنان في خطبة بولس إلى شيوخ أفسس (أع 20: 17- 38)، مع الاسلوب التعليمي في أف، لكي نصل إلى نتيجة تقول إن بولس لم يكتب هذه الرسالة، أو إنه كتبها إلى كنيسة غير كنيسة أفسس.
من هذا القبيل، رأى بعض الشرّاح في أف رسالة دوّارة توجّهت إلى عدة كنائس في مقاطعة آسية (أي تركيا الحاليّة). أو هي أرسلت في الواقع إلى كنيسة لاودكية المذكورة في كو 4: 16. غير أن كنيسة لاودكية لم تكن على قدر "المقام" المسيحيّ (رج رؤ 3: 14- 19)، فنُزع اسمها من هذه الرسالة وحلّ محلّه اسم كنيسة أفسس. هي فرضيّة وتبقى فرضيّة. أما في ما يتعلّق بالرسالة الدوّارة، فاقترح بعضهم أنه كانت هناك "ثلاث نقاط" يُوضع فيها اسم الكنيسة التي توجّه إليها الرسالة، ولكننا نتساءل في هذه الفرضية أيضاً: لماذا لم يصل إلينا إلا اسم أفسس؟
ا
لموضوع الأساسي في أف هو موضوع قصد الله (السّر) كما أقرّه منذ الأزل، وأخفاه خلال أجيال، ونفّذه في يسوع المسبح، وكشفه للرسول، ونشره في الكنيسة. والكنيسة هي واقع شامل، على مستوى الكون. واقع من الأرض وواقع من السماء. هي التحقيق الآنيّ لعمل الله، تحقيق الخليقة الجديدة التي ينطلق انتشارها من المسيح الذي هو الرأس، فيصل إلى ملء أبعاده كما حدّدها الله. هذه هي الصورة الواسعة التي إليها يوجّه الرسول أنظار المؤمنين. صورة تتحدّث عن نموّ الجسد، عن بناء بيت الله. وقد دخل المؤمنون في هذا الجسد في المعمودية. دخلوا يهوداً ووثنيّين بعد أن زال الحاجز الذي يفصل بينهم، فصاروا خليقة جديدة في معرفة الله والطاعة له وحمد مجده. صاروا النواة التي حولها يجتمع الكون في المسيح، كل ما في السماء وعلى الأرض (1: 10).
رسالة فيها العقيدة وفيها التحريض والإرشاد. فيها حديث عن الكنيسة التي هي خاتمة عمل الله. وفيها إرشاد يدعو المؤمنين إلى أن يتركوا الإنسان القديم ويلبسوا الجديد، أن يبدّلوا عقليّتهم وتصرّفاتهم، مقتدين بالله، منتقلين من عالم الظلمة إلى عالم النور.
أما العقيدة فتبدو كما يلي. هناك عمل الله العظيم الذي تمّ في يسوع المسيح، والذي فيه يشارك المسيحيون بالمعموديّة. وهناك مصالحة العالم بعد أن سقط الحاجز الذي فصل العالم اليهودي عن الأمم الوثنيّة: بعد اليوم صار الوثنيون مواطنين كاملين في ملكوت الله، دخلوا في الكنيسة التي هي شعب الله وجسد المسيح.
عرفت أف ارتباطاً مع عالم قمران لا سيّما في الحديث عن "السّر" وتعلّقه بعالم الجليان. وأهتمّت أف بمخطّط الله السابق الذي نجد آثاره في فمران أيضاً، مع اختلاف بارز وهو أن قمران يتوقّف عند بقيّة قليلة من المخلّصين بينما تتحدّث أف عن مخطّط الخلاص الذي يضمّ في جسد المسيح إسرائيل والأمم الوثنية.
وتوقّفت المدائح وقاعدة الحرب في قمران عند نشاط سلطان هذا العالم ونتائجه الشرّيرة، كما ذكرت أبناء النور وأبناء الظلمة. في هذا المجال نقرأ عند بولس: "إن مصارعتنا ليست ضدّ اللحم والدم، بل ضدّ الرئاسات، ضدّ السلاطين، ضدّ ولاة عالم الظلمة هذا، ضدّ أرواح الشّر المنبعثة في الفضاء" (6: 12). وفي 5: 8: "لقد كنتم من قبل ظلمة، أما الآن فأنتم نور في الربّ. فاسلكوا كأبناء النور". نحن هنا أيضاً في إطار الجوّ العمادي. فبعد ثوب عتيق خلعه، لنلبسْ ثوباً جديداً. وبعد موضوع الاقتداء بالمسيح، نتعلّم في الفقاهة المسيحيّة عن التعارض بين الظلمة والنور، وما يتبع هذا التناقض من ثمر النور وثمر الظلمة.
وهناك تحريضات أخلاقية في أف تتجاوب وما نقرأه في وصيّات الآباء الإثني عشر التي اكتشفت في قمران. ومع ذلك فتوجّهات أف تبدو مغايرة كل المغايرة مع كتابات قمران، بما فيها من تشديد على شخص يسوع المسيح (كرستولوجيا)، ومن إبراز الشموليّة التي تتعارض مع روح الشيعة وما فيها من انغلاق، كما تتميّز به جماعة قمران.
وكانت مقابلة بين أف وعالم الغنوصيّة التي تشدّد على المعرفة الباطنيّة كأساس للخلاص. هناك أولاً النظرة إلى الإنسان الباطن والإنسان الخارج. في هذا المجال تقول أف 3: 16: "ليهب لكم، على حسب مجده، أن تتأيّدوا بقوّة روحه، في الإنسان الباطن. الإنسان الباطن هو الوجهة العقليّة في الإنسان، تجاه ما هو زائل والذي يسمّى الإنسان الخارج. ولكن المسيح يخلّصنا بجسده، لأن المادة ليست بشّر كما قال القدماء.
وهناك موضوع نزول المسيح الأرضي وصعوده السماوي ليعيد المختارين إلى الملء. هذا هو موضوع 4: 7- 13: "صعد إلى العلى، سبى سببياً، وأعطى الناس العطايا". نزل "إلى أسافل الأرض". وصعد "إلى ما فوق السماوات". نحن هنا في جوّ ليتورجي يرفع أناشيد المجد للمسيح الممجّد. غير أن وجهة المجد هذه لا تنسى ذبيحة يسوع "الذي بذلك نفسه لأجلنا" (5: 2)، الذي بذل نفسه لأجل الكنيسة التي أحبّها (5: 25).
وتحدّث الغنوصيون عن زواج بين عالما السماء وعالم "الأرض"، ولكنّهم احتقروا الزواج. أما أف فجعلت الزواج على مستوى علاقة المسيح بالكنيسة. هذا المسيح الموجود منذ الأزل قد خطب له الكنيسة التي "لا كلف فيها ولا غضن ولا شيء مثل ذلك، التي هي مقدّسة ولا عيب فيها" (5: 27). لقد عاد بولس في هذه الصورة إلى العهد القديم، ولا سيّما هوشع وارميا، إلى صورة عهد الزواج بين الله وشعبه.
ما نقوله هنا عن العالم الغنوصي، نقوله أيضاً عن عالم قمران: وُلدت أف في هذا المناخ الفكريّ، فأخذت لغته وأسلوبه، ولكنها طبعته بروح المسيح وأعطت الكلمات معنى جديداً. أجل، روح المسيحية بعيدة جداً عن روح قمران. وكذلك نقول عن العالم الغنوصّي الذي حاول أن يجعل من الكنيسة شيعة باطنيّة، لا إنجيلاً يتوجّه إلى العالم كله.
والعلاقات بين كو وأف؟ نجد في أف مجمل الأفكار التي تتضمّنها كو. لكن توسّعت أف في هذه الأفكار، وبدّلت النظرة تبديلاً عميقاً.
إن التلميحات المباشرة في كو إلى عبادة الملائكة، وإلى ممارسات من النمط اليهودي، قد زالت (كو 20: 23). أما التوسّعات حول المسيح (كما في كو)، فهي تشكّل أساس الهجوم على القائلين بأهمية هذه "الرئاسات والسلاطين".
تركّزت كو على سّر المسيح، ولم تتحدّث عن عمل الروح القدس (ما عدا 1: 8: أخبرنا بمحبّتكم في الروح). أما أف فعرضت سّر المسيح والكنيسة، فكانت من أهم النصوص حول الإكليزيولوجيا في العهد الجديد. بالإضافة إلى ذلك، شدّدت أف بشكل خاص على الروح القدس: به خُتمنا (1: 13). بالمسيح نصل إلى الآب "بروح واحد" (2: 18). نصير مسكناً لله "في الروح" (2: 22؛ رج 3: 5، 16؛ 4: 4، 30؛ 5: 18؛ 6: 17- 18).
إستعادت أف المواضيع الكبرى في روم لا سيّما شموليّة الخطيئة والبرّ بالإيمان، العلاقة بين اليهود والوثنين. وهذا ما لم تفعله كو. ثم إن الطريقة التي بها تُعالج المسألة اليهودية في أف 2: 14- 17، هي غير ما نجد في روم 9- 11.
في هذه الظروف لا نستطيع القول إن أف هي استعادة كو، وقد دُوّنت بعد ذلك ببضعة أشهر. فقد نكون أمام تلميذ من تلاميذ بولس. أراد أن يؤوّن تعليم معلّمه بعد موته، فكتب أف وطبّق ما فيها على المسائل المتعلّقة بتواجد مسيحيّين من أصل يهوديّ وآخرين من أصل وثنيّ في الجماعات الواحدة. وعن التيّارات الروحيّة في عصره نتحدّث عن وحدة الكون (شأنه شأن فيلون الاسكندراني). كانت النظرة اليهوديّة التقليديّة تعارض بين هذا العالم والعالم المقبل (1: 21: ليس في هذا الدهر، بل في الآتي أيضاً) على المستوى الأفقي للزمن. أما أف فأحلّت مكانها الرؤية العمودية التي تعارض بين السماء والأرض.
من هذه الزاوية، يمثّل تمجيد المسيح مكاناً جوهرياً في كرستولوجية أف، وهذا ما يجعلنا قريبين من التفكير الغنوصي كما عُرف في القرن الثاني المسيحي. غير أن التشديد على المحبّة (أغابي) كالقيمة السميا، يدلّ على أن الخلاص في أف لا يقوم على معرفة الذات، بل على تقبّل محبّة الله التي تدركنا بواسطة صليب المسيح.
وماذا عن نسبة أف إلى بولس؟ هناك فئة أولى ترفض هذه النسبة. لسنا فقط أمام سكرتير دوّن تحت نظر بولس. بل أمام تلميذ كان كاتباً حقيقياً، عاد إلى المعطيات البولسيّة وألّف نصّاً أصيلاً. وهنا تُطرح الأسئلة: من أي رسالة استقى؟ هل كانت أف الأساس الرئيسي؟
وهناك فئة ثانية تتحدّث عن صحّة نسبة أف إلى بولس الرسول. وبدا هذا الطرح في وجهتين مرتبطتين بالعلاقات بين أف وكو. الأولى، إن أف سبقت كو، فكانت نصّاً أصيلاً استفت منه كو. قليلون جداً هم الذين يأخذون بهذا الرأي. الثانية، جاءت أف بعد كو. استعادت مواد كو إما بواسطة الرسول نفسه، وإما بواسطة سكرتيرٍ عملَ بإدارة الرسول. أملى بولس بعض التوسّعات وترك لتلميذه أن يكمل العمل.
نشير هنا إلى أن إخفاء اسم التلميذ الذي دوّن أف، وراء اسم بولس، لا ينتزع شيئاً من قيمة الرسالة اللاهوتيّة. فهي ملهمة، وقد جعلتها الكنيسة في لائحة الأسفار القانونيّة التي تشكّل قاعدة الإيمان والأخلاق. كما نستطيع أن نكتشف خصب المدرسة البولسيّة التي كيّفت إرث الرسول في مؤلّفات مختلفة مثل أف أو الرسائل الرعائيّة.
وهكذا تبدو الآراء حول تدوين أف على الشكل التالي:
هناك قلّة قليلة تعتبر أف نصّاً بولسياً أعاد صياغته كاتبُ كو لكي يعطي وزناً لتعليمه.
أما الرأي الأكثر رواجاً، فيرى في أف وكو رسالتين بعث بهما الرسول في الوقت عينه تقريباً، إلى كنيستين متجاورتين. إستلهم كو فكتب أف. في هذه الحال، تمثّل أف المرحلة الأخيرة في فكر الرسول. كان سجيناً في رومة، فسلّم الجماعات في رسالة دوّارة، تأمّلَه الأخير في مخطّط الخلاص وسّر الكنيسة.
وهناك رأي يقول بأن بولس ألّف كو، ثم طلب من سكرتير أو تلميذ قريب منه، أن يوجّه أف. هذا ما يدلّ على التقارب بين النصّين، كما يدلّ على الاختلاف بينهما.
ويرى عدد من العلماء أن أف دوّنت في زمن متأخر، زمن ما بعد الرسل. غير أنها نتاج محيط تأثّر تأثّراً عميقاً بالرسول.
تبدو بشكل مباركة وتحريض. ألقيت في أحد اجتماعات العبادة، ثم جُعلت في رسالة، وضُمّت إلى سائر الرسائل البولسية. تأثّرت بأنكار وردت في روم، 1 كور، غل، كما تأثّرت بما في الكرازة الرسوليّة، لا سيّما في ما يخصّ الخلاص بالنعمة وشعب الله والروح القدس. وارتبطت أف أيضاً بالرسائل الرعائيّة كما ارتبطت بالتقليد اليوحناوي. وهذا لا يدهشنا إذا اعتبرنا أن المحيط الذي ألّفت فيه هو كنيسة أفسس.
متى دوّنت أف؟ إذا لم يكن بولس هو كاتبها، فقد تكون دوّنت بين سنة 70 وسنة 80. وقد تمّ تدوينها في أفسس التي عرفت تيخيكس واونسيموس. والقرابة مع رسالة أغناطيوس الانطاكي إلى أفسس (حوالي 110)، تجعلنا أترب إلى سنة 80 أكثر منه إلى سنة 100. وقال آخرون: إذا كانت النظرة إلى الكنيسة هي تلك التي عرفها الجيل الذي بعد الرسل، إلاّ أننا لا نجد أي تلميح إلى اضطهاد دوميسيانس الذي حصل سنة 95. وهكذا تكون أف دوّنت قبل سنة 95.
أما إذا قلنا إن بولس هو صاحب أف، يُطرح السؤال بشكل آخر: يجب أن نحدّد الموضع الذي فيه دوّنها: أفسس، قيصرية، رومة. إذا قابلنا بين 1 كور، غل، 2 كور، فل، روم من جهة، كو وأف من جهة أخرى، نفهم أننا نحتاج إلى حقبة من الزمن لنفصل المجموعة عن أختها. لهذا نترك سجن أفسس ونتحدّث عن سجن قيصرية أو سجن رومة. ويميل الشرّاح إلى قيصريّة: رافق سكرتير بولس إلى قيصريّة، فدوّن أف بعد كو بوقت قليل.
أن نتحدّث عن بولس في نهاية حياته الرسولية، أو عن سكرتير عاد إلى تعليمات أعطيت له، أو عن أحد "ورّاث" بولس الذي وجد نفسه أمام وضع خطير يجتازه العالم المسيحيّ بعد اختفاء الرسل، فنحن في أف تجاه رسمة تقدّم الأجوبة الكبرى للمسيحيّين المتطلّعين إلى مستقبلهم. فصاحب أف يريد من المؤمنين أن يعوا التبدّل الجذري الذي تمّ في العالم بعد موت المسيح وارتفاعه.
أنشد عطيّة الله التي تسجّلت منذ الآن في الكنيسة، جسد المسيح. وأدرك في هذه الكنيسة بداية وضع جديد لا يمكن الرجوع عنه. وهكذا لن تعود أف، شأنها شأن 1 كور، 2 كور، 1 تس، 2 تس، غل، رسالة ظرفيّة. رسالة كُتبت في وضع معيّن من علاقاتها مع الرسول. إن أف هي عرض تعليميّ للإيمان المسيحيّ على مثال ما في الرسالة الأولى ليوحنا أو الرسالة إلى العبرانيين.
 
قديم 16 - 04 - 2024, 02:52 PM   رقم المشاركة : ( 157822 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,219,909

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



الرسالة إلى أفسس هي إحدى رسائل بولس مع فيلبي وكولسي وفيلمون. فبولس كتبها حين كان في السجن. نقرأ في 3: 1: "لذلك، أنا بولس، أسير المسيح يسوع من أجلكم أيها الأمم". وفي 4: 1: "أحرّضكم إذن، أنا الأسير في الربّ". وفي 6: 20: أنا سفير الإنجيل حتى في السلاسل (رج فل 1: 7، 13، 17؛ كو 4: 3، 10، 18؛ فلم آ 1، 9، 23).
ولكن أي سجن نعني؟ تعلمنا 2 كور 11: 23 أن بولس عرف السجن مراراً. ولكن لا نعرف في الواقع إلا سجناً امتد بضع ساعات في فيلبي (أع 16: 23- 24)، ثم قيود قيصرية البحرية في فلسطين وقد تعدّت السنتين (أع 24: 27)، من سنة 58 إلى سنة 60. والمرة الثالثة التي فيها سُجن بولس كانت في رومة سنة 61- 63 (أع 28: 16- 30- 31). وتحدّث بعض الكتّاب عن إمكانيّة سجن عرفه بولس حين أتام في أفسس سنة 53- 56، وفيه كتب رسائل الأسر. هي فرضية مثيرة، ولكنها لا تجد أساساً أكيداً لا في سفر الأعمال ولا في رسائل القدّيس بولس. وهكذا يبقى أمامنا قيصرية ورومة. ويبدو أن هذه الرسائل دوّنت من رومة، لا سيّما وأن بولس عرف في رومة قيوداً فيها الكثير من الحرّية. قال أع 28: 16: ولمّا دخلنا رومة، أُذن لبولس أن يقيم وحده مع الجندي الذي يحرسه". وفي آ 30 نقرأ: "وكان يقبل جميع الذين يقصدونه".
وهكذا وجدت أف نفسها بين رسائل الأسر. ماذا نعرف عن كنيسة أفسس والرسالة التي سُلّمت إليها؟ لقد تأسست كنيسة أفسس على يد بولس خلال الرحلة الرسولية الثالثة. فيها أقام بولس سنتين ونيّف (53- 56) يعلّم في مدرسة تيرانوس... "حتى إن جميع سكّان آسية، من يهود ووثنيين، سمعوا كلمة الربّ. وكان الربّ يُجري على يَديَ بولس آيات خارقة" (أع 19: 9- 11).
ولكن يُطرح السؤال: هل كُتبت أف إلى كنيسة أفسس؟ قد تكون كُتبت إلى هذه الكنيسة كما كُتبت إلى غيرها. فالعبارة "الذين في أفسس" غائبة من مخطوطات عديدة. وهكذا نستطيع أن نقرأ 1: 1: "من بولس، رسول المسيح يسوع بمشيئة الله، إلى القدّيسين والمؤمنين في المسيح يسوع". وهناك سبب آخر نجده في الطابع اللاشخصي للرسالة. فبولس لا يسلّم على مؤمني هذه الكنيسة، بل ينطلق حالاً في نشيد شكر ومباركة: "تبارك الله، أبو ربنا يسوع المسيح" (1: 3). ويقوله "بولس" في 1: 15: "إذ سمعت بإيمانكم بالربّ يسوع، وبمحبتكم لجميع القدّيسين". وكيف يكتب مثل هذا الكلام، رجلٌ إلى كنيسة أسّسها بكثير من التضحية والتعب والآلام؟ يكفي هنا أن نقابل لغة الحنان في خطبة بولس إلى شيوخ أفسس (أع 20: 17- 38)، مع الاسلوب التعليمي في أف، لكي نصل إلى نتيجة تقول إن بولس لم يكتب هذه الرسالة، أو إنه كتبها إلى كنيسة غير كنيسة أفسس.
من هذا القبيل، رأى بعض الشرّاح في أف رسالة دوّارة توجّهت إلى عدة كنائس في مقاطعة آسية (أي تركيا الحاليّة). أو هي أرسلت في الواقع إلى كنيسة لاودكية المذكورة في كو 4: 16. غير أن كنيسة لاودكية لم تكن على قدر "المقام" المسيحيّ (رج رؤ 3: 14- 19)، فنُزع اسمها من هذه الرسالة وحلّ محلّه اسم كنيسة أفسس. هي فرضيّة وتبقى فرضيّة. أما في ما يتعلّق بالرسالة الدوّارة، فاقترح بعضهم أنه كانت هناك "ثلاث نقاط" يُوضع فيها اسم الكنيسة التي توجّه إليها الرسالة، ولكننا نتساءل في هذه الفرضية أيضاً: لماذا لم يصل إلينا إلا اسم أفسس؟
ا
لموضوع الأساسي في أف هو موضوع قصد الله (السّر) كما أقرّه منذ الأزل، وأخفاه خلال أجيال، ونفّذه في يسوع المسبح، وكشفه للرسول، ونشره في الكنيسة. والكنيسة هي واقع شامل، على مستوى الكون. واقع من الأرض وواقع من السماء. هي التحقيق الآنيّ لعمل الله، تحقيق الخليقة الجديدة التي ينطلق انتشارها من المسيح الذي هو الرأس، فيصل إلى ملء أبعاده كما حدّدها الله. هذه هي الصورة الواسعة التي إليها يوجّه الرسول أنظار المؤمنين. صورة تتحدّث عن نموّ الجسد، عن بناء بيت الله. وقد دخل المؤمنون في هذا الجسد في المعمودية. دخلوا يهوداً ووثنيّين بعد أن زال الحاجز الذي يفصل بينهم، فصاروا خليقة جديدة في معرفة الله والطاعة له وحمد مجده. صاروا النواة التي حولها يجتمع الكون في المسيح، كل ما في السماء وعلى الأرض (1: 10).
رسالة فيها العقيدة وفيها التحريض والإرشاد. فيها حديث عن الكنيسة التي هي خاتمة عمل الله. وفيها إرشاد يدعو المؤمنين إلى أن يتركوا الإنسان القديم ويلبسوا الجديد، أن يبدّلوا عقليّتهم وتصرّفاتهم، مقتدين بالله، منتقلين من عالم الظلمة إلى عالم النور.
أما العقيدة فتبدو كما يلي. هناك عمل الله العظيم الذي تمّ في يسوع المسيح، والذي فيه يشارك المسيحيون بالمعموديّة. وهناك مصالحة العالم بعد أن سقط الحاجز الذي فصل العالم اليهودي عن الأمم الوثنيّة: بعد اليوم صار الوثنيون مواطنين كاملين في ملكوت الله، دخلوا في الكنيسة التي هي شعب الله وجسد المسيح.
عرفت أف ارتباطاً مع عالم قمران لا سيّما في الحديث عن "السّر" وتعلّقه بعالم الجليان. وأهتمّت أف بمخطّط الله السابق الذي نجد آثاره في فمران أيضاً، مع اختلاف بارز وهو أن قمران يتوقّف عند بقيّة قليلة من المخلّصين بينما تتحدّث أف عن مخطّط الخلاص الذي يضمّ في جسد المسيح إسرائيل والأمم الوثنية.
وتوقّفت المدائح وقاعدة الحرب في قمران عند نشاط سلطان هذا العالم ونتائجه الشرّيرة، كما ذكرت أبناء النور وأبناء الظلمة. في هذا المجال نقرأ عند بولس: "إن مصارعتنا ليست ضدّ اللحم والدم، بل ضدّ الرئاسات، ضدّ السلاطين، ضدّ ولاة عالم الظلمة هذا، ضدّ أرواح الشّر المنبعثة في الفضاء" (6: 12). وفي 5: 8: "لقد كنتم من قبل ظلمة، أما الآن فأنتم نور في الربّ. فاسلكوا كأبناء النور". نحن هنا أيضاً في إطار الجوّ العمادي. فبعد ثوب عتيق خلعه، لنلبسْ ثوباً جديداً. وبعد موضوع الاقتداء بالمسيح، نتعلّم في الفقاهة المسيحيّة عن التعارض بين الظلمة والنور، وما يتبع هذا التناقض من ثمر النور وثمر الظلمة.
وهناك تحريضات أخلاقية في أف تتجاوب وما نقرأه في وصيّات الآباء الإثني عشر التي اكتشفت في قمران. ومع ذلك فتوجّهات أف تبدو مغايرة كل المغايرة مع كتابات قمران، بما فيها من تشديد على شخص يسوع المسيح (كرستولوجيا)، ومن إبراز الشموليّة التي تتعارض مع روح الشيعة وما فيها من انغلاق، كما تتميّز به جماعة قمران.
وكانت مقابلة بين أف وعالم الغنوصيّة التي تشدّد على المعرفة الباطنيّة كأساس للخلاص. هناك أولاً النظرة إلى الإنسان الباطن والإنسان الخارج. في هذا المجال تقول أف 3: 16: "ليهب لكم، على حسب مجده، أن تتأيّدوا بقوّة روحه، في الإنسان الباطن. الإنسان الباطن هو الوجهة العقليّة في الإنسان، تجاه ما هو زائل والذي يسمّى الإنسان الخارج. ولكن المسيح يخلّصنا بجسده، لأن المادة ليست بشّر كما قال القدماء.
وهناك موضوع نزول المسيح الأرضي وصعوده السماوي ليعيد المختارين إلى الملء. هذا هو موضوع 4: 7- 13: "صعد إلى العلى، سبى سببياً، وأعطى الناس العطايا". نزل "إلى أسافل الأرض". وصعد "إلى ما فوق السماوات". نحن هنا في جوّ ليتورجي يرفع أناشيد المجد للمسيح الممجّد. غير أن وجهة المجد هذه لا تنسى ذبيحة يسوع "الذي بذلك نفسه لأجلنا" (5: 2)، الذي بذل نفسه لأجل الكنيسة التي أحبّها (5: 25).
وتحدّث الغنوصيون عن زواج بين عالما السماء وعالم "الأرض"، ولكنّهم احتقروا الزواج. أما أف فجعلت الزواج على مستوى علاقة المسيح بالكنيسة. هذا المسيح الموجود منذ الأزل قد خطب له الكنيسة التي "لا كلف فيها ولا غضن ولا شيء مثل ذلك، التي هي مقدّسة ولا عيب فيها" (5: 27). لقد عاد بولس في هذه الصورة إلى العهد القديم، ولا سيّما هوشع وارميا، إلى صورة عهد الزواج بين الله وشعبه.
ما نقوله هنا عن العالم الغنوصي، نقوله أيضاً عن عالم قمران: وُلدت أف في هذا المناخ الفكريّ، فأخذت لغته وأسلوبه، ولكنها طبعته بروح المسيح وأعطت الكلمات معنى جديداً. أجل، روح المسيحية بعيدة جداً عن روح قمران. وكذلك نقول عن العالم الغنوصّي الذي حاول أن يجعل من الكنيسة شيعة باطنيّة، لا إنجيلاً يتوجّه إلى العالم كله.
 
قديم 16 - 04 - 2024, 02:53 PM   رقم المشاركة : ( 157823 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,219,909

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




بولس والعلاقات بين كو وأف؟

نجد في أف مجمل الأفكار التي تتضمّنها كو. لكن توسّعت أف في هذه الأفكار، وبدّلت النظرة تبديلاً عميقاً.
إن التلميحات المباشرة في كو إلى عبادة الملائكة، وإلى ممارسات من النمط اليهودي، قد زالت (كو 20: 23). أما التوسّعات حول المسيح (كما في كو)، فهي تشكّل أساس الهجوم على القائلين بأهمية هذه "الرئاسات والسلاطين".
تركّزت كو على سّر المسيح، ولم تتحدّث عن عمل الروح القدس (ما عدا 1: 8: أخبرنا بمحبّتكم في الروح). أما أف فعرضت سّر المسيح والكنيسة، فكانت من أهم النصوص حول الإكليزيولوجيا في العهد الجديد. بالإضافة إلى ذلك، شدّدت أف بشكل خاص على الروح القدس: به خُتمنا (1: 13). بالمسيح نصل إلى الآب "بروح واحد" (2: 18). نصير مسكناً لله "في الروح" (2: 22؛ رج 3: 5، 16؛ 4: 4، 30؛ 5: 18؛ 6: 17- 18).
إستعادت أف المواضيع الكبرى في روم لا سيّما شموليّة الخطيئة والبرّ بالإيمان، العلاقة بين اليهود والوثنين. وهذا ما لم تفعله كو. ثم إن الطريقة التي بها تُعالج المسألة اليهودية في أف 2: 14- 17، هي غير ما نجد في روم 9- 11.
في هذه الظروف لا نستطيع القول إن أف هي استعادة كو، وقد دُوّنت بعد ذلك ببضعة أشهر. فقد نكون أمام تلميذ من تلاميذ بولس. أراد أن يؤوّن تعليم معلّمه بعد موته، فكتب أف وطبّق ما فيها على المسائل المتعلّقة بتواجد مسيحيّين من أصل يهوديّ وآخرين من أصل وثنيّ في الجماعات الواحدة. وعن التيّارات الروحيّة في عصره نتحدّث عن وحدة الكون (شأنه شأن فيلون الاسكندراني). كانت النظرة اليهوديّة التقليديّة تعارض بين هذا العالم والعالم المقبل (1: 21: ليس في هذا الدهر، بل في الآتي أيضاً) على المستوى الأفقي للزمن. أما أف فأحلّت مكانها الرؤية العمودية التي تعارض بين السماء والأرض.
من هذه الزاوية، يمثّل تمجيد المسيح مكاناً جوهرياً في كرستولوجية أف، وهذا ما يجعلنا قريبين من التفكير الغنوصي كما عُرف في القرن الثاني المسيحي. غير أن التشديد على المحبّة (أغابي) كالقيمة السميا، يدلّ على أن الخلاص في أف لا يقوم على معرفة الذات، بل على تقبّل محبّة الله التي تدركنا بواسطة صليب المسيح.
 
قديم 16 - 04 - 2024, 02:54 PM   رقم المشاركة : ( 157824 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,219,909

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




ماذا عن نسبة أف إلى بولس؟ هناك فئة أولى ترفض هذه النسبة. لسنا فقط أمام سكرتير دوّن تحت نظر بولس. بل أمام تلميذ كان كاتباً حقيقياً، عاد إلى المعطيات البولسيّة وألّف نصّاً أصيلاً. وهنا تُطرح الأسئلة: من أي رسالة استقى؟ هل كانت أف الأساس الرئيسي؟
وهناك فئة ثانية تتحدّث عن صحّة نسبة أف إلى بولس الرسول. وبدا هذا الطرح في وجهتين مرتبطتين بالعلاقات بين أف وكو. الأولى، إن أف سبقت كو، فكانت نصّاً أصيلاً استفت منه كو. قليلون جداً هم الذين يأخذون بهذا الرأي. الثانية، جاءت أف بعد كو. استعادت مواد كو إما بواسطة الرسول نفسه، وإما بواسطة سكرتيرٍ عملَ بإدارة الرسول. أملى بولس بعض التوسّعات وترك لتلميذه أن يكمل العمل.
نشير هنا إلى أن إخفاء اسم التلميذ الذي دوّن أف، وراء اسم بولس، لا ينتزع شيئاً من قيمة الرسالة اللاهوتيّة. فهي ملهمة، وقد جعلتها الكنيسة في لائحة الأسفار القانونيّة التي تشكّل قاعدة الإيمان والأخلاق. كما نستطيع أن نكتشف خصب المدرسة البولسيّة التي كيّفت إرث الرسول في مؤلّفات مختلفة مثل أف أو الرسائل الرعائيّة.
وهكذا تبدو الآراء حول تدوين أف على الشكل التالي:
هناك قلّة قليلة تعتبر أف نصّاً بولسياً أعاد صياغته كاتبُ كو لكي يعطي وزناً لتعليمه.
أما الرأي الأكثر رواجاً، فيرى في أف وكو رسالتين بعث بهما الرسول في الوقت عينه تقريباً، إلى كنيستين متجاورتين. إستلهم كو فكتب أف. في هذه الحال، تمثّل أف المرحلة الأخيرة في فكر الرسول. كان سجيناً في رومة، فسلّم الجماعات في رسالة دوّارة، تأمّلَه الأخير في مخطّط الخلاص وسّر الكنيسة.
وهناك رأي يقول بأن بولس ألّف كو، ثم طلب من سكرتير أو تلميذ قريب منه، أن يوجّه أف. هذا ما يدلّ على التقارب بين النصّين، كما يدلّ على الاختلاف بينهما.
ويرى عدد من العلماء أن أف دوّنت في زمن متأخر، زمن ما بعد الرسل. غير أنها نتاج محيط تأثّر تأثّراً عميقاً بالرسول.
تبدو بشكل مباركة وتحريض. ألقيت في أحد اجتماعات العبادة، ثم جُعلت في رسالة، وضُمّت إلى سائر الرسائل البولسية. تأثّرت بأنكار وردت في روم، 1 كور، غل، كما تأثّرت بما في الكرازة الرسوليّة، لا سيّما في ما يخصّ الخلاص بالنعمة وشعب الله والروح القدس. وارتبطت أف أيضاً بالرسائل الرعائيّة كما ارتبطت بالتقليد اليوحناوي. وهذا لا يدهشنا إذا اعتبرنا أن المحيط الذي ألّفت فيه هو كنيسة أفسس.
 
قديم 16 - 04 - 2024, 02:55 PM   رقم المشاركة : ( 157825 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,219,909

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






متى دوّن بولس الرسول أف؟



فقد تكون دوّنت بين سنة 70 وسنة 80. وقد تمّ تدوينها في أفسس التي عرفت تيخيكس واونسيموس. والقرابة مع رسالة أغناطيوس الانطاكي إلى أفسس (حوالي 110)، تجعلنا أقرب إلى سنة 80 أكثر منه إلى سنة 100. وقال آخرون: إذا كانت النظرة إلى الكنيسة هي تلك التي عرفها الجيل الذي بعد الرسل، إلاّ أننا لا نجد أي تلميح إلى اضطهاد دوميسيانس الذي حصل سنة 95. وهكذا تكون أف دوّنت قبل سنة 95.
 
قديم 16 - 04 - 2024, 02:56 PM   رقم المشاركة : ( 157826 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,219,909

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






متى دوّن بولس الرسول أف؟



فقد تكون دوّنت بين سنة 70 وسنة 80. وقد تمّ تدوينها في أفسس التي عرفت تيخيكس واونسيموس. والقرابة مع رسالة أغناطيوس الانطاكي إلى أفسس (حوالي 110)، تجعلنا أقرب إلى سنة 80 أكثر منه إلى سنة 100. وقال آخرون: إذا كانت النظرة إلى الكنيسة هي تلك التي عرفها الجيل الذي بعد الرسل، إلاّ أننا لا نجد أي تلميح إلى اضطهاد دوميسيانس الذي حصل سنة 95. وهكذا تكون أف دوّنت قبل سنة 95.


أما إذا قلنا إن بولس هو صاحب أف، يُطرح السؤال بشكل آخر: يجب أن نحدّد الموضع الذي فيه دوّنها: أفسس، قيصرية، رومة. إذا قابلنا بين 1 كور، غل، 2 كور، فل، روم من جهة، كو وأف من جهة أخرى، نفهم أننا نحتاج إلى حقبة من الزمن لنفصل المجموعة عن أختها. لهذا نترك سجن أفسس ونتحدّث عن سجن قيصرية أو سجن رومة. ويميل الشرّاح إلى قيصريّة: رافق سكرتير بولس إلى قيصريّة، فدوّن أف بعد كو بوقت قليل.
أن نتحدّث عن بولس في نهاية حياته الرسولية، أو عن سكرتير عاد إلى تعليمات أعطيت له، أو عن أحد "ورّاث" بولس الذي وجد نفسه أمام وضع خطير يجتازه العالم المسيحيّ بعد اختفاء الرسل، فنحن في أف تجاه رسمة تقدّم الأجوبة الكبرى للمسيحيّين المتطلّعين إلى مستقبلهم. فصاحب أف يريد من المؤمنين أن يعوا التبدّل الجذري الذي تمّ في العالم بعد موت المسيح وارتفاعه.
أنشد عطيّة الله التي تسجّلت منذ الآن في الكنيسة، جسد المسيح. وأدرك في هذه الكنيسة بداية وضع جديد لا يمكن الرجوع عنه. وهكذا لن تعود أف، شأنها شأن 1 كور، 2 كور، 1 تس، 2 تس، غل، رسالة ظرفيّة. رسالة كُتبت في وضع معيّن من علاقاتها مع الرسول. إن أف هي عرض تعليميّ للإيمان المسيحيّ على مثال ما في الرسالة الأولى ليوحنا أو الرسالة إلى العبرانيين.
 
قديم 16 - 04 - 2024, 02:58 PM   رقم المشاركة : ( 157827 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,219,909

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





تحية وسلام
1: 1- 2

بولس رسول المسيح يسوع. هذا العنوان يتبع النموذج البولسي. يبدو اسم بولس وحده ولا يرافقه شخص آخر كما في روم 1: 1 والرسائل الرعائية (1 تم 1: 1؛ 2 تم 1: 1؛ تي 1: 1: من بولس عبد الله ورسول المسيح يسوع). أما في سائر الرسائل، فيضمّ إلى شخصه مرافقيه في الرسالة. في 1 كور 1: 1 هناك "سوستانيس الأخ". وفي 2 كور 1: 1 يرافقه "تيموتاوس الأخ". في كل 1: 2 نقرأ: "من جميع الأخوة الذين معي". في فل 1: 1 تبدأ الرسالة: "من بولس وتيموتاوس عبدَي يسوع المسيح".

1- دراسة النص وتحليله
نلاحظ أولاً اختلافتين بسيطتين في آ 1. نقرأ عادة "المسيح يسوع". ولكننا نجد في عدد من المخطوطات (من السريانية البسيطة مثلاً) "يسوع المسيح". وتأثّر بعض النسّاخ بما في فل 1: 1 فزاد لفظة "جميع"، قال: "إلى جميع الأخوة القدّيسين".
ونلاحظ ثانياً مسألة كبيرة جداً: غياب عبارة "في أفسس" في أقدم المخطوطات (بردية 46، السينائي، الفاتيكاني) كما في كتب الآباء مثل اويجانس وغيره. سنعود إلى هذه المسألة في معرض التفسير.
هذا على مستوى الدراسة، فماذا نقول في التحليل؟
تخضع التحيّة الرسائليّة في العالم القديم لنموذج محدّد: المرسِل مع ألقابه إذا وُجدت، المرسَل إليه وصفاته، التمنّيات. نجد النموذج اليوناني الكلاسيكي في إيجازه في يع 1: 1: ومن يعقوب عبد الله والرب يسوع المسيح". هنا نتذكّر رسالة القائد الروماني إلى الوالي فيلكس: "من كلوديوس ليسياس" (أع 23: 26).
إن النموذج البولسي يبدو ثابتاً في التصميم متبدِّلاً في التعبير. وهو يقابل رسمة شرقيّة انتشرت في البلاط الفارسي، فوصل إلينا مثالاً عنها في دا 4: 1 حسب ترجمة تيودوسيون. ونجد نماذج عن هذا المثال في محيط ساميّ. مثلاً: رؤيا با 78: 2.
هذا النموذج مهمّ لمن يريد أن يعالج النصّ. فالقارىء لا يدخل في مراسلة شخصيّة، بل يقف أمام تعليم يرتدي سلطة (سلطة الرسول بولس هنا)، ويتوجّه من أجل القراءة العلنيّة: قراءة خلاله الاحتفال الليتورجي. نقرأ في كو 4: 16: "وبعد أن تُتلى هذه الرسالة عندكم". فالطابع الرسمي للرسالة يبدو واضحاً منذ البداية، ويبرز في المقابلة بين اللغة الليتورجيّة واللغة السياسيّة.

2- تفسير النصّ
أ- بولس رسول المسيح (آ 1)
أولاً: بولس

بولس هو الإسم اللاتيني الذي أُخذ من عائلة امليا وعنى "الصغير" (أو: القصير). هل يتوافق هذا الاختيار مع قامة بولس؟ هذا ما نجهله رغم ما نقرأه في 1 كور 2: 3: "حضرت إليكم في ضعف وخوف وارتعاد كثير". بل هو يتوافق في اللفظ مع شاول أو" المسؤول" (أي الذي سأله والداه أو طلباه من الله). نجد شاول وبولس، نجد كذلك يشوع وياسون، سيلا وسلوانس. لم يحلّ "بولس" محلّ "شاول"، فالإسمان يدلاّن على التزام بولس المزدوج: إنه رسول المسيح يسوع، إنه رسول الأمم (الوثنية).
مهما كان الجدال حول صاحب أف، فتدوين الرسالة ارتبط بسلطة الرسول وحده، فلم يرافقه شخص أرسلها معه. فحتَّى في كو التي لم يبشّرها بولس، نقرأ: "ومن أخينا تيموتاوس" (كو 1: 1).
قد يقدّم بولس نفسه ولا يذكر لقباً. هذا هو الوضع في 1 تس 1: 1 (من بولس وسلوانس وتيموتاوس) و2 تس 1: 1. وقد يسمّي نفسه "عبد" المسيح يسوع (روم 1: 1؛ فل 1: 1) أو "رسول" يسوع المسيح (1 كور 1: 1؛ 2 كور 1: 1؛ غل 1: 1). أما في أف فيسمّي نفسه "سجين" (أو: أسير) يسوع المسيح (3: 1).
بولس هو الرسول (أو: السلّيح، شليحو في السريانية) والمرسَل والموفد. هو بالنسبة إلى من يرسله "ذاته الأخرى". تلك هي العلاقة بين بولس ويسوع الناصريّ منذ اللقاء في طريق دمشق.
وقال النصّ: "بمشيئة الله"، فربط عمل المسيح بمبادرة الله. فالدائرة المسيحاويّة التي تشكّل الرسالةُ فيها جزءاً لا يتجزأ، لا تنفصل عن الوعد المعطى لإبراهيم. نحن نجد هذا التشديد عينه في 1 كور 1: 1؛ 2 كور 1: 1؛ كو 1: 1. وتبدو هذه المبادرة الإلهيّة أكثر بروزاً في روم 1: 2 (سبق فوعد به على ألسنة أنبيائه في الكتب المقدّسة) وغل 1: 1 (لا من قبل البشر، ولا بانسان).
إنّ لقب "رسول" مهمّ جداً، لاسيّما وأنّ بعض الذين بشرّهم بولس اعترضوا عليه: فقد اعترضت بعض الأوساط المسيحيّة على لقب "رسول المسيح". واعترض الرفاق القدامى من الفرّيسيين على عبارة "بمشيئة الله". وتسمية بولس كرسول، والبُعد الخاص لهذه التسمية في أف، سيتوسّع فيهما الرسول مطوّلاً في 3: 1- 13.
ثانياً: إلى القدّيسين والمؤمنين
إن تسمية قرّاء أف تدلّ على الطريقة التي بها فهصت الجماعة نفسها. والاختلافات بين رسالة ورسالة تعلّمنا الشيء الكثير. هنا نجد صفتين مستعملتين بشكل موصوف: "القدّيسين"، "المؤمنين". القدّيسون هم الذين أخذهم الله بيده، حرّرهم من أي انتماء، وكرّسهم من أجل خدمته. إنّ لهذه اللفظة ماضياً بيبلياً عريقاً، قبل أن تدلّ بشكل خاص على أعضاء الكنيسة. إن لفظة "قدّيسين" حلّت محلّ لفظة "إخوة" (رج كو 1: 1: الإخوة الأمناء في المسيح).
على مستوى الإيمان، هناك المعنى السلبي: من يستحقّ أن نثق به. والمعنى الإيجابي: أولئك الذين يؤمنون. هناك الله الذي نتكل عليه. وهناك الذين جعلوا ثقتهم في المسيح يسوع. إذا توقّفنا عند النصّ المعتمد حالياً، يرتبط "القدّيسون" بمكان من الأمكنة هو "أفسس". كما تدلّ لفظة "المؤمنين" على انتماء إلى المسيح. إنّ المؤمنين يقيمون في المسيح منذ الآن كما يقول حرف الجرّ اليوناني.
ثالثاً: الذين في أفسس
نقرأ في روم 1: 7: "إلى جميع أحبّاء الله الذين في رومة، المدعوّين القدّيسين". وفي فل 1: 1: "إلى جميع القديسين في المسيح يسوع، الذين في فيلبي. أما في كو 1: 2 فنقرأ: "إلى القدّيسين الذين في كولسي". دمجت أف بين روم وفل وبين كو فقالت: "إلى القدّيسين الذين في أفسس". ولكن نتساءل: هل بولس هو صاحب أف؟ وهل وجّهت هذه الرسالة إلى كنيسة أفسس؟ ففي 1: 15 الذي يبدو مأخوذاً من كو 1: 4- 9، نفهم أنّ الكاتب يتوجّه إلى مؤمنين لم يعرفهم من قبل: "سمعت بإيمانكم في الرب".
وإذا عدنا إلى وضع النصّ نجد أنّ عبارة "إلى أفسس" قد شكّلت صعوبة بالنسبة إلى الكنيسة في الأجيال الأولى. والاختلاف بين المخطوطات يزيد المسألة تشعّباً.
* أقدم مخطوط للرسالة إلى أفسس هو بردية 46. نقرأ فيه: "إلى القدّيسين الذين هم والمؤمنين". وهكذا غابت "كنيسة خاصة" تتوجّه إليها الرسالة. أما عبارة "الذين هم" فهي معروفة، فنقرأها مثلاً في روم 13: 1؛ أع 5: 17. وهكذا تصبح أف 1: 1: "إلى القدّيسين والمؤمنين في يسوع المسيح".
* ويتبع المخطوط البازي البردية 46. ولكن هناك اعتراضات: ما هذه الصيغة الغريبة في تحية تبدأ الرسالة؟ ثم، إن كانت البردية 46 هي أقدم مخطوط فليست المخطوط الأصلي. وقد يكون الناسخ نسي كلمة "إلى أفسس".
* السينائي والفاتيكاني يجعلان أل التعريف أمام اسم الفاعل، ولكننا لا نجد مفعولاً: القديسين، الذين هم (حقاً)، المؤمنين في المسيح. إذن، لا بدّ من اسم مكان لكي نكمّل المعنى. هل ضاع اسم المكان صدفة واتفاقاً، أم هل أسقط عمداً؟
* إنّ مجمل سائر المخطوطات ومجمل الترجمات وعنوان النصّ وتوقيع الناسخ حتى في السينائي والفاتيكاني، والتقليد الآبائي بشكل عام... كلّ هذا يتضمّن عبارة "الذين في أفسس" أو "الأفسسيين".
* رفض مرقيون (كما يقول ترتليانس) هذه التسمية وجعل مكانها "إلى اللاودكيين" كما في كو 4: 16: "تلك التي نسمّيها إلى الأفسسيين" يسمّيها الهراطقة إلى اللاودكيين. مهما كان هذا النصّ قديماً، إلاّ أنّ التصحيح المطروح لا يجد له أساساً في الرسالة.
ماذا نقول في كل هذا؟
نحن أمام رسالة دوّارة توجّهت إلى جماعات مختلفة. كانت هناك فسحة بيضاء يدوّن فيها اسم هذه الكنيسة أو تلك. نحن أمام رسالة عامّة لا تتوجّه إلى كنيسة محدّدة دون غيرها من الكنائس. نحن أمام رسالة توجّهت إلى كنائس آسية الصغرى (= تركيا)، والإشارات الملموسة في هذه الرسالة تدلّ على الوضع في هذه الكنائس ولاسيّما ذكر "تيخيكس، الأخ الحبيب، والمعاون الأمين في الرب" (6: 21؛ رج كو 4: 7؛ أع 2: 4؛ 2 تم 4: 12).

ب- نعمة لكم وسلام (آ 2)
إن السلام حسب النموذج البولسيّ يتوسّع في التحيّة القديمة الموجزة، وينبع من المباركة اليهوديّة (رج 2 كور 1: 1). النعمة، الرحمة والحنان، السلام. وهذا ما يدلّ على ملء ملكوت الله. وتبرز هذه العبارة الشائعة في أف بشكل خاص بقدر ما سوف يشكّل إعلان السلام قلب التعليم ولاسيّما في ف 2: "لأنه (أي المسيح) هو سلامنا. هو الذي جعل من الشعبين واحداً، إذ نقض الحائط الحاجز بينهما، أي العداوة" (آ 14).
واختلف بولس عمّا اعتادت عليه الرسائل، فلم تصدر التحيّةُ من المرسِل.
فالمرسِل يكتب باسم شخص آخر، من قبل آخر. إنه وسيط بين هذا الآخر والقارىء ثم إنه لا يعبرّ عن تمنٍّ من التمنّيات، بل يشارك في موهبة نالها هو بدوره: لقد نال النعمة والسلام.
"من قبل الله أبينا والرب يسوع المسيح". هذه العبارة التي نجدها أيضاً في 1 كور 1: 3، تكرّس توسّعاً مزدوجاً بالنسبة إلى ما نجده في العالم اليهودي. حل محل اسم "يهوه" (الرب الذي هو) لقب الآب. وهذا ما نجده في آ 3: "تبارك الله أبو ربّنا يسوع المسيح". ثمّ إنّ ترجمة "يهوه" بالربّ، قد انتقلت إلى يسوع المسيح الذي هو مساوٍ لله الآب في الجوهر.
جعل النصّ ضمير المتكلّم الجمع "نا" مع الآب، فقال "أبينا" على مثال ما نجد في العهد القديم مع لفظة "الله" إلهنا. فالله هو إله إبراهيم وإسحق وإسرائيل. هو إله شعب من الشعوب. ولهذا ينادونه إلهنا. هذا لا يعني أننا نمتلك الله ونجعله في خدمتنا دون غيرنا. بل يدلّ على الالتزام تجاهه، على الإقرار بفضله، على إعلان الإيمان به والثقة بتدخّلاته من أجلنا.

خاتمة
إنّ النعمة والسلام تأتيان من الله. هذا ما عرفه بولس قبل ارتداده. والآن، ارتبط الرب يسوع المسيح بالله الآب (مع عبارة واحدة "من قبل" تجمع بين الإثنين، لأنهما متساويان)، فدلّ بولس المسيحي بهذا الإرتباط على المكانة التي يحتلّها الرب. بعد أن رفعه الآب "وأعطاه الإسم الذي يفوق كل إسم" (فل 2: 9). إنّ النعمة الإلهيّة والسلام يُعطيان بشكل سامٍ في خلاص يُعلنه الإنجيل ويقدّمه الله والمسيح معاً. والنعمة التي تكمن وراء هذا الخلاص (2: 5، 8) تسمّى أيضاً "نعمة الله" (3: 2)، "نعمة المسيح" (غل 1: 6). والسلام الذي ينشئه هذا الخلاص (2: 14- 17؛ 6: 15) يسمّى أيضاً "سلام الله" (فل 4: 7)، "سلام المسيح" (كو 3: 15).

 
قديم 16 - 04 - 2024, 02:59 PM   رقم المشاركة : ( 157828 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,219,909

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






بولس رسول المسيح يسوع. هذا العنوان يتبع النموذج البولسي. يبدو اسم بولس وحده ولا يرافقه شخص آخر كما في روم 1: 1 والرسائل الرعائية (1 تم 1: 1؛ 2 تم 1: 1؛ تي 1: 1: من بولس عبد الله ورسول المسيح يسوع). أما في سائر الرسائل، فيضمّ إلى شخصه مرافقيه في الرسالة.
في 1 كور 1: 1 هناك "سوستانيس الأخ". وفي 2 كور 1: 1 يرافقه "تيموتاوس الأخ".
في كل 1: 2 نقرأ: "من جميع الأخوة الذين معي". في فل 1: 1 تبدأ الرسالة: "من بولس وتيموتاوس عبدَي يسوع المسيح".
 
قديم 16 - 04 - 2024, 03:01 PM   رقم المشاركة : ( 157829 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,219,909

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






سلطة الرسول بولس
نلاحظ أولاً اختلافتين بسيطتين في آ 1. نقرأ عادة "المسيح يسوع". ولكننا نجد في عدد من المخطوطات (من السريانية البسيطة مثلاً) "يسوع المسيح". وتأثّر بعض النسّاخ بما في فل 1: 1 فزاد لفظة "جميع"، قال: "إلى جميع الأخوة القدّيسين".
ونلاحظ ثانياً مسألة كبيرة جداً: غياب عبارة "في أفسس" في أقدم المخطوطات (بردية 46، السينائي، الفاتيكاني) كما في كتب الآباء مثل اويجانس وغيره. سنعود إلى هذه المسألة في معرض التفسير.
هذا على مستوى الدراسة، فماذا نقول في التحليل؟
تخضع التحيّة الرسائليّة في العالم القديم لنموذج محدّد: المرسِل مع ألقابه إذا وُجدت، المرسَل إليه وصفاته، التمنّيات. نجد النموذج اليوناني الكلاسيكي في إيجازه في يع 1: 1: ومن يعقوب عبد الله والرب يسوع المسيح". هنا نتذكّر رسالة القائد الروماني إلى الوالي فيلكس: "من كلوديوس ليسياس" (أع 23: 26).
إن النموذج البولسي يبدو ثابتاً في التصميم متبدِّلاً في التعبير. وهو يقابل رسمة شرقيّة انتشرت في البلاط الفارسي، فوصل إلينا مثالاً عنها في دا 4: 1 حسب ترجمة تيودوسيون. ونجد نماذج عن هذا المثال في محيط ساميّ. مثلاً: رؤيا با 78: 2.
هذا النموذج مهمّ لمن يريد أن يعالج النصّ. فالقارىء لا يدخل في مراسلة شخصيّة، بل يقف أمام تعليم يرتدي سلطة (سلطة الرسول بولس هنا)، ويتوجّه من أجل القراءة العلنيّة: قراءة خلاله الاحتفال الليتورجي. نقرأ في كو 4: 16: "وبعد أن تُتلى هذه الرسالة عندكم". فالطابع الرسمي للرسالة يبدو واضحاً منذ البداية، ويبرز في المقابلة بين اللغة الليتورجيّة واللغة السياسيّة.

 
قديم 16 - 04 - 2024, 03:02 PM   رقم المشاركة : ( 157830 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,219,909

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






بولس هو الإسم اللاتيني الذي أُخذ من عائلة امليا وعنى "الصغير" (أو: القصير). هل يتوافق هذا الاختيار مع قامة بولس؟ هذا ما نجهله رغم ما نقرأه في 1 كور 2: 3: "حضرت إليكم في ضعف وخوف وارتعاد كثير". بل هو يتوافق في اللفظ مع شاول أو" المسؤول" (أي الذي سأله والداه أو طلباه من الله). نجد شاول وبولس، نجد كذلك يشوع وياسون، سيلا وسلوانس. لم يحلّ "بولس" محلّ "شاول"، فالإسمان يدلاّن على التزام بولس المزدوج: إنه رسول المسيح يسوع، إنه رسول الأمم (الوثنية).
مهما كان الجدال حول صاحب أف، فتدوين الرسالة ارتبط بسلطة الرسول وحده، فلم يرافقه شخص أرسلها معه. فحتَّى في كو التي لم يبشّرها بولس، نقرأ: "ومن أخينا تيموتاوس" (كو 1: 1).
قد يقدّم بولس نفسه ولا يذكر لقباً. هذا هو الوضع في 1 تس 1: 1 (من بولس وسلوانس وتيموتاوس) و2 تس 1: 1. وقد يسمّي نفسه "عبد" المسيح يسوع (روم 1: 1؛ فل 1: 1) أو "رسول" يسوع المسيح (1 كور 1: 1؛ 2 كور 1: 1؛ غل 1: 1). أما في أف فيسمّي نفسه "سجين" (أو: أسير) يسوع المسيح (3: 1).
بولس هو الرسول (أو: السلّيح، شليحو في السريانية) والمرسَل والموفد. هو بالنسبة إلى من يرسله "ذاته الأخرى". تلك هي العلاقة بين بولس ويسوع الناصريّ منذ اللقاء في طريق دمشق.
وقال النصّ: "بمشيئة الله"، فربط عمل المسيح بمبادرة الله. فالدائرة المسيحاويّة التي تشكّل الرسالةُ فيها جزءاً لا يتجزأ، لا تنفصل عن الوعد المعطى لإبراهيم. نحن نجد هذا التشديد عينه في 1 كور 1: 1؛ 2 كور 1: 1؛ كو 1: 1. وتبدو هذه المبادرة الإلهيّة أكثر بروزاً في روم 1: 2 (سبق فوعد به على ألسنة أنبيائه في الكتب المقدّسة) وغل 1: 1 (لا من قبل البشر، ولا بانسان).
إنّ لقب "رسول" مهمّ جداً، لاسيّما وأنّ بعض الذين بشرّهم بولس اعترضوا عليه: فقد اعترضت بعض الأوساط المسيحيّة على لقب "رسول المسيح". واعترض الرفاق القدامى من الفرّيسيين على عبارة "بمشيئة الله". وتسمية بولس كرسول، والبُعد الخاص لهذه التسمية في أف، سيتوسّع فيهما الرسول مطوّلاً في 3: 1- 13.

 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 12:49 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024