منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13 - 05 - 2024, 12:47 PM   رقم المشاركة : ( 160291 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,223,289

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





"الخاطئ يتقدمني؟ كيف؟" بين كاتبي نبؤة حزقيال والإنجيل الأوّل



مُقدّمة



القراء الأفاضل نستمر في قرأتنا الكتابيّة من خلال النص الأوّل بالعهد الأوّل الّتي نقرأ فيها كلمات الرسالة النبويّة لحزقيال النبي الّذي يدعونا في قرائتنا للنص النبوي (حز 18: 25-28) إنه لا يتحدث عن قادة أو رعاة الشعب ، وهو موضوع كان من السهل العثور على مادة فيه في حزقيال، ولكن من قبل المؤمن بشكل عام. يتم التأكيد على حقيقة أن المؤمن لا يجب أن يشعر "على ما يرام" من أجل "نعم" أولية ، ولكن يجب أن يثابر في الإخلاص للرب وكلمته. تساعدنا قراءة هذا النص النبويّ لقراءة النص الإنجيليّ بدقة من هذا المنظور "الشخصي"، إذّ سنسمع إلى تعليم يسوع المعلم من خلال المثل بالعهد الثاني بالإنجيل الأوّل إذ يخبرنا متّى في هذا المقطع (مت 21: 28-32) عن مَثَل الابنين؛ فالأوّل يُطالبه أبيه والده بالذهاب للعمل في الكرم العائلي، يعطي إجابة إيجابية قائلاً: "نعم" ولكن بعد ذلك لا يذهب؛ الآخر الّذي يرفض في البداية ثم يتنبه لطلب أبيه فيطيع الطلب الأبويّ. نحن المؤمنين مدعوين من خلال تعليم ورسالة يسوع في أورشليم، الّذي يوحي بأنّه كمعلم كما يبدو بسياق هذا المقطع، يريد أنّ يوجه تعلميه هذا مخاطبًا بشكل رئيسي قادة الشعب. ومع ذلك، علينا بالّا نتجاهل دعوة يسوع فهو الابن بالطبيعة والمطيع لطلب الله الآب بخلاص إخوته وهو نحن البشريين. يرغب الإنجيلي، الّذي يُخاطب مجتمعه، وقرائه الـمُتمثلين في كلّ واحد منا اليّوم، أن نتبع الابن بالطبيعة يسوع في حبه للآب من خلال تمييز ما هو صالح وخيّر، فهو الّذي يتقدمنا نحو الملكوت وعلينا أن نتبعه.


الطريق مستقيم أم ...؟ (حز 18: 24- 28)



النبي حزقيال هو أحد الأنبياء الكبار الأربعة (اش، ار، دا)، الّذين برسائلهم النبويّة نجحوا في توصيل كلمات الرّبّ في الزمن الّذي عاش فيه الشعب أوقات الأزمة بالسبي وأوقات النعمة بالتحرير والجلاء. رسالته اليّوم تحمل نور جديد يشرق على واقعنا بنور إلهي جديد بالرغم من اللأمانة البشريّة وإستمرار الأمانة الإلهيّة بنداء الرّبّ القائل: «إِنبِذوا عنكم جَميعَ مَعاصيكمُ الَّتي عَصَيتُم بِها [...] فلِماذا تَموتونَ، يا بَيتَ إِسْرائيل؟ فإِنَّه لَيسَ هَوايَ في مَوتِ مَن يَموت" [...] فارجِعوا واحيَوا» (حز 18: 31- 32). من خلال أفعال الأمر الثلاث الّذي يختم النبي رسالته النبويّة يمكننا على ضوئهم أن نقرأ مغزاه الّلاهوتي اليّوم. فالرّبّ يفسر الفرق بين طريقه المستقيم وطريق الإنسان المعوج. سبب إستقامة الطريق الإلهي هو أمانته للبشر. وهنا يختلف الإنسان عنه إذ يختار طرق خاطئة بسبب عدم إستقامته أيّ إنه لا يتحلى بالأمانة في العلاقة بالرّبّ.



ففي التساؤل الّذي يطرحه النبي في مستهل هذا النص قائلاً: «إِذا ارتَدَّ البارُّ عن بِرِّه وصَنَعَ الإِثمَ وعَمِلَ مِثلَ كُلِّ القَبائِحِ الَّتي يَعمَلُها الشَرير، أفيَحْيا؟» (حز 18: 24). يعطي النبي إجابته على لسان الرّبّ الّتي تحمل مقارنة بين الطريق المستقيم وهو طريق الرّبّ لأبناء الشعب الّذي ينتمي إليه بدافع أمانته للعهد المقطوع معه من جانب وبين طريق الإنسان، حينما يخطأ، وهو غير مستقيم مما يجعل افراد شعبه خطأة بدلاً من أنّ يصيروا أبراراً باتباع الطريق المستقيم. يتوقف هذا القرار على الحرية البشريّة، فالرّبّ يتميز بأنه لا يجبرنا على الإيمان به ولا على الأمانة للعهد المقطوع معه. لكن برسالته اليّوم من خلال حزقيال ينبهنا بأنه لازال ينتظرنا أن نختاره بكامل حريتنا ونختار الطريق المستقيم الّذي يشير به علينا. ففي هذا الوقت ما علينا إلّا بالتحلي بنعمة التمييز للطريق المستقيم الّذي يجعلنا نسلك في طريق الرّبّ كأبناء يتحلون بالأمانة البنويّة والسبب هو العلاقة مع الله الآب. هذا ما يشير علينا به بوضوح متّى في المثل الّذي يلقيه علينا يسوع المعلم موضحًا الفرق بين الابنين اللّذان إختارا كلاً منهما طريق مختلف لرده على ابيهما ومع ذلك هناك من يتظاهر بالأمانة ولكننا سنكتشف إنها مزيفة لأنها لا تتناسب مع عمله. وهناك من يتظاهر بالعكس ومن عمله نكتشف العكس!
 
قديم 13 - 05 - 2024, 12:49 PM   رقم المشاركة : ( 160292 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,223,289

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




المزيف والحقيقي (مت 21: 28 – 32)



قد نعتقد للوهلة الأوّلى أنّ هذا المقطع الإنجيلي ربما يكون شبه بسيط وخالي من التعليم اللّاهوتي، إذا لا نرى بوضوح جوهر الرسالة المتّاويّة القادرة على إلقاء الضوء قلب النص. يسرد الإنجيلي هذا المثل بناء على تساؤل الفريسيين ليسوع، بينما كان بالهيكل. كعادته أجاب على تساؤلهم بتساؤل آخر وأعلنوا عدم معرفتهم. فيأتي حاملاً النور وبتعليمه من خلال المثل يقود المعلمين المتحفظين بالشريعة من خلال هذا المثل. فهو يتقدمهم في العلاقة بالله الآب ويكشف عنه لهم. متى أرادوا أن يسلكوا في الطريق المستقيم، توقفوا عن ريائهم والحياة المزيفة وإنتموا أكثر إنتماء لله كأبناء وليس كحافظي الشريعة فيتمكن كلاً منهم أن يتقدم ذاته وليس الآخر ويصير متقدمًا في العلاقة بالآب اليوم أكثر من الأمس حينما يجد إجابة إذ عَمِلَ بِمَشيئَةِ أَبيه؟ أم لا (راج مت 21: 30)، فهناك الملكوت الحقيقي (راج مت 21: 31). يبدأ يسوع بمشاركة سائليه: «ما رَأيُكم؟» (مت 21: 28) ويفسر لهم هذا المثل مؤكداً لهم من خلال قوله: «الحَقَّ أَقولُ لكم: إِنَّ الجُباةَ والبَغايا يَتَقَدَّمونَكم إِلى مَلَكوتِ الله. فَقَد جاءَكُم يوحَنَّا سالِكاً طريقَ البِرّ، فلَم تُؤمِنوا بِه، وأَمَّا العشَّارونَ والبَغايا فآمَنوا بِه. وأَنتُم رَأَيتُم ذلك، فلَم تَندَموا آخِرَ الأَمرِ فتُؤمِنوا بِه» (مت 21: 31- 32).



سرّ تقدمّ هؤلاء الخطأة سابقًا، مطوبين لاحقًا هو الإيمان. إذن قبول العشار والزانيّة رسالة المعمدان التبشريّة وتوبتهم الحقيقيّة بما يتناسب مع إرادة الله. جعلهم يتخلوا نهائيًأ عن الطريق المزيف والخاطئ ليؤهلوا بذلك للملكوت ويصيروا السابقين لنا نحن الّذين نعتقد إننا مؤمنين بالرّبّ. الإيمان وحدة لا يكفي بل التوبة وتغيرر الفكر والقلب بشكل يومي هما الوسائل الّتي تجعل الإنسان يتقدم نحو الملكوت وبهذا يُتممّ مشئية الله.



 
قديم 13 - 05 - 2024, 12:54 PM   رقم المشاركة : ( 160293 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,223,289

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




تقدّم الجباة والبغايا! (مت 21: 28- 32)



جوهر المقطع الإنجيلي، كما نوهنا سابقًا هو قول يسوع: «إِنَّ الجُباةَ والبَغايا يَتَقَدَّمونَكم إِلى مَلَكوتِ الله» (مت 21: 31). لا يمكننا فهم أهميّة هذه الجملة إلا إذا حاولنا استعادة معنى أقوى لتعبير "المضي قدمًا" الذي نجده في اللغة العربية. في الواقع، يمكن أن يعني الفعل اليوناني proago يعني أيضًا "يقود" و "يرشد" وليس فقط "يتقدم". هذا الفعل المستخدم في اللغة اليونانية، هو بشكل ملحوظ نفس الفعل الذي نجد أن متّى الإنجيلي يستخدمه عند الحديث عن النجم الذي يتقدم المجوس للوصول إلى بيت لحم الواضح في قوله: «وإِذا الَّنجْمُ الَّذي رأَوهُ في المَشرِقِ يَتَقَدَّمُهم حتَّى بَلَغَ المَكانَ الَّذي فيه الطِّفلُ فوَقفَ فَوقَه» (مت 2: 9). تمُّكن المجوس من الوصول إلى بيت لحم قد تمّ بحسب اللّاهوت المتاوي بسبب تبعيتهم للنجم الّذي يتقدمهم؛ ومن خلال هذه العلامة أتوا للسجود للملك المولود. ومع ذلك، نكتشف في مقطع إنجيل اليّوم أنّ العلامة الّتي يمكن أنّ تقودنا تساعدنا لنكون مؤمنين حقيقيين بالله. حينما نترك ذاواتنا لنعيش بمنطق ملكوته الّذي يكمن في " الجُباةَ والبَغايا" أيّ العشارين والعاهرات بتعبيرات بسيطة. فيصيرون هؤلاء المرفوضين في مجتماعاتنا وأخلاقياتنا كالنجوم الّتي تتقدمنا نحو الملكوت. بالنسبة للمجوس، فإنّ هؤلاء الممثلين عن المذنبين العامين والمستبعدين من كل زمان ومكان وثقافة أشار إليهم يسوع كعلامة موضوعة أمام أعين المؤمن حتى لا ينسى أين باب الملكوت الإلهيّ الّذي يحافظ حقيقة على مفاتيح الملكوت الّتي تؤهلنا لدخوله.



من المؤكد أن يسوع لا يقلل من شأن مأساة الحالة الإنسانية والاجتماعية والدينية التي يجدون أنفسهم في حالة الإذلال والتهميش والعبودية. يشير إلى هذه الفئات من الناس في عصره "كمتقدمين" أي مرشدين وقادة لأنهم يصيروا علامات حاضرة بشكل دائم. وفي ذات الوقت يصيرون حجر عثرة، بالنسبة للمؤمن لتذكيره بمجانيّة النعمة الّتي تميلّ إلى الاعتقاد بأنه اكتسبها بقوته الخاصة و قد له من القدرة على إمتلاكها وفي هذا إعتقاد خاطئ. في عصرنا الحادي والعشرون، يكشف لنا العشارون والعاهرات مَن هم الفقراء، البائسيين، الودعاء، الجائعين والعطشى للعدالة، الرحماء، الطاهرين القلب، صانعي السلام، المضطهدين ... إلخ (راج مت 5: 3-11) في العظة الأوّلى الّتي من على الجبل التطويبات دعاهم يسوع "طوباويين". فهم المباركي ، لإنهم "متقدمينا"، و"قادتنا"، و"مرشدينا" نحو الملكوت. ليس لأنّ أسلوب حياتهم صالح وطيب، ولكن لأنهم مقارنة برفض الابن بقوله "لا" الحالي، يمكنهم إنقاذ الإنسان الّذي يقع في فخ الإيمان المزيف، والإنسانة الّتي تقع في إعتقادها بالحياة الحقة لأنهم أعلنوا كلمة أوّلية بقولهم السطحي "نعم". وهذا ما يشير إليه الإنجيلي مباشرة بقوله في حوار الاب مع ابنه: «"ها إِنِّي ذاهبٌ يا سيِّد!" ولكنَّه لم يَذهَبْ» (مت 21: 29-30). ذلك الإنكار الفعلي للإنجيل يخفي البشارة بيسوع كرّبّ في مجتمعاتهم.

 
قديم 13 - 05 - 2024, 12:55 PM   رقم المشاركة : ( 160294 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,223,289

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




تذكر قيمة الآخر (مت 21: 28-32)



الجُباة والبغايا هم أشخاص آخرون، مختلفون ويعيشون في ذات المجتمع الّذي نحيا فيه، قد يخيفوننا نحن المتدينين والمترددين على الكنائس! لكن في الكتاب المقدس العبري (العهد الأوّل)، هناك أمر أساسي لا نفكر فيه كثيرًا ويمكن أن يساعدنا في فهم لّاهوت هذا النص وهو "قيمة الآخر" الّذي بجوارنا في ذات المجتمع. هنك عبارة تتكرر لخمس مرات في سفر التثنية: «اذكُرْ أَنَّكَ كنتَ عَبْدًا في أَرضِ مِصر» (تث 5 :15 ؛ 15: 15 ؛ 16: 12 ؛ 24: 18 ؛ 24: 22). العشارين والبغايا، في مقطع إنجيل اليوم، يذكروننا اليّوم وفي جميع الأوقات بأننا غرباء مثل آبائنا في مصر. نحن أيضًا نعيش في بلاد غريبة وعلينا بالعودة إلى أرضنا الّتي أعدّها الله لنا والّتي منحنا إياها كنعمة. العشارون والبغايا هم الآخرون الّذين يسمحون لنا اليّوم بتذكر المنطق الإنجيلي للتطويبات، ضد أي إغراء للشعور بالراحة والوصول إلى الله بقدرتنا بل بالتوبة إليه وبالإنتماء لأبوته.



 
قديم 13 - 05 - 2024, 12:56 PM   رقم المشاركة : ( 160295 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,223,289

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




كيف للخاطئ أن يتقدمني أنا البارّ؟ هذا الفكر هو إعتقاد خاطئ فبدلاً من إذانة الآخر والتمركز على أخطاء الآخر،مدعوين اليّوم أن ندخل في منطق الله الآب الّذي يدعونا من خلال نبؤة حزقيال بأن نسلك الطريق المستقيم. ثم من خلال المثل لدى متّى أنّ نتسامى ونبدأ في تقدير الآخر والتعرف على تقدمه في التوبة مما يدفع كلاً منا ليصير أكثر توبة وأكثر إنتماءً لله ببنوة حقة متجهًا نحو العمل في الكرم الإلهي ليس مجبراً بل طائعًا بحريّة. مسيرة التقدمّ سنبدأ فيها متمثلين بالنجم ومتى نظرنا لمَن حولنا ليس للإدانة بل للتعلم منهم فيصيروا يتقدمونا كـ"النجوم" حولنا والّتي ترشدنا في طريقنا نحو الملكوت،فهم يذكروننا بأننا لسنا مَن نصعد إلى الملكوت أو نبني ملكوت الله بفضائلنا وأعمالنا، لكنهم يعلنون لنا أنّ الله أعطانا ذاته بالنعمة وأنّ ما يهم حقًا هو قبولهم في حياتنا كمرشدين لنا. الآخر والمختلف، "العشار" و "الخاطئة" اليّوم، ما زالا مرشدينا نحو الملكوت، فيصيروا نجومنا، إذا نجحنا في التعرّف عليهم! من خلال مسيرة التقدم يمكنني أن أختتم هذا المقال بنموذج المسيح. صار يسوع ذاته نموذجًا للأمانة لله وللإنسان. لم تكن كلمة "نعم" التي قالها يسوع "نعم" أولية، لكنها حملت إلى عواقبها النهائية في إفراغ الذات. ومن خلال قيادته بهذا التعليم للفريسيين والمتنافسين معه صار متقدمًا لقرب علاقته بالله الآب عن أيّ آخر. فلنسعى بالتقدم ونصير أفضل من الأمس ونتقدم على ذواتنا بالتوبة وبالإنتماء لله الآب، كأبناء يطبقوا ما يعلنوه من طاعة للآب ويسيروا بهذا النهج نحو الملكوت. أحد مبارك أيّها القراء الأفاضل دُمتم في مسيرة تقدّم نحو الملكوت وإنتصار على الذات.
 
قديم 13 - 05 - 2024, 12:59 PM   رقم المشاركة : ( 160296 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,223,289

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



"ساعات العمل ومستحقاتي!" بين كاتبي نبؤة اشعيا والإنجيل الأوّل





القراء الأفاضل، في هذا الأسبوع سنتوقف أمام مضمون كتابي حيوي يناقش الكثير من الأوضاع الإقتصادية والأزمة المالية الّتي يعاني منها كافة الشعوب. قد يكون بسبب الحرب، أو الفساد السياسي أو لعدم إعطاء الحقوق للمواطنين كمايجب. في قرأتنا الكتابيّة لهذا الأسبوع سنتوقف أما مقطع بالعهد الأوّل من نبؤة اشعيا وهو الّذي يحمل رسالة نبويّة ذات إعلان إلهي قوي إذ تكشف عن المسافة بين طريقة تفكير الله ومنطقه الغريب وطريقة تفكيرنا البشريّة المنحصرة على الّذات. أما بالنسبة للنص المختار من العهد الثاني بحسب إنجيل متّى (20: 1-16) نجد المقطع اّلذي يُقتبس عن مثل العمال المدعوين للعمل في الكرم في ساعات مختلفة من اليّوم. خيث سيتجه الإنجيليّ بتوجيه رسالة جديدة للتحرر من فكر شرير وهو حسد الآخر. نهدف من خلال هذا المقال أن نتبع فكر وطريقة الله أيّ صاحب الكرم الّذي يحوي في سلوكه منطق وفكر الملكوت.



1. السمو الإلهي (اش 55: 6- 9)



بحسب النص الإشعيائي القليل في الآيات والّذي يحوي رسالة قوية لنا اليّوم، إذّ يدعونا فيها النبي إلى إلتماس الرّبّ الّذي يترك ذاته حاضرًا لأجلنا ومستعد دائما للعودة إلينا ليغفر هفوتنا وخطايانا. يوضح النبي في رسالته بأنّ عودة الإنسان إلى الرّب الرحيم أساسها هو رحمة الله بالإنسان. فهو العظيم في غفرانه، يمكن للإنسان المحدود أنّ يقترب منه بثقة، بالرغم من عظمته الإلهيّة. أمام هذا الإنتظار الإلهي علينا أنّ نتسامى بحسب قول النبي على لسان الرّبّ: «كما تَعْلو السَّمواتُ عنِ الأَرض كذلك طُرُقي تَعْلو عن طُرُقِكم وأَفْكاري عن أَفْكارِكم» (اش 55: 9). هذا هو الجديد في رسالة النبي، يكشف لنا بأن طرق وأفكار الله، تتسم بالسمو فهو يفوق أفكارنا وطرقنا البشريّة. لذا يدعونا النبي مُحذرًا إيانَّا بأنّه إذا تبع الله طرقنا وأفكارنا، فلا مجال لرحمته إذ نحرم ذاوتنا من سموه ونتمسك بأفكارنا وطرقنا وبرامجنا الّتي نخططها لذواتنا ونحتار أنّ ننفصل عن الله أو بالأحرى أنّ يندمج بعظمته في طرقنا وأفكارنا وبهذا أيضًا نخطأ إذّ نبقى على مسافة منه. ولكن، كما يقول إشعيا: "أفكاره ليست أفكارنا وطرقه ليست طرقنا. يساعدنا هذا اللّاهوت النبوي باستخلاص رسالة تعيننا اليّوم على البحث عن إجابة تساؤلنا: "هل أسلك كمؤمن/ة اليّوم بحسب طرق وأفكار الرّبّ أم العكس؟" فكما أشار النبي أنّ هناك مسافة كبيرة بين الأفكار والطرق الإلهيّيين وبين البشريّين كإرتفاع السماء عن الأرض، ليشير أنّ الله-الخالق لا يتوازي مع الإنسان-المخلوق!



ثمّ يثير النبي موضوع الرحمة والعفو الإلهيّين محذراً بصيغة الأمر: «لِيَترُكِ الشِّرِّيرُ طَريقَه والأَثيمُ أَفْكارَه ولْيَرجِعْ إِلى الرَّبِّ فيَرحَمَه وإِلى إِلهِنا فإِنَّه يُكثِرُ العَفْوَ» (اش 55: 8). من جديد تتألق الرحمة الإلهيّة والّتي تعتمد على ترك الإنسان لطرقه والعودة للرّبّ. فكما أن الرّبّ ينتظر الإنسان هكذا على الإنسان أنّ يتجاوب معه بالعدول عن الطرق الّتي لا تتناسب مع الفكر والطريق الإلهيين.





2. اللاعدالة الإلهيّة! (مت 20: 1-16)



على ضوء رسالة النبي اشعيا وما كشفه من طرق وأفكار ساميّة تنتمي للرّبّ الّذي يقدم الغفران بحسب عدله، إلّا إننا حينما نقرأ لأوّل وهلّة مثل يسوع بحسب إنجيل متّى (20: 1- 16)، تُذهلنا كقراء مؤمنين نهايّة المثل الّذي يؤكد إلى ظلم ولا عدالة صاحب الكرم وهو الّذي يُرمز به عن الرّبّ. صاحب الكرم يمنح أجر مَن قام بعمل لساعة واحدة بنفس الأجر لـمَن قام بعمل لساعات متعددة! هل هذا يُعقل؟ هل صاحب العمل يشير إلى صورة الله؟ وهذا بالفعل ما نُعانيه نحن اليّوم، الظلم واللاعدالة. بالأخص في العمل، من جانب أرباب العمل الـمُتجبرين والفاسدين! هذا كله، مع الأسف، ينتمي لأفكار البشر وليس للفكر الإلهي. لذا أدعوكم أيّها القراء الأفاضل، بالتحليّ بفضيلة الترويّ، وعدم النظر لله العظيم صاحب الطرق والأفكار الرحيمة والخلاصيّة كصاحب العمل الظالم. ولا ينبغي أن نُطبق فكرنا البشري على أرباب العمل ونلصقها بالرّبّ العظيم فهو إلهنا ونحن خلائقه. سنتعرف على حقيقة الرّبّ بشكل تدريجي من خلال قرائتنا للَثَل يسوع المعلّم برؤية جديدة.





3. غيرة رّبّ العمل على البشريّة (مت 20: 1-2)



على ضوء إختلاف الأفكار والطرق البشريّة عن الإلهيّة الّتي أشار إليها اشعيا في رسالته النبويّة، سنتابع قراءتنا للمَثَل الّذي رواه الإنجيلي على لسان يسوع مفتتحًا إياه بقوله: «فَمَثلُ مَلكوتِ السَّمَوات كَمَثلِ رَبِّ بَيتٍ خَرَجَ عِندَ الفَجرِ لِيَستأجِرَ عَمَلةً لِكَرمِه» (مت 20: 1). قبل كل شيء هو مثل عن "الملكوت". أيّ إنّه أحد تلك الأمثال الّتي بحسب إنجيل متّى حيث يُقارن ملكوت الله بعمل بشري "يشبه ملكوت السموات…". هذا الجانب يخبرنا بالفعل عن المنظور الجوهري الّذي يتوجب علينا إتباعه لقراءة هذا المثل، فهو إعلان جديد عن ملكوت الله. يريد الإنجيلي أنّ يفسر لنا كيف يأتي الرّبّ ويدخل في علاقة معنا، كاشفًا عن طريقته في الخروج المستمر في تاريخنا البشري. هذا المنظور يحررنا من القراءة الأخلاقية للنصّ الكتابي فهو ليس نصًا يدعونا فقط إلى التصرف بشكل أخلاقي تجاه إخواننا من البشر وليس مجرد مسألة تحذيريّة من حسد الإنسان للآخر، بقدر إنّه إعلان عن الله وعن أفكاره وطرقه كيف يؤمن الرّبّ حياة كريمة لخلائقه بحسب دعوته للعمل (راج تك 3) ويدخل في حياتهم للعيش بحياة أفضل. الملكوت قريب منّا فهو داخل حياتنا البشريّة وليس ببعيد! ينطلق رّبّ العمل برّوح الغيرة الّتي تحمل العمل والصلاح للبطاليّن (أنا وأنت)، الّذين يُعانون من اللاعمل.



هذا المثَل الّذي وضعه متّى الإنجيلي على لسان يسوع، في حقيقته بسيط إلّا إنه يحمل مفهوم لّاهوتي عميق. بعد أن أشار في المقدمة أنّ هذا المثل هو ما يشبه حقيقة الملكوت الأبدي يمكننا التمتع به من خلال حياتنا الأرضية. يستمر يسوع في رواية المَثَل مشيراً بأنّ هناك رّبّ العمل الـمعرَّوف بأنّه مالك الأرض، وهو تعبير يتكرر سبع مرات في إنجيل متّى. ونجده على وجه الخصوص في خطبة الأمثال (راج مت 13 :27)، وهو أيضًا مثل آخر عن الملكوت. أيضًا في مثل الكرم يكون المالك هو الله نفسه، وتعمل رواية المثل على وصف طريقة تصرفه. صاحب الكرم، في مثلنا لديه كرم فائق الطبيعة وهو بذاته يخرج في ساعات مختلفة داعيًا عمالاً للعمل اليّومي لديّه. الكرم في الكتاب المقدس يشير إلى إسرائيل (راج أش 5: 7). لذلك، ليس إسرائيل هو موضع التساؤل في هذا المثل، كما سنكتشف أنّ النتيجة النهائية: «هَكذا يَصيرُ الآخِرونَ أَوَّلين والأَوَّلونَ آخِرين» (مت 20 :16) ومستقبلاً سينطبق هذا على إسرائيل، كشعب الله ثمّ الكنيسة وعلاقتها بالله. ثم يروي الإنجيلي بأنّ قرار المالك بالخروج من كرمه باحثًا عم عمال لكرمه سيتم في أوقات مختلفة من اليّوم داعيًا دائمًا العمال الجُدد إلى كرمه بذات الصيغة: «اِذهَبوا أَنتُم أَيضاً إِلى كَرْمي، وسَأُعطيكُم ما كانَ عَدْلاً» (مت 20: 4. 5. 6. 7). خرج صاحب الكرم، عند الفجر، ثمّ في التاسعة صباحًا، وعند الظهر، وعند الثالثة عصرًا وأخيراً في الساعة الخامسة، فهو بذاته يخرج ويدعو العمال للعمل في كرمه. يدهشنا رّبّ العمل هذا فهو دائمًا في حالة تنقل، فهو لا يرتاح طوال اليّوم إلّا إذا وجد عمالاً جدداً لكرمه ولا يمكنه تحمل استبعاد شخص ما بطالاً دون عمل بالساحة ينتظر مَن يطلبه للعمل، فهولاء ما يُطلق عليهم "عمال اليوميّة" بالمجتمعات الشرقيّة. ثم يحاورهم قائلاً: «لِماذا قُمتُم هَهُنا طَوالَ النَّهارِ بَطَّالين؟» (مت 20: 6). يرتكز متّى على سلوك صاحب الكرم وبحثه عن عمل يومي لعمال بطاليّن متواجدين بالساحة ينتظرون مَن يطلبهم للعمل متفقًا مع كلاً منهم على حدى على دينار كأجرة.





4. ساعات العمل ومستحقاتي! (مت 20: 9-15)



بعد قبول العمال البطاليّن للعمل في كرم المالك، وبعد إنتهائهم عملهم في ساعات مختلفة من اليّوم. يفاجئنا الإنجيلي بأنّه حينما حان المساء، حان أيضًا وقت دفع الأجر اليومي! إلّا أنّ صاحب الكرم يقلب الموازيين ويعكس ما كان يتوقعه عمال الساعات الأوّلى، فقد أعطى رّبّ الكرم جميع العمال دينارًا دون تمييز! وهو الأجر الّذي إتفق عليه مع العمال الأوائل. بالتأكيد سلوك غريب وليس مناسبًا أو عادلاً بحسب المنطق البشري. علينا أن نتذكر إنّه مِن حق صاحب الكرم تمامًا تحديد أجر عماله بحسب حريته. إلّا أنّ وراء سلوكه المُدهش للغاية والُمربك أيضًا فكر وطريقة جديدة فهو لا يتبع ذات الفكر الّذي يتبعه أصحاب الكروم لينالوا الكثير من الفائدة والربح من الكرم. هذا السلوك الغريب يثير شكوى عمال الساعة الأوّلى القائلين: «هؤُلاءِ الَّذينَ أَتَوا اخِراً لم يَعمَلوا غَيرَ ساعةٍ واحدة، فساوَيتَهم بِنا نحنُ الَّذينَ احتَمَلْنا ثِقَلَ النَّهارِ وَحَرَّه الشَّديد» (مت 20: 12). فكما تأملنا أفكار الله وطرقه بحسب اشعيا نجدها تتجسد في فكر صاحب الكرم عند إعطائه أجر عماله، إذ لا يتوافق مع فكر العمال البشريين.





5. منطق الملكوت (مت 20: 16)




بعد أنّ عَيَرَ العمال الأوائل عن أفكارهم ومنطقهم البشري، نُفاجأ باجابة صاحب الكرم الّذي تبع فكره الجديد والّذي يكمن فيه ذروة تعليم يسوع بـمَثَله وغايته. لا يريد المـَثل أن يلفت الانتباه إلى العمال المتذمرين، بل إلى السلوك المنعكس لرّبّ العمل الّذي يكشف عن سلوك الله تجاهنا وطريقة تفكيره فينا نحن العمال البطاليّن. نحن، ذوي النظرة المحدودة والمنغلقة نميلُ إلى مستحقاتنا وأجرنا، يتم الدفع لنا في الأعمال المختلفة الّتي نقوم بها على أساس خدماتنا وساعات العمل الّتي أتممّناها. الدفع بالساعة، أو بالوزن ... إلخ، إلّا أن المفاجأة هي أنّ الله لا يفكر بطريقتنا. لا يتبع المنطق البشري، بل يفوقه بسخائه لذا نسمعه مؤكداً أفكاره قائلاً: «يا صَديقي، ما ظَلَمتُكَ، أَلم تَتَّفِقْ مَعي على دينار؟ خُذْ ما لَكَ وَانصَرِفْ. فَهذا الَّذي أَتى آخِراً أُريدُ أَن أُعطِيَهُ مِثلَك: أَلا يَجوزُ لي أَن أَتصرَّفَ بِمالي كما أَشاء؟ أَم عَينُكَ حَسودٌ لأَنِّي كريم؟» (مت 20: 13-15). هذا هو منطق ملكوت الله إنه ملكوت لا يُدفع أجر المرء بالساعة، لكن كل شيء يُعطى وفقًا لصلاح الله وبسخاء وبدون أيّ إستحقاق منّا. الرّبّ هو الّذي يمنحنا بفيض نعمته وليس بحساباتنا وطرقنا. لكننا نحن البشر المنغلقين على طرقنا وأفكارنا الّتي تتسم بالأنانيّة، نجد صعوبة في قبول أسلوب الله هذا وجعله خاصًا بنا، وقدّ نقع في خطيئة "حسد الآخر" والسبب هو سخاء الرّبّ معه. علينا أن نتنبه ونقرأ بواقعية كلمة الله الّتي تنير حياتنا لتحررنا من طرقنا وأفكارنا بل تدفعنا لمعرفة الله بشكل زائف وليس بحسب حقيقته الصالحة!





الخلّاصة



القراء الأفاضل تتبعنا رسالة اشعيا النبويّة (55: 6-9) الّتي كشفت عن إستنارتنا في توضيح الإختلاف بين أفكار وطرق الرّبّ عن أفكارنا وطرقنا. وبحسب متّى توقفنا على مثل رّبّ الكرم الّذي يشبه رّبّ الملكوت في سلوكه. وإذ تسألنا عن حقيقة الأولوّن والأخرون؟ فليس هذا ما يرغب الإنجيلي أن يكشفه لنا من خلال الَمثَل. يرغب يسوع من خلال المثل بحسب متّى (20: 1-16) أنّ نكتشف أفكار الله وبُعدها عن أفكارنا نحن البشر. بل ويدعونا للتحرر من كل ما يقيدنا لنندمج في فكر وطرف الرّبّ. فلنحذر نحن المؤمنين الّذين نتردد بشكل مستمر لممارسة الأسرار المقدسة والعمل الخدمي فقد نفتقد أن نقبل طرق الله وأفكاره الّتي بها خيرنا وبدون أي إستحقاق منا. وأخيرًا أولئك الذين لا يقبلون "نظام القصاص" لملكوت الله الّذي لا يعمل بالساعة، بل معياره الوحيد هو سخاء وصلاح الله. إذن لسنا نحن ولا مستحقاتنا ولا حتى ساعات عملنا لها الأهميّة بقدر ما مدعوين أيّها القراء الأفاضل للتعرف بقبول النعم الإلهيّة، حتى لو تمّ دعوتنا كعمال باطلين في الساعة الأوّلى أو حتى في الساعة الأخيرة. الأجر الله، في حقيقة الأمر، ليس أجرًا لعملنا، ولكنه مقياس رحمته الله الآب. دُمتم عاملين في كرم الرّبّ في كلّ ساعة ليس طمعًا في الأجر بل حبًا في العلاقة بالرّبّ والعمل في كرمه الإلهي الّذي هو الملكوت.

 
قديم 13 - 05 - 2024, 01:00 PM   رقم المشاركة : ( 160297 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,223,289

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




"ساعات العمل ومستحقاتي!" بين كاتبي نبؤة اشعيا والإنجيل الأوّل





القراء الأفاضل، في هذا الأسبوع سنتوقف أمام مضمون كتابي حيوي يناقش الكثير من الأوضاع الإقتصادية والأزمة المالية الّتي يعاني منها كافة الشعوب. قد يكون بسبب الحرب، أو الفساد السياسي أو لعدم إعطاء الحقوق للمواطنين كمايجب. في قرأتنا الكتابيّة لهذا الأسبوع سنتوقف أما مقطع بالعهد الأوّل من نبؤة اشعيا وهو الّذي يحمل رسالة نبويّة ذات إعلان إلهي قوي إذ تكشف عن المسافة بين طريقة تفكير الله ومنطقه الغريب وطريقة تفكيرنا البشريّة المنحصرة على الّذات. أما بالنسبة للنص المختار من العهد الثاني بحسب إنجيل متّى (20: 1-16) نجد المقطع اّلذي يُقتبس عن مثل العمال المدعوين للعمل في الكرم في ساعات مختلفة من اليّوم. خيث سيتجه الإنجيليّ بتوجيه رسالة جديدة للتحرر من فكر شرير وهو حسد الآخر. نهدف من خلال هذا المقال أن نتبع فكر وطريقة الله أيّ صاحب الكرم الّذي يحوي في سلوكه منطق وفكر الملكوت.



1. السمو الإلهي (اش 55: 6- 9)



بحسب النص الإشعيائي القليل في الآيات والّذي يحوي رسالة قوية لنا اليّوم، إذّ يدعونا فيها النبي إلى إلتماس الرّبّ الّذي يترك ذاته حاضرًا لأجلنا ومستعد دائما للعودة إلينا ليغفر هفوتنا وخطايانا. يوضح النبي في رسالته بأنّ عودة الإنسان إلى الرّب الرحيم أساسها هو رحمة الله بالإنسان. فهو العظيم في غفرانه، يمكن للإنسان المحدود أنّ يقترب منه بثقة، بالرغم من عظمته الإلهيّة. أمام هذا الإنتظار الإلهي علينا أنّ نتسامى بحسب قول النبي على لسان الرّبّ: «كما تَعْلو السَّمواتُ عنِ الأَرض كذلك طُرُقي تَعْلو عن طُرُقِكم وأَفْكاري عن أَفْكارِكم» (اش 55: 9). هذا هو الجديد في رسالة النبي، يكشف لنا بأن طرق وأفكار الله، تتسم بالسمو فهو يفوق أفكارنا وطرقنا البشريّة. لذا يدعونا النبي مُحذرًا إيانَّا بأنّه إذا تبع الله طرقنا وأفكارنا، فلا مجال لرحمته إذ نحرم ذاوتنا من سموه ونتمسك بأفكارنا وطرقنا وبرامجنا الّتي نخططها لذواتنا ونحتار أنّ ننفصل عن الله أو بالأحرى أنّ يندمج بعظمته في طرقنا وأفكارنا وبهذا أيضًا نخطأ إذّ نبقى على مسافة منه. ولكن، كما يقول إشعيا: "أفكاره ليست أفكارنا وطرقه ليست طرقنا. يساعدنا هذا اللّاهوت النبوي باستخلاص رسالة تعيننا اليّوم على البحث عن إجابة تساؤلنا: "هل أسلك كمؤمن/ة اليّوم بحسب طرق وأفكار الرّبّ أم العكس؟" فكما أشار النبي أنّ هناك مسافة كبيرة بين الأفكار والطرق الإلهيّيين وبين البشريّين كإرتفاع السماء عن الأرض، ليشير أنّ الله-الخالق لا يتوازي مع الإنسان-المخلوق!



ثمّ يثير النبي موضوع الرحمة والعفو الإلهيّين محذراً بصيغة الأمر: «لِيَترُكِ الشِّرِّيرُ طَريقَه والأَثيمُ أَفْكارَه ولْيَرجِعْ إِلى الرَّبِّ فيَرحَمَه وإِلى إِلهِنا فإِنَّه يُكثِرُ العَفْوَ» (اش 55: 8). من جديد تتألق الرحمة الإلهيّة والّتي تعتمد على ترك الإنسان لطرقه والعودة للرّبّ. فكما أن الرّبّ ينتظر الإنسان هكذا على الإنسان أنّ يتجاوب معه بالعدول عن الطرق الّتي لا تتناسب مع الفكر والطريق الإلهيين.
 
قديم 13 - 05 - 2024, 01:04 PM   رقم المشاركة : ( 160298 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,223,289

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




اللاعدالة الإلهيّة! (مت 20: 1-16)



على ضوء رسالة النبي اشعيا وما كشفه من طرق وأفكار ساميّة تنتمي للرّبّ الّذي يقدم الغفران بحسب عدله، إلّا إننا حينما نقرأ لأوّل وهلّة مثل يسوع بحسب إنجيل متّى (20: 1- 16)، تُذهلنا كقراء مؤمنين نهايّة المثل الّذي يؤكد إلى ظلم ولا عدالة صاحب الكرم وهو الّذي يُرمز به عن الرّبّ. صاحب الكرم يمنح أجر مَن قام بعمل لساعة واحدة بنفس الأجر لـمَن قام بعمل لساعات متعددة! هل هذا يُعقل؟ هل صاحب العمل يشير إلى صورة الله؟ وهذا بالفعل ما نُعانيه نحن اليّوم، الظلم واللاعدالة. بالأخص في العمل، من جانب أرباب العمل الـمُتجبرين والفاسدين! هذا كله، مع الأسف، ينتمي لأفكار البشر وليس للفكر الإلهي. لذا أدعوكم أيّها القراء الأفاضل، بالتحليّ بفضيلة الترويّ، وعدم النظر لله العظيم صاحب الطرق والأفكار الرحيمة والخلاصيّة كصاحب العمل الظالم. ولا ينبغي أن نُطبق فكرنا البشري على أرباب العمل ونلصقها بالرّبّ العظيم فهو إلهنا ونحن خلائقه. سنتعرف على حقيقة الرّبّ بشكل تدريجي من خلال قرائتنا للَثَل يسوع المعلّم برؤية جديدة.


 
قديم 13 - 05 - 2024, 01:04 PM   رقم المشاركة : ( 160299 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,223,289

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




غيرة رّبّ العمل على البشريّة (مت 20: 1-2)



على ضوء إختلاف الأفكار والطرق البشريّة عن الإلهيّة الّتي أشار إليها اشعيا في رسالته النبويّة، سنتابع قراءتنا للمَثَل الّذي رواه الإنجيلي على لسان يسوع مفتتحًا إياه بقوله: «فَمَثلُ مَلكوتِ السَّمَوات كَمَثلِ رَبِّ بَيتٍ خَرَجَ عِندَ الفَجرِ لِيَستأجِرَ عَمَلةً لِكَرمِه» (مت 20: 1). قبل كل شيء هو مثل عن "الملكوت". أيّ إنّه أحد تلك الأمثال الّتي بحسب إنجيل متّى حيث يُقارن ملكوت الله بعمل بشري "يشبه ملكوت السموات…". هذا الجانب يخبرنا بالفعل عن المنظور الجوهري الّذي يتوجب علينا إتباعه لقراءة هذا المثل، فهو إعلان جديد عن ملكوت الله. يريد الإنجيلي أنّ يفسر لنا كيف يأتي الرّبّ ويدخل في علاقة معنا، كاشفًا عن طريقته في الخروج المستمر في تاريخنا البشري. هذا المنظور يحررنا من القراءة الأخلاقية للنصّ الكتابي فهو ليس نصًا يدعونا فقط إلى التصرف بشكل أخلاقي تجاه إخواننا من البشر وليس مجرد مسألة تحذيريّة من حسد الإنسان للآخر، بقدر إنّه إعلان عن الله وعن أفكاره وطرقه كيف يؤمن الرّبّ حياة كريمة لخلائقه بحسب دعوته للعمل (راج تك 3) ويدخل في حياتهم للعيش بحياة أفضل. الملكوت قريب منّا فهو داخل حياتنا البشريّة وليس ببعيد! ينطلق رّبّ العمل برّوح الغيرة الّتي تحمل العمل والصلاح للبطاليّن (أنا وأنت)، الّذين يُعانون من اللاعمل.



هذا المثَل الّذي وضعه متّى الإنجيلي على لسان يسوع، في حقيقته بسيط إلّا إنه يحمل مفهوم لّاهوتي عميق. بعد أن أشار في المقدمة أنّ هذا المثل هو ما يشبه حقيقة الملكوت الأبدي يمكننا التمتع به من خلال حياتنا الأرضية. يستمر يسوع في رواية المَثَل مشيراً بأنّ هناك رّبّ العمل الـمعرَّوف بأنّه مالك الأرض، وهو تعبير يتكرر سبع مرات في إنجيل متّى. ونجده على وجه الخصوص في خطبة الأمثال (راج مت 13 :27)، وهو أيضًا مثل آخر عن الملكوت. أيضًا في مثل الكرم يكون المالك هو الله نفسه، وتعمل رواية المثل على وصف طريقة تصرفه. صاحب الكرم، في مثلنا لديه كرم فائق الطبيعة وهو بذاته يخرج في ساعات مختلفة داعيًا عمالاً للعمل اليّومي لديّه. الكرم في الكتاب المقدس يشير إلى إسرائيل (راج أش 5: 7). لذلك، ليس إسرائيل هو موضع التساؤل في هذا المثل، كما سنكتشف أنّ النتيجة النهائية: «هَكذا يَصيرُ الآخِرونَ أَوَّلين والأَوَّلونَ آخِرين» (مت 20 :16) ومستقبلاً سينطبق هذا على إسرائيل، كشعب الله ثمّ الكنيسة وعلاقتها بالله. ثم يروي الإنجيلي بأنّ قرار المالك بالخروج من كرمه باحثًا عم عمال لكرمه سيتم في أوقات مختلفة من اليّوم داعيًا دائمًا العمال الجُدد إلى كرمه بذات الصيغة: «اِذهَبوا أَنتُم أَيضاً إِلى كَرْمي، وسَأُعطيكُم ما كانَ عَدْلاً» (مت 20: 4. 5. 6. 7). خرج صاحب الكرم، عند الفجر، ثمّ في التاسعة صباحًا، وعند الظهر، وعند الثالثة عصرًا وأخيراً في الساعة الخامسة، فهو بذاته يخرج ويدعو العمال للعمل في كرمه. يدهشنا رّبّ العمل هذا فهو دائمًا في حالة تنقل، فهو لا يرتاح طوال اليّوم إلّا إذا وجد عمالاً جدداً لكرمه ولا يمكنه تحمل استبعاد شخص ما بطالاً دون عمل بالساحة ينتظر مَن يطلبه للعمل، فهولاء ما يُطلق عليهم "عمال اليوميّة" بالمجتمعات الشرقيّة. ثم يحاورهم قائلاً: «لِماذا قُمتُم هَهُنا طَوالَ النَّهارِ بَطَّالين؟» (مت 20: 6). يرتكز متّى على سلوك صاحب الكرم وبحثه عن عمل يومي لعمال بطاليّن متواجدين بالساحة ينتظرون مَن يطلبهم للعمل متفقًا مع كلاً منهم على حدى على دينار كأجرة.


 
قديم 13 - 05 - 2024, 01:09 PM   رقم المشاركة : ( 160300 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,223,289

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



منطق الملكوت (مت 20: 16)



بعد أنّ عَيَرَ العمال الأوائل عن أفكارهم ومنطقهم البشري، نُفاجأ باجابة صاحب الكرم الّذي تبع فكره الجديد والّذي يكمن فيه ذروة تعليم يسوع بـمَثَله وغايته. لا يريد المـَثل أن يلفت الانتباه إلى العمال المتذمرين، بل إلى السلوك المنعكس لرّبّ العمل الّذي يكشف عن سلوك الله تجاهنا وطريقة تفكيره فينا نحن العمال البطاليّن. نحن، ذوي النظرة المحدودة والمنغلقة نميلُ إلى مستحقاتنا وأجرنا، يتم الدفع لنا في الأعمال المختلفة الّتي نقوم بها على أساس خدماتنا وساعات العمل الّتي أتممّناها. الدفع بالساعة، أو بالوزن ... إلخ، إلّا أن المفاجأة هي أنّ الله لا يفكر بطريقتنا. لا يتبع المنطق البشري، بل يفوقه بسخائه لذا نسمعه مؤكداً أفكاره قائلاً: «يا صَديقي، ما ظَلَمتُكَ، أَلم تَتَّفِقْ مَعي على دينار؟ خُذْ ما لَكَ وَانصَرِفْ. فَهذا الَّذي أَتى آخِراً أُريدُ أَن أُعطِيَهُ مِثلَك: أَلا يَجوزُ لي أَن أَتصرَّفَ بِمالي كما أَشاء؟ أَم عَينُكَ حَسودٌ لأَنِّي كريم؟» (مت 20: 13-15). هذا هو منطق ملكوت الله إنه ملكوت لا يُدفع أجر المرء بالساعة، لكن كل شيء يُعطى وفقًا لصلاح الله وبسخاء وبدون أيّ إستحقاق منّا. الرّبّ هو الّذي يمنحنا بفيض نعمته وليس بحساباتنا وطرقنا. لكننا نحن البشر المنغلقين على طرقنا وأفكارنا الّتي تتسم بالأنانيّة، نجد صعوبة في قبول أسلوب الله هذا وجعله خاصًا بنا، وقدّ نقع في خطيئة "حسد الآخر" والسبب هو سخاء الرّبّ معه. علينا أن نتنبه ونقرأ بواقعية كلمة الله الّتي تنير حياتنا لتحررنا من طرقنا وأفكارنا بل تدفعنا لمعرفة الله بشكل زائف وليس بحسب حقيقته الصالحة!




 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 11:55 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024