مـثـل عـن الـتـوبـة

Ebn Barbara · رقم المشاركة : ( 1 ) 17 - 06 - 2012, 02:16 PM

مـثـل عـن الـتـوبـة

“أو أية امرأة لها عشرة دراهم أن أضاعت درهمًا واحدًا ألا توقد سراجًا، وتكنس البيت، وتفتش باجتهاد حتى تجده؟! وإذا وجدته تدعو الصديقات والجارات، قائلة: “افرحن معي لأني وجدت الدرهم الذي أضعته”. هكذا أقول لكم يكون فرح قدام ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب” لو15 [8-10].

هذا الدرهم رمز للإنسان، لأنه توضع عليه صورة الملك أو الحاكم، مع كتابة تثبت قيمته، والإنسان قد وضعت عليه صورة الله خالقه، الذي قال “نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا… فخلق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خلقه” (تك 1 :26 ،27). وبهذه الصورة الإلهية، صارت للإنسان قيمته.

هذا الدرهم على الرغم من فقده، كانت له قيمته.

هو فقد موضعه، ولكن لم يفقد قيمته. لا تزال له نفس القيمة متى وُجد. قيمته محفوظة كدرهم. وهكذا الإنسان إن ضلّ… فمتى عاد، يعود بقيمته كصورة لله.

في البيـــت :نقطة هامة في هذا المثل وهي أن الدرهم قد فقد في بيت صاحبته. أي في مكان يمكن العثور عليه فيه، إن بُحث عنه.لو كانت صاحبة هذا الدرهم قد فقدته في الشارع،أو في الخلاء، أو في البحر، لكان الأمل ضعيفاً جداً أو مفقوداً في العثور عليه…لكنه فُقد في البيت، أي داخل الكنيسة.

ولكن الظاهر أن هذا البيت الذي فُقد فيه، كان بيتاً ريفياً مظلماً، ليست فيه نوافذ كافية للإنارة. كما أنه مغطى بالأتربة الكثيرة ولكن ماهو ذلك التراب، ذلك الذي يخفيه؟

ربما كثير من أفكار المجتمع وانحرافاته، أو كثير من المشاغل المتعددة التي اختفى وراءها، ولم يعد ظاهراً بسهولة لصاحبة البيت.والمرأة صاحبة الدرهم في هذا البيت هي الكنيسة التي يهمها عودته إليها. والتي في هذا المثل قد بذلت كل جهدها حتى وجدته. فأوقدت سراجاً لكي ينير البيت حتى ينكشف موضع هذا الدرهم المفقود، ويسهل العثور عليه في النور.والسراج في هذا المثل يرمز |لى كلمة الله ووصاياه.

كما قيل في المزمور “سراج لرجلي كلامك، ونور لسبيلي” (مزمور119: 105)وقد كان هذا السراج لازماً للعثور على الدرهم المفقود، كما قال الرب “كلمتي لاترجع إليّ فارغة” (أش 55: 11).

الكنيسة أتت بكلام الله لكي تستطيع به أن تنير عقل ذلك الضائع، لكي يرجع. وكنست البيت أي أزالت الأتربة التي فيه التي تخفى الدرهم.طبيعي أن الله يرسل نوره إلى هذا العالم المظلم، لكي يستنير به السالكون في الظلمة.

والكنيسة تبحث عن الدرهم لأنها تمتلكه. إنه ملك لها. واحد من العشرة الذين تمتلكهم وضياعه لايمنع ملكية الرب له حتى إن سيطرعليه الشيطان، فهذا لايعني ملكية الشيطان له إنما هذا اغتصاب سلبه به الشيطان من الله والكنيسة.

إن الرب قد اشترى هذا الدرهم بدمٍ طاهرٍ غالٍ . كما قال الرسول ” قد اشتريتم بثمنٍ ” (1كو6: 20).

الدرهم المفقود- على الرغم من أنه كان لايهتم بنفسه – إلا أن الله المحب كان يهتم به.

ومع كل ذلك، أقول لكم ملاحظة هامة جداً وهي :

هذا الدرهم قد فقد، ولكنه لم يُنسَ .لم تنسه صاحبته أبداً. بل عدت دراهمها وأدركت أنه ليس بينها. فعرفت أنه قد ضاع، وأخذت تبحث عنه وهو مفقود، وبذلت كل تجهدها حتى وجدته.إنه فُقد . ولكن لم يفقد الأمل في إرجاعه.

الكنيسة لم تيأس من عودته إليها. حقاً ما أخطر اليأس من رجوع الخطاة ! تلميذ بطول غيابه عن مدارس الأحد، فيشطب الخادم اسمه من كشوفه ! أي أنه قد يئس من رجوعه. أو تبعد أسرة عن الكنيسة مدة طويلة، فيمتنع الكاهن عن افتقادهم ويقول”إن هؤلاء لا فائدة منهم!” إنه اليأس من عودة الخطاة !

ولكن المرأة في مثل الدرهم لم تيأس، بل إنها كانت تفتش باجتهاد :المرأة لم تندب وتصرخ بسبب درهمها المفقود، بل بحثت ووجدته.ما أكثر ما نبكي على ضياع الخطاة، دون أن نبحث عنهم لكي نجدهم.

هنا المرأة – التي تمثل الكنيسة – لجأت إلى الأسلوب العملي للبحث عن الضائع: إيقاد سراج، وكنس البيت، والبحث بكل اجتهاد.وعملية الكنس تحمل هنا تخليص البيت من البدع والانحرافات والهرطقات وربما الكنس بسبب عقاراً يتعب البعض، ولكنه لازم.

فرح الملائكــة :

“يكون فرح في السماء بخاطىء واحد يتوب” (لو15 : 7 ، 10)

وهنا نسأل : لماذا يفرح الملائكة بتوبة التائبين ؟

إنهم يفرحون

1- لأن توبة الخاطىء، تعني اشتراكه مع الملائكة في قداستهم. وتعنى نمو ملكوت الله ومشيئته، وهذا يفرح الملائكة. كذلك فإن توبة الخاطئ تعنى خلاصه. وهذا ما يفرح به الله وملائكته.

2- وأيضاً فإن توبة الخاطىء تعنى نجاح الملائكة في خدمتهم لأجل البشر. إذ يقول عنهم الكتاب “اليس جميعهم أرواحاً خادمة ، مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص” (عب1 :14). فإن تم خلاص هؤلاء بالتوبة، لذلك يفرح الملائكة .

3- ويفرح الملائكة بخلاص هؤلاء التائبين، لأنهم سيكونون شركاء لهم في ملكوت الله، في أورشليم السمائية: حيث الله وسط شعبه” (رؤ 21: 3) وسيكون شعبه الملائكة والبشر الأتقياء المفديين.

4- إن فرح الملائكة يدل على إخلاصهم لله ومحبتهم للبشر.ويدل على معرفتهم في السماء، بما يحدث للبشر على الأرض.

أليس أمراً عجيباً أن توبة خاطىء واحد تسبب كل هذا الفرح وسط “الجمع غير المحصى الذي للقوات السمائية “؟

ولكن هذا فرح بخاطىء يتوب… فما دام هكذا :

إنها دعوة لك أيها الخاطىء أن تتوب، لتفرح السماء بتوبتك.

ودعوة للخدام أن يسعوا إلى توبة الخطاة لتفرح السماء بهم .

وأيضا لنفرح الكنيسة وتدعو الصديقات والجارات ليفرحوا معها .